النهار

مسلسل "ترتيب خاص"... عن عبث "السوشيل ميديا" وصوره الزائفة
علاء زريفة
المصدر: النهار العربي
عرضت منصة "أمازون برايم" أخيراً المسلسل السوري اللبناني "ترتيب خاص" بحلقاته العشر، تأليف فؤاد يمين ورامي عواض، اخراج ميّار النوري في تجربته الأخراجية الأولى، وإنتاج شركة Falcon films"" لصاحبها صبحي سنان.
مسلسل "ترتيب خاص"... عن عبث "السوشيل ميديا" وصوره الزائفة
بوستر
A+   A-
   
عرضت منصة "أمازون برايم" أخيراً المسلسل السوري اللبناني "ترتيب خاص" بحلقاته العشر، تأليف فؤاد يمين ورامي عواض، اخراج ميّار النوري في تجربته الأخراجية الأولى، وإنتاج شركة Falcon films"" لصاحبها صبحي سنان. بطولة كل من: مكسيم خليل، كارول الحاج، ناتاشا شوفاني، فؤاد يمين، لين غرّة، مع ظهور خاص للنجم السوري عباس النوري. 
 
دراما خارج الصندوق
أثار المسلسل جدلاً منذ عرض "البرومو التشويقي"، بسبب ما يحتويه من حركات وجدها بعضهم غير لائقة، إضافة الى شتائم دارجة في لغة الشارع اليومية، علماً أنّ هذه اللغة باتت جزءاً أثيراً عند صنّاع الدراما. 
يرى كثيرون أن هذا "التوجّه الجريء" يعكس محاولة لجعل الدراما قريبةً من الواقع، بعدما كان يتهرّب الصنّاع من توظيف "لغة خادشة" قد ينفر منها المشاهد. بينما يجد آخرون أنّ هذه الجرأة في اللغة والمشاهد هي نوع من "حيلة درامية" مستخدمة بشكل كبير لزيادة التوتر والإثارة لدى المشاهد، دون أن تُضيف أي قيمة فنية للعمل. 
 
دافع عباس النوري عن العمل بتصنيفه كـ"دراما خارج الصندوق، ويتميز بخروجه عن النمط التقليدي الذي تعوّد عليه المشاهد في الأعمال العربية وما تقدّمه من قصص معينة بتسلسل معين". 
وكذلك، تحدث عن تعاونه مع ابنه ميّار - مخرج العمل- ودور جيل الشباب في الصناعة الدرامية العربية، قائلاً: "هذا الجيل يتمتع برؤى خاصة، وقادر على إحداث تغيير في مستقبل الدراما والعمل السينمائي، ليس فقط من خلال التجارب الجديدة، بل من خلال تقديم إبداع مختلف عن المعتاد". 
 
بدورها الفنانة السورية لين غرّة عبّرت عن سعادتها بالتعاون مع مكسيم خليل مجدداً، وأكّدت أنّها تقدّم شخصية مختلفة من خلال دور "هند"، الهيبية، التي تحاول التخلّص من رتابة حياتها، والتعويض عن الحرمان العائلي بإدمان المخدرات، والتواصل مع من يساعدها في جمعية "صُنّاع الأمل".  
 
 
"العبث سيّد الموقف" 
يتناول "ترتيب خاص" حياة الشاب السوري النازح في لبنان هرباً من الحرب أحمد أصابيعي (مكسيم خليل)، بقالب كوميدي سريالي. هو رجل مهمّش مَنسي يشعر أنه "ضحية دائمة" للمجتمع الذي لا يراه ولا يكترث لأمره، متقاطعاً بذلك مع بطل فيلم "الجوكر"، ذي السلوك "الفصامي". 
 
غالباً ما يتصور نفسه كبطلٍ خارق "يطير في الهواء" لإنقاذ أحداهن من لص، أو يحاول الانتقام لجارته المعنّفة، يمتزج فيه العبث بالمشاكل الوجودية التي يصطدم بها يومياً، الشاب الذي يُطرد مراراً من عمله، وغالباً ما تطارده صورة المؤثرة الاجتماعية ألما (كارول الحاج)، ويصبح مسكوناً بفكرة -مرضية أخرى- وهي السعي وراء الشُهرة أياً كانت الوسيلة.
إلى أن تسببت حادثة انتحار أحد الأشخاص، ويُدعى "منير" في تغيير حياته إلى الأبد، بعدما كان يأساً من الحصول على فرصة عمل، لينجح في الالتحاق في جمعية "Hope Makers أو صُنّاع الأمل" التي تساعد الأشخاص الذين يعانون من الأمراض النفسية ممن تراودهم أفكار انتحارية.
 
يستولي "أصابيعي" على هاتف منير، ويجري مكالمة هاتفية مع إحدى موظفات الجمعية ريما (ناتاشا شوفاني) يعطيها عنواناً خاطئاً لوجوده، في محاولة منها لمساعدته، ما يفجّر حملةً ضدّها لاحقاً، حيث يتهمها الجميع بالتسبب في وفاة الشخص المنتحر أصلاً. تكتشف زوجته كذبه وتفضحه أمام الكاميرات وهو يحتفل بنجاحه كـ"مؤثر جماهيري" و كمدير للجمعية بعد إقالة مديرها السابق قيس (فؤاد يمين)، في استدعاء آخر يتقاطع مع نهاية "الجوكر".
 

بُهرج "السوشيال ميديا" 
"الخلفية الوردية" طاغية على أجواء العمل، بما يذكّر بالمسلسل الكرتوني الشهير "بينك بانتر" (النمر الوردي)، لكنها تعاكس سيرة حياة البطل الذي يعاني من وسواس، قهري بحيث تحرّكه "فكرته المسيطرة عن ذاته"، فيحاول أن يقدّم المساعدة للآخرين، ويمدّ لهم يد العون.
 
لكنه أيضاً، يحمل "كارما سلبية" سرعان ما تهدّد حياتهم، وتسبّب الأذى لهم. كما يسيطر عليه سلوك عدواني تجاه من يعارضون رغباته وأمنياته، ليتورط بالعديد من الجرائم التي تقوده في نهاية الأمر إلى السجن.
 
رغم الإقناع والظُرف، الذي يوحي لنا به مكسيم خليل كمشاهدين من خلال أدائه للشخصية، هو لا يتخلّى عن بعض اللوازم اللفظية كـ"لا تهكلي هم، عندي" على طريقة "جبل شيخ الجبل" في "الهيبة"، لكنه على العكس من الأخير، يشابه حاله حال "النملة التي تعيش داخل جدران وهمها الخاص، وبالكاد يُعيل نفسه، مكتفياً بتناول "الأندومي والبيض المسلوق". إضافةً، للحركات الاستعراضية كـ"حركة كريستيانو رونالدو الاحتفالية " الشهيرة في المشهد الختامي.
 
رغم طابعه السنيمائي، لا ينطوي العمل على هدف أو مقولة أخيرة، فكأنه يفتقر الى المعنى، بحيث تبدو الأحداث "جوفاء"، رغم تسلسلها المنطقي والمكثف، وعنصر المفاجأة الحاضر دائماً، ما عدا بعض الإشارات حول الزيف الاجتماعي، وعالم مؤثري "السوشيال ميديا" الموازي للواقع، فيجد المشاهد نفسه مضطراً ليُحاكم البطل "أخلاقياً" في غياب أي تقديم لماضي الشخصية العُصابية، التي غالباً ما ترتكب حماقات وتسعى إلى الوصول نحو أهدافها عن طريق العنف والابتزاز. 
 
يحضر "هوس السوشيال ميديا" في أغلب تفاصيل العمل تقريباً. يتحول البطل الى مادة ترويجية دعائية لأحد المسؤولين الفاسدين، أو من خلال استعطاف متابعيه حول "أكاذيبه العائلية"، وشريكاً في برنامج "بودكاست" حول الصحة النفسية ونصائح التنمية البشرية مع "ألما". 
 
خلف هذا العالم الافتراضي الزائف الذي تجسّده "صورة البطل-الأداة"، ثمة وهم كبير وصورة فاقعة لواقع مغاير تماماً، يقدّمه الإعلامي نيشان -في ظهور تشريفي- كـ"مؤثر" في نهاية المسلسل، حيث تظهر "اللامبالاة المنتصرة" جليةً في إجابات "أحمد أصابيعي"، في استمرار للطابع العبثي للشخصية الذي يبدو أنه لا يصل إلى أي مكان!. 
 

اقرأ في النهار Premium