النهار

كيف تحوّلت الأزياء والموضة إلى وسيلة دعم للقضيّة الفلسطينيّة؟
علاء زريفة
المصدر: النهار العربي
من بداية حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شهدت حملات التضامن- عربياً وعالمياً- أشكالاً وصوراً متعددة، منها حملات مقاطعة الشركات التي تدعم الكيان، والنجوم العرب الذي يروّجون لها، وتحديداً ممّن شاركوا في الحملة الترويجية الأخيرة لشركة "بيبسي"، و"المشاهير المتواطئين أو الصامتين" والمطالبة بإلغاء متابعتهم وحظرهم. الزي الفلسطيني كان من ضمن تلك الحملات المتضامنة، وتحديدا الكوفية، باعتبارها جزءاً أصيلاً من هذا الزيّ وتعبيرا سياسيا صارخا عن حالة التضامن مع فلسطين، وكصحوة عالمية كسرت هيمنة السردية الصهيونية التي تبنّاها الإعلام الغربي على مدار عقود في "تجريم الضحية" و"تجميل وجه القاتل وتبرير جرائمه" المرتكبة منذ أكثر من 75 عاماً، وتضليل الرأي العام الغربي لاسيما بعد "محرقة الخيام" الأخيرة في رفح التي كشفت للعالم "الطبيعة النازية" لدولة الاحتلال.
كيف تحوّلت الأزياء والموضة إلى وسيلة دعم للقضيّة الفلسطينيّة؟
بيلا حديد
A+   A-
من بداية حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شهدت حملات التضامن - عربياً وعالمياً - أشكالاً وصوراً متعددة، منها حملات مقاطعة الشركات التي تدعم الكيان، والنجوم العرب الذين يروّجون لها، وتحديداً ممّن شاركوا في الحملة الترويجية الأخيرة لشركة "بيبسي"، و"المشاهير المتواطئين أو الصامتين" والمطالبة بإلغاء متابعتهم وحظرهم. 
الكوفية كانت من ضمن تلك الحملات المتضامنة، باعتبارها جزءاً أصيلاً من الزيّ الفلسطيني وتعبيراً سياسياً صارخاً عن حالة التضامن مع فلسطين. وصارت الكوفية بمثابة صحوة عالمية كسرت هيمنة السردية الصهيونية التي تبنّاها الإعلام  الغربي على مدار عقود  في "تجريم الضحية" و"تجميل وجه القاتل وتبرير جرائمه" المرتكبة منذ أكثر من 75 عاماً، وتضليل الرأي العام الغربي، لا سيما بعد "محرقة الخيام" الأخيرة في رفح التي كشفت للعالم "الطبيعة النازية" لدولة الاحتلال.  
 
"تجريم الكوفية" 
لم يعد الزي الفلسطيني الذي اقتحم عالم الموضة يحمل اليوم هويته التراثية المحلية فحسب، بل غدا رمزاً عالمياً للكفاح والنضال، وعلامة تأييد لقضية عادلة، وهوية إنسانية بالدرجة الأولى. 
هذا ما حدث في الرابع عشر من مايو/ أيار الماضي حين ارتدت عشرات السيدات أزياءً تراثية فلسطينية خلال تظاهرة في قلب العاصمة النرويجية أوسلو، وهن يحملن الأعلام الفلسطينية مطالبات بوقف المجزرة المستمرة. 
وعندما أقدمت مؤخراً العديد من النجمات خلال مهرجان كان السنيمائي في دورته الـ77، سواء تلميحاً أو تصريحاً، على التعبير عن موقفهن مما يحدث في القطاع المُحاصر. 
في الرابع عشر من ديسمبر/كانون الأول، وصفت صحيفة Sueddeutsche Zeitung الألمانية، بأن الكوفية الفلسطينية ذات المربعات البيضاء والسوداء هي "قماش المشكلة" على أثر المظاهرات التي قام بها نشطاء في برلين ارتدوا خلالها الكوفية. وقالت شرطة برلين إن ارتداء الكوفية ليس غير قانوني إلا إذا كانت تغطي الوجه. لكن شرطة برلين قالت إنها تستطيع تقييد التجمع أو حظره في الهواء الطلق إذا اعتقدت أن السلامة العامة في خطر داهم، وقد يشمل ذلك "حظر الكوفية". وفي الفترة ذاتها من شهر ديسمبر، تم إطلاق النار على متظاهرين في ولاية فيرمونت الأميركية يلفّون الكوفية حول أعناقهم. 
"دبوس غي بيرس"
كانت الكوفية لفترة طويلة رمزاً للنضال الفلسطيني، فهي بالنسبة لمن هُجر من أرضه بمثابة من يحمل منزله على كتفيه، ودلالة دائمة للوجود والمقاومة. ولها رمزية فنية خاصة تظهر في تصميمها وزخرفتها المتشابكة التي تدل إلى شبكة الصيد عند البحارة، أو أرواق الزيتون عند أهل الزراعة من الأجيال السابقة للفلسطينيين. 
 هذا البُعد السياسي يعود إلى فترة الثورة الفلسطينية بين عامي (1936-1939)، ضد سلطات الانتداب البريطاني عندما ارتداها جميع أهل فلسطين من كل الطبقات الاجتماعية، مطالبين بالاستقلال. 
ثم ترسّخ معناها مع زعيم منظمة التحرير الفلسطينية الراحل ياسر عرفات، الذي نادراً ما نجد له صورة بدونها، لا سيما وهي مطوية على شكل "خريطة فلسطين التاريخية". 
اليوم، وسط كل ما يحدث، فنانون ومؤثرون حاولوا التعبير عن تضامنهم مع القضية عبر الكوفية أو ارتداء أي شيء يرمز إلى فلسطين. انتشرت أخيراً صورة للممثل الأسترالي غي بيرس مع دبوس العلم الفلسطيني مُعلّق على بزّته خلال مهرجان "كان" في موسمه الأخير، لكنّ مجلة "فانيتي فير" الأميركية الشهيرة حاولت التلاعب بالصورة حين أخفت الدبوس بالرسالة القوية التي يحملها، ما أثار نشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتعود المجلة وتُقدم اعتذراً منشوراً في الـ29 من مايو/أيار الماضي عن "التلاعب الرقمي" بصورة بيرس. 
 
 
 
 
 
بين بيلا وسُلاف
عارضة الأزياء الأميركية ذات الأصول الفلسطينية بيلا حديد اختارت أن تُكرّم تراث بلادها في مهرجان كان السينمائي وتعيد انتباه العالم إلى قضيتها عبر ارتداء فستان مستوحى من شكل الكوفية، وكتبت تحت صورتها بالفستان عبارة "فلسطين حرة إلى الأبد". 
ظهرت الممثلة السورية سلاف فواخري بفستان مستوحى من الكوفية التقليدية ذات المربعات البيضاء والسوداء، مزين بخطوط حمراء، وكفين من اللون الأخضر للتدليل إلى العلم  الفلسطيني. ونشرت صورتها في صفحتها الرسمية عبر إنستغرام معلقة بالقول: "فلسطين كشفت الكذبة، وكسرت القيود، وتخطت الحدود، فلسطين الحلم واليقين". 
واختلفت الآراء بين مؤيد ومنتقد لظهور فواخرجي، بين من أثنى على خطوتها الأخيرة في ضوء التضامن العالمي، ومن اعتبر ظهورها "فاقعاً"، ووضعه في إطار "البهرجة الزائفة" ومحاولة "ركوب الترند" من خلال الاستعراض، وأن "الكوفية رمز وليست موضة".
 
 
 
 
"فستان سياسي" 
كانت الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت صاحبة الظهور الأكثر ذكاءً خلال مهرجان كان السنيمائي الأخير. ففي ضوء المنع والتحذير من "إقحام السياسة" خلال أعمال الدورة الـ77، ارتدت كيت فستاناً مميزاً مصنوعاً من الساتان باللونين الأبيض والأسود، وتباهت أمام أعين الكاميرات برفعه قليلاً وأظهرت بطانته الخضراء ليشكل مع السجادة الحمراء إيحاءً رمزياً لألوان العلم الفلسطيني دون أن تنبس ببنت شفة. 
وعلّقت صحيفة "نيويورك تايمز" عن رد الفعل حول ظهور بلانشيت  قائلةً: "تلقّت صور السيدة بلانشيت عشرات التعليقات مع رموز تعبيرية للعلم الفلسطيني أو البطيخة، وهو رمز يستخدم لإظهار الدعم للفلسطينيين". أضافت الصحيفة: "لم تعلّق السيدة بلانشيت علناً على الفستان. ولم يفعل ذلك مصمّمها السيد أكرمان أو ممثّلو دار "جان بول غوتييه"، بينما اعتبرته إحدى الصحف الفرنسية بأنه "فستان سياسي". 
 
 
 
 
 

اقرأ في النهار Premium