ما زالت حفلة الفنانة لطيفة التونسية في مهرجان طبرقة الدولي تثير جدلاً في تونس، على خلفية تصريحها الذي أغضب جزءاً كبيراً من الجمهور.
توجّهت الفنانة التونسية المهاجرة- وباللّهجة التونسية- بخطاب لكل الراغبين في الاستيطان في تونس قائلة: "اكلي جايين يسحايبوا تونس بش تولي بلادهم ويوطنوهم نقولولهم بلادنا ملك التوانسة فقط لا غير.. ملخر الله يحمي بلادنا ويحمي كل شبر منك يا تونس". وتعني بذلك أن من يريدون الاستيطان في تونس نقول لهم تونس للتونسيين فقط.
اعتبر جزء كبير من الجمهور ذلك تحريضاً على الكراهية والعنف، يستهدف الأفارقة المستوطنين في جنوب الصحراء التونسية.
وتراوحت التعليقات بين الاستنكار حيناً والاستهزاء أحياناً. وفي هذا السياق، دوّنت ريم بالخذيري رئيسة المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط، في منشورها، التالي: "هي أيضا سفيرة سابقة للنوايا الحسنة التي منحتها إياها منظمة اليونيسيف، ووجب سحب هذا الشرف منها. ما قالته لا يشرّف هاته المنظمة العريقة ولا يشرّف وزارة الثقافة التي وجب ان تتخذ موقفاً حاسماً من هذا التصريح المسيء لتونس".
كما عبّرت عن نيتها في مقاضاة لطيفة العرفاوي قائلة: "فالموقف الرسمي للدولة التونسية عبّر عنه رئيسها ووزير خارجيتها، وهو أن تونس لن تكون بلد توطين ولا عبور. ونحن بدورنا نتبنى هذا الموقف. لكنّ التعبير عنه بتلك الطريقة الفجّة ربما تقرّباً منها للسلطة لا يُقبل، ووجب عليها تقديم اعتذار رسمي وعلني والّا سأرفع في شأنها شكوى للقضاء وسأطالب اليونيسيف بصفتي رئيسة المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط بسحب ذلك الشرف منها".
ذكّر المحامي فوزي المعلاوي بالفصل 9 من القانون عدد 50 لسنة 2018 المتعلق بالقضاء على كل أشكال التمييز العنصري:
"يُعاقب بالسجن من عام إلى ثلاثة أعوام وبخطية مالية من ألف إلى ثلاثة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يرتكب أحد الأفعال التالية:
- التحريض على الكراهية والعنف والتفرقة والفصل والعزل أو التهديد بذلك ضدّ كل شخص أو مجموعة أشخاص أساسه التمييز العنصري.
-نشر الأفكار القائمة على التمييز العنصري أو التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية بأي وسيلة من الوسائل.
-الإشادة بممارسات التمييز العنصري عبر أي وسيلة من الوسائل.
تكوين مجموعة أو تنظيم يؤيّد بصفة واضحة ومتكررة التمييز العنصري أو الانتماء إليه أو المشاركة فيه.
- دعم الأنشطة أو الجمعيات أو التنظيمات ذات الطابع العنصري أو تمويلها.
لا تحول العقوبات الواردة بهذا القانون من تطبيق العقوبات الأشد المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل.
كما لا تحول المؤاخذة الجزائية دون القيام بالتتبعات التأديبية...".
وصلة عنصرية
نشرت صفحة "كلنا ضدّ المنقلب" باللهجة التونسية: لطيفة العرفاوي في وصلة عنصرية شعبوية مقيتة متناغمة مع المسار البارح في مهرجان طبرقة تستغل في قضية افارقة جنوب الصحراء ولغة الاستيطان متاع علفة القطيع وتغني في غناية برميان المعنى... موش كان تعطي قيمة للفن اللي تعمل فيه خيرلك و أحسنلك موش كل مرة عاملة وصلة للتقرّب من السلطة لأغراض يعلمها القاصي والداني ...الفن يخليك اكثر انسانية ومرهفة الحس وتساند قضية إنسانية أما زايد و أكهو".
ومن الجمهور أيضا من ذكّر بوسام الجمهورية الذي حصلت عليه لطيفة العرفاوي في عهد الرئيس الراحل والمخلوع زين العابدين بن علي، واعتبرها وفية للسلطة الحالية بتبنيها الخطاب نفسه حول ضرورة تهجير الافارقة.
وأمام موجة النقد والهجوم الذي تعرّضت له، ردّت لطيفة أخيرا في مداخلة على احدى الاذاعات التونسية الخاصة نافيةً كلام ريم بلخذيري بأنها حاصلة على الجنسية المصرية.
وخلال هذه الفترة، كان هناك تطلعات الى اعتذارها من الافارقة من منطلق أنّها فنانة والفنان يجب أن يكون حاملاً لرسالة إنسانية ويكون قريباً من الناس يستشعر همومهم.
وجدير بالذكر أنّه منذ بداية سنة 2024 تمّ تأمين عودة نحو 4 آلاف مهاجر إفريقي غير نظامي الى وجهات مختلفة، ويعيش في تونس 21466 مهاجراً من دول جنوب الصحراء بينهم طلبة، وفقاً لإحصاءات رسمية صادرة في العام 2021.