النهار

مهرجان "كناوة" في المغرب يحتفي بـ"25 سنة من الشغف والالتزام"
المصدر: النهار العربي - كريم السعدي
شكل انطلاق الدورة ال25 لمهرجان "كناوة وموسيقى العالم"،مساء الخميس، بمدينة الصويرة المغربية، فرصة لاستحضار المسار الذي قطعته هذه التظاهرة الفنية
مهرجان "كناوة" في المغرب يحتفي بـ"25 سنة من الشغف والالتزام"
جانب من مهرجان "كناوة" في الصويرة المغربية
A+   A-
 
شكل انطلاق الدورة الـ 25 لمهرجان "كناوة وموسيقى العالم"، مساء الخميس، بمدينة الصويرة المغربية، فرصة لاستحضار المسار الذي قطعته هذه التظاهرة الفنية، التي رسمت لنفسها، منذ إحداثها سنة 1998، أهدافا رئيسية، من أهمها "صون ورد الاعتبار لتراث ثقافي ذو جذور افريقية أصيلة مهدد بالزوال والاندثار"، و"تأهيل وجهة مدينة الصويرة المتفردة والغنية بمعطياتها المتنوعة والتي كانت بدورها تمر بفترات ركود عصيبة"، فضلا عن "المساهمة في إشعاع الثقافة المغربية على المستوى العالمي".
 
الحضور الرسمي النوعي، ممثلا في أندري أزولاي، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس المؤسس لـ"جمعية الصويرة موغادور"، ومحمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، وخوسي لويس رودريغيز ثاباتيرو، الرئيس الأسبق للحكومة الإسبانية، فضلا عن مسؤولين محليين وضيوف مغاربة وأجانب، والمتابعة الجماهيرية الكبيرة التي ميزت افتتاح دورة هذه السنة، أكدا القيمة التي صار يحظى بها المهرجان، مغربيا وعالميا، بعد "25 سنة من الشغف والالتزام"، حسب مديرته ومنتجته نائلة التازي.
 
 
ولأن الأمر يتعلق، في دورة هذه السنة، بوصول المهرجان إلى محطته الخامسة والعشرين، فقد سطر المنظمون برنامجا موسيقيا يجمع أكثر من 400 فنان من 14 دولة، يتضمن 53 حفلا موسيقيا، وفقرة تحت عنوان: "شجرة الكلام"، للتداول الهادىء والرزين بين فنانين وموسيقيين وصحافيين دوليين، في أجواء ودية من أجل حوار بناء حول قضايا متنوعة، و"منتدى حقوق الإنسان"، فضلا عن برنامج تكويني مع "كلية بيركلي للموسيقى" من الولايات المتحدة، وموائد مستديرة تتناول "ثقافة "كناوة" بين الشفهية والطقوس"و"تحولات ثقافة "كناوة""، علاوة على معرض فني مشترك لتقديم أعمال فنانين مغاربة، تحت عنوان "نور وحركة في التنوع".
 
 
على مستوى برنامج اليوم الأول، وبعد متعة موكب الفرق المشاركة، الذي طاف بأهم شوارع المدينة، وجاء بمثابة لحظة حقيقية للبهجة والفرح الغني بألوان زاهية نثرها فنانو "كناوة"، وهم يهيمون بين دروب الصويرة طلبا للقاء ساكنتها وترحيبا بضيوفها، ومعلنين معا، انطلاق الدورة الخامسة والعشرين للمهرجان، كان الموعد بمنصة مولاي الحسن، مع عرض موسيقي، بعنوان "التآخي العابر للمحيط عبر الإيقاعات"، اختاره المنظمون احتفالا ب"الأخوة عبر الأطلسي"، قدمت خلاله تجربة موسيقية مزجت بين فنون "كناوة" من المغرب، و"الباتوكادا" من البرازيل، و"الفلامينكو" من إسبانيا، و"الزاولي" من كوت ديفوار، وتميز بجمعه، لأول مرة بين ثلاثة أصناف فنية مدرجة على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، هي "كناوة"، "الفلامنكو"و"الزاولي".
 
 
ويقول المنظمون إن ثقافة "كناوة" هي مثال حي على تراث غير مادي شكل العلاقة عبر الأطلسي بين إفريقيا والأميركيتين، تراث يتم تخليده من خلال الموسيقى، مثل موسيقى البلوز والجاز.
 
في كلمة الافتتاح، قالت نائلة التازي، مديرة ومنتجة المهرجان، إن هذا الأخير أثبت أن "الثقافة ليست مجرد ترف"، بل هي "قوة حقيقية ورافعة أساسية للتنمية"، مشيرة إلى أن مدينة الصويرة "أصبحت اليوم نموذجا على الصعيدين الوطني والدولي ومنارة للثقافة والانفتاح والتعايش والتضامن".
 
وأضافت: "من قلب مدينة الصويرة نرسل اليوم رسالة تضامن كامل إلى فلسطين وإلى الشعب الفلسطيني ورسالة سلام إلى العالم".
 
وشددت التازي على أن المهرجان يستضيف، في دورة هذه السنة، "بنفس روح السلام والتضامن"، فنانين من أكثر من 14 دولة، مع إشارتها إلى أن المهرجان "أصبح حدثا تاريخيا" يشهد على "استثنائية وتنوع" ثقافة المغربية في المشهد الفني العالمي، كما أصبح "مدرسة حية للإشعاع الفني وللتعايش بين الثقافات".
 
وأضافت أن المهرجان نجح بفضل مجهودات الجميع، وخاصة سكان الصويرة في "إبراز فن وثقافة "كناوة"، حيث جذب الفنانين والجمهور من جميع أنحاء العالم".
 
ورأت أن تسجيل "كناوة" كتراث عالمي غير مادي لدى اليونسكو "يعتبر اعترافا دوليا بقيمته الفنية والثقافية في بلد أصبحت فيه الصناعة الثقافية والإبداعية رافعة للنمو الاقتصادي".
 
وشددت التازي، في هذا السياق، على أن التزام المغرب بالمحافظة على التراث الثقافي المغربي وإشعاعه على الصعيد الدولي يجسد حرص الملك محمد السادس الدائم على "تعزيز الهوية المغربية والانفتاح على مختلف الثقافات".
 
من جهته، قال وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد، إن الاستثمار في الثقافة هو استثمار في الإنسان، ولأجل ذلك تنخرط وزارته مع مهرجان "كناوة" ومهرجانات مغربية أخرى، لأن "الثقافة هي الإنسان".
 
وشدد الوزير بنسعيد على أن وزارة الثقافة ستظل داعمة لهذا المهرجان ".
 
وبالموازاة مع الحفلات الموسيقية، وباقي الفقرات المرتبطة بفن وموسيقى "كناوة"، لدورة هذه السنة من المهرجان، التي يتوقع المنظمون أن تستقطب أزيد من 400 ألف زائر، اختارت الدورة الحادية عشر لمنتدى حقوق الإنسان، ضمن البرنامج العام للتظاهرة، أن تناقش، بداية من الجمعة، موضوعا يتمحور حول "المغرب وإسبانيا والبرتغال: تاريخ بمستقبل واعد"، تتوزعه ثلاث موائد مستديرة موضوعاتية، مع مداخلة تمهيدية لخوسي لويس ثاباتيرو.
 
وتهدف دورة هذه السنة من المنتدى، الذي ينظم بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج، إلى مقاربة واستكشاف العلاقات الغنية والمعقدة التي تربط بين هذه البلدان الثلاثة، على بعد سنوات قليلة من الحدث التاريخي المهم المتمثل في تنظيمهم المشترك لدورة كأس العالم لسنة 2030، حيث سيعمل المشاركون على طرح ومناقشة مواضيع لها علاقة بالتاريخ المشترك لهذه البلدان، ومكانة ودور الجاليات، والهجرة والتنقلات البشرية، وتأثير تنظيم مونديال 2030 على مسألة الجوار.
 
كما تتميز دورة هذه السنة من مهرجان "كناوة"، بإطلاق برنامج تكويني مع "كلية بيركلي للموسيقى" التي يوجد مقرها بمدينة بوسطن الأميركية، يهدف إلى "دعم والانفتاح أكثر على الشباب المبدع الآتي من ربوع المملكة ومن إفريقيا وباقي أقطار العالم".
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium