الصويرة: كريم السعدي
في دورة جديدة، يعد المنظمون بأن تكون استثنائية، يقترح مهرجان "كناوة وموسيقى العالم" بمدينة الصويرة المغربية ( جنوب الدار البيضاء ) ، التي تتواصل على مدى ثلاثة أيام، برنامجا يجمع أكثر من 400 فنان من 14 دولة، يتضمن 53 حفل موسيقي، ومنتدى لحقوق الإنسان، فضلا عن برنامج تكويني مع المؤسسة الموسيقية المرموقة كلية بيركلي للموسيقى، وموائد مستديرة حول ثقافة كناوة، علاوة على معرض فني مشترك لتقديم أعمال فنانين مغاربة.
وتفتتح الدورة ال25، غدا الخميس، بفقرتين بارزتين: عرض افتتاحي تقليدي وبهيج يجمع الزاويا المحليّة؛ وعرض ملون بقيادة معلمي كناوة، يجوبون خلاله ساحات وأزقة المدينة للقاء الصويريين وجمهور المهرجان من خارج المدينة والمغرب.
ويلي الافتتاح التقليدي والملون حفل موسيقي، يقول المنظمون إنه سيكون فريدا من نوعه " يحتفل بالأخوة عبر الأطلسي"، من خلال الجمع بين موسيقيين وراقصين من المغرب والبرازيل وإسبانيا و كوت ديفوار .
وسيكون الموعد، خلال هذا العرض الموسيقى، بحسب المنظمين، مع "تجربة موسيقية ومرئية حقيقية"، و"انفجار إيقاعات" تمزج بين أصناف كناوة والباتوكادا البرازيلية والفلامينكو والزاولي، ينتظر أن تكشف لرواد المهرجان عن "أوجه التشابه بين فنون قادمة من آفاق مختلفة".
وسيشهد هذا العرض، لأول مرة، لقاء "استثنائيا" بين ثلاثة أصناف فنية مدرجة على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، هي كناوة، الفلامنكو والزاولي، حيث سيمزج المعلمان حسن بوصو ومولاي الطيب الذهبي من المغرب، نفحاتهما الروحية مع إيقاعات المجموعة البرازيلية الملتزمة إيلي آيي، المكونة من عازفي إيقاع يروجون للمكوِّن الإفريقي في موسيقى "باهيا". في حين ستواجه مجموعة دومانلي، التي تمارس الزاولي - الفن الشعبي الإيفواري الذي يجمع، في نفس العرض، القناع والزي والموسيقى والرقص، فنان الفلامينكو نينو دي لوس رييس(إسبانيا) برفقة عازف الإيقاع سيرجيو مارتينيز (إسبانيا).
ويقول المنظمون إن هذا الحفل الذي "يترقبه الجميع، سيطبع تاريخ المهرجان بلا شك"، مع إشارتهم إلى أن تصميم برمجة دورة هذه السنة من المهرجان " صمم بعناية فائقة لتقديم مجموعة واسعة من الأصناف الموسيقية والفنانين وتبني اختيارات متطلبة وشعبية"، حيث تقدم الدورة برنامجا "جريئا وشاملا"، يعكس "السمة المميزة لهذا الحدث الذي يهدي لرواده ومحبيه، كل دورة، تجربة فريدة من نوعها في العالم".
وتكتسي دورة هذه السنة من المهرجان، والتي يتوقع المنظمون أن تستقطب أزيد من 400 ألف زائر من حوالي أربعين دولة ومن كل أنحاء المغرب، طابعا خاصا.
وبالموازاة مع الحفلات الموسيقية التي يقدمها المهرجان على مدى ثلاثة أيام، تناقش الدورة الحادية عشر لمنتدى حقوق الإنسان، ضمن البرنامج العام، موضوعا يتمحور حول "المغرب وإسبانيا والبرتغال: تاريخ بمستقبل واعد"، بمشاركة شخصيات من خلفيات مختلفة، وذلك في إطار ثلاث موائد مستديرة موضوعاتية، تسبقها مداخلة تمهيدية للرئيس الأسبق للحكومة الإسبانية، خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو.
وتهدف دورة هذه السنة من المنتدى، الذي ينظم بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج، إلى مقاربة واستكشاف العلاقات الغنية والمعقدة التي تربط بين هذه البلدان الثلاثة، على بعد سنوات قليلة من الحدث التاريخي المهم المتمثل في تنظيمهم المشترك لدورة كأس العالم لسنة 2030، حيث سيعمل المشاركون على طرح ومناقشة مواضيع لها علاقة بالتاريخ المشترك لهذه البلدان، ومكانة ودور الجاليات، والهجرة والتنقلات البشرية، وتأثير تنظيم مونديال 2030 على مسألة الجوار.
وبشأن موضوع دورة هذه السنة من المنتدى، التي تنظم يومي الجمعة والسبت، أوضح المنظمون أن المغرب وإسبانيا والبرتغال سينظمون في 2030، دورة مشتركة لكأس العالم لكرة القدم، وذلك ضمن ترشيح موحد "يعد دليلا قويا على الروابط المتينة التي تجمع البلدان الثلاث منذ أزيد من ألف سنة، طبعتها تدفقات إنسانية واقتصادية وثقافية متفاوتة حسب الظروف والأحداث، دون أن تعرف انقطاعا أو توقفا. وبالمقابل، لم تكن هذه العلاقات دائما مثالية وخالية من المشاحنات والصراعات من كل نوع.
بالنسبة لمنظمي المنتدى، يشكل تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، والتنظيم المشترك لكأس العالم 2030، "تقدما حقيقيا وفرصا ثمينة سانحة ومعينة على تقوية الحوار والتعاون. كما أن التحديات والمتغيرات التي تواجه الدول الثلاث تغيرت من حيث طبيعتها، متطلبة قدرًا أكبر من الإبداع والتفاهم والاحترام المتبادل".
وسيطرح المنتدى جملة من الأسئلة، تتوزعها ثلاث موائد مستديرة موضوعاتية يجتمع خلالها مثقفون وفاعلون سياسيون واقتصاديون ونقابيون من البلدان الثلاثة، من قبيل: ما هي الآثار المتوقعة للتنظيم المشترك لكأس العالم لكرة القدم على مستقبل العلاقات بين الدول الثلاث؟ وأي دور للمجتمع المدني وللمثقفين وللفنانين وللرياضيين؟ كيف تتطور التدفقات الإنسانية بين الدول الثلاث؟ ما هي تمثلات الجاليات الثلاثة للمنفى والمجتمع والوطن؟
ويقول المنظمون، إن دورة هذه السنة من المهرجان التي "تجر وراءها سنوات من الخبرة والتجارب"، ستشكل "بداية لمسار جديد، متطلع إلى المستقبل وحامل لمشاريع هيكلية ومستدامة".
ورسم المهرجان لنفسه، منذ إحداثه سنة 1998، أهدافا رئيسية، من أهمها "صون ورد الاعتبار لتراث ثقافي ذو جذور افريقية أصيلة مهدد بالزوال والاندثار"، ثم "تأهيل وجهة مدينة الصويرة المتفردة والغنية بمعطياتها المتنوعة والتي كانت بدورها تمر بفترات ركود عصيبة"، فضلا عن "المساهمة في إشعاع الثقافة المغربية على المستوى العالمي".
واليوم، لا يخفي المنظمون رضاهم على ما أنجز من مشاريع وتحقق من أهداف. ويقولون إنه بعد كل الدورات التي مرت، وبعد كل ما تم إنجازه، "يجب الإقرار بأن ما تحقق من أهداف فاق كل توقعات البدايات".
وترى نائلة التازي، منتجة المهرجان أن "ثقافة كناوة الأصيلة والمتجذرة تعد كنزا لا يقدر بثمن"، مشيرة إلى أنهم عملوا على "حمايته والدفاع عنه بشغف وحماس لما يفوق 25 سنة متواصلة"، إلى أن تم إدراجه ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية من طرف منظمة اليونسكو.
بالنسبة للتازي، فالموسيقى الكناوية "تركت بصمة واضحة وتأثيرا ملموسا على الساحة الموسيقية العالمية"، كما أن "التراث المناوئ والمهرجان أسهما في إشعاع المغرب" و"إبراز القيم التي يؤمن بها ويدافع عنها: قيم السلام والتعايش والانفتاح على العالم".