النهار

زاهي وهبي لـ"النهار العربي": فلسطين هي أندلس العصر الحديث
المصدر: النهار العربي
عشيّة اقتراب حرب الإبادة التي يمارسها الاحتلال الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة والضفّة الغربيّة من اتمام عامها الأوّل، يُعيد الإعلامي والشاعر اللبناني زاهي وهبي (60 عاما) إعادة إصدار "عائد في انتظارات النسوة " (منشورات مرفأ-2024) وهو مختارات من قصائد الشاعر عن فلسطين. والمعروف أن فلسطين لزاهي هي قضيّة إنسانية لامسته منذ الصبا ورافقته في مرحلتي الشباب والرجولة سواء في المعتقلات الاسرائيليّة أو في المسيرتين الإعلاميّة والأدبيّة. ومع استمرار العملين الثقافي والإعلامي في سبيل دعم القضيّة الفلسطينيّة عالميًّا وعربيًّا، تطرح قصائد زاهي وهبي القديمة الجديدة التساؤلات التالية من يتحكم بالآخر القصيدة الفلسطينيّة أم الشاعر؟ هل طباعة الكتاب هو تمهيد لكتابة جديدة عن فلسطين؟ وإلى أيّ حدّ وصلت العلاقة بين وهبي ومحمود درويش داخل القصيدة وخارجها؟ هذه التساؤلات وسواها كانت سببًا لمحاورة الشاعر في صحيفة النّهار العربي لنعرف أكثر منه عن فلسطين وصورتها المرسومة بقلمه وكتابته.
زاهي وهبي لـ"النهار العربي": فلسطين هي أندلس العصر الحديث
زاهي وهبي مع محمود درويش
A+   A-
 
بيروت - نبيل مملوك
 
عشيّة اقتراب حرب الإبادة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة والضفّة الغربيّة من إتمام عامها الأوّل، يُعيد الإعلامي والشاعر اللبناني زاهي وهبي (60 عاماً) إصدار "عائد في انتظارات النسوة" (منشورات مرفأ-2024) وهو مختارات من قصائد الشاعر عن فلسطين.
 
والمعروف أن فلسطين لزاهي هي قضيّة إنسانية لامسته منذ الصبا ورافقته في مرحلتي الشباب والرجولة، سواء في المعتقلات الإسرائيليّة أو في المسيرتين الإعلاميّة والأدبيّة. 
 
ومع استمرار العملين الثقافي والإعلامي في سبيل دعم القضيّة الفلسطينيّة عالمياً وعربياً، تطرح قصائد زاهي وهبي القديمة الجديدة التساؤلات التالية: من يتحكم بالآخر، القصيدة الفلسطينيّة أم الشاعر؟ هل طباعة الكتاب هو تمهيد لكتابة جديدة عن فلسطين؟ وإلى أيّ حدّ وصلت العلاقة بين وهبي ومحمود درويش داخل القصيدة وخارجها؟ هذه التساؤلات وسواها كانت سبباً لمحاورة الشاعر في "النهار العربي" لنعرف أكثر منه عن فلسطين وصورتها المرسومة بقلمه وكتابته.
 
 
مختارات فلسطينية
يعتبر زاهي وهبي الكتابة عن فلسطين واجبة وملحّة في كل وقت، فالحق لا يصير باطلاً وقضيّة فلسطين هي أكثر قضيّة ملحّة في العالم المعاصر، ويضيف لـ"النهار العربي" أنّ الكتابة عنها انتصار لهذا الحقّ في مواجهة الباطل الإسرائيلي الذي انكشفت نازيّته وهمجيّته انكشافاً فاضحاً وباتت شعوب العالم كلّها مدركة لهذا الواقع. 
 
يخبر وهبي القرّاء عن ظروف الطبعة الثانية لكتابه "عائد في انتظارات النسوة"، واصفاً إيّاها بطبعة التأكيد على التزامه بمناصرة القضيّة الفلسطينيّة، فضلاً عن أنّ الطبعة الأولى الصادرة عن دار موزاييك في عمّان قد نفدت، وكانت البادرة من دار مرفأ لإخراج طبعة ثانية تحمل قصائد حيّة ونضرة مهما تقادمت الأيّام، كونها مساهمة متواضعة في دعم كفاح الشعب الفلسطيني العادل والنبيل لأجل الحريّة والاستقلال.
 
يأخذنا صاحب مجموعة "يعرفكِ مايكل أنجلو" الشعريّة إلى داخل قصيدته الفلسطينيّة، مؤكداً أنّ النسيان غير وارد كون فلسطين جزءاً عضوياً من الوعي والوجدان، وهي مسألة ضمير قبل أن تكون مسألة وطنيّة أو قوميّة، ويؤكد "أن صيغة النداء في بعض القصائد تعود لطبيعة القصيدة نفسها ومضمونها، ولأنّ الأمل بالنداء يكمن في أن تكون هناك حياة لمن نناديهم، خصوصاً في أمّة العرب المنكوبة بألف نكبة ونكبة كونها لم تجد معالجة لنكبتها الأولى: نكبة فلسطين".
 
 
محمود درويش بين الصداقة والمبارزة 
يسهب زاهي وهبي في حديثه عن الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش (1941-2008)، فهو حاور صاحب قصيدة "جداريّة" من خلال القصائد الأثيرة إلى نفسه تماماً، كما حاوره شخصياً في العقد الأخير من عمره وضمن برنامج "خلّيك بالبيت" حين حلّ درويش ضيفاً مرّتين على تلفزيون المستقبل، معتبراً أنّ القصيدتين المهداتين له في الكتاب هما الاستمرار لهذا الحوار، كون درويش وفقاً لوهبي "ليس فقط شاعر فلسطين بل هو شاعر عرف دائماً كيف يتجاوز نفسه ويطوّر قصيدته المحمّلة بمضامين إنسانيّة عميقة وبعيدة المدى".
 
يجزم وهبي لـ"النهار العربي" دائماً، بأنّ "فلسطين أنبل وأرقى وأعمق من أن تكون موضع مبارزة أو مفاضلة"، سواء بينه وبين درويش أو شاعر آخر، فهي قضيّة الإنسان وامتحان يومي للضمير الإنساني كما قال إبراهيم نصر الله في تقديم الكتاب، فلكل جيل مقولته ولكلّ شاعر نصّه المبتكر، أمّا محمود درويش فيبقى قامة شعريّة شامخة على مرّ الأجيال.
 
القصيدة الفلسطينيّة والتريّث في صنعها 
فلسطين لم تكن إلا فردوس وهبي المفقود والحلم الدائم لكل أبناء جيله بالرجوع إليها. فالشاعر، ابن عيناثا القرية الجنوبيّة الحدوديّة، رضع حبّها مع حليب الأمّ وورث سحرها من حكايا الأجداد والآباء العاملين آنذاك في حيفا وسواها، ففلسطين والجنوب اللبناني توأمان وغير مستغرب أن تصبح  فلسطين وفقاً لوهبي بمثابة الأم والحبيبة.
 
يرى مؤلّف كتاب "كيف نجوت" أنّ تأثير الشعر تراكميّ وليس آنياً، فهو لا يحدث تغييراً فورياً ويحرس تضحيات الشهداء تماماً كما يحرس هؤلاء الأرض والإنسان بدمائهم، ويردف أنّ "الصراع مع المحتل هو صراع حول الرواية وحول الرواية الأصدق والأصحّ، ولا بأس أن تكون القصيدة أحياناً صرخة مدويّة في عالم أصمّ".
 
يلقي وهبي على المبدع مهمّة مقاومة الصمت حيال ما يجري من أحداث، لا سيّما إذا ارتبط الأمر بفلسطين، وإلّا فصفة الثقافة أو الإبداع التي اكتسبها تسقط عنه. والكتابة العميقة تحتاج بطبيعة الأحوال إلى مسافة زمنيّة بينها وبين الحدث، وستترك الإبادة الإسرائيليّة وما سبقها من عمليّة "طوفان الأقصى" أثراً في النّص الإبداعي الفلسطيني والعربي، وتوثيق ما ترتكبه دولة الاحتلال، شعرياً وروائياً ومسرحياً وسينمائياً وتشكيلياً وبكل الأشكال التعبيرية المتاحة. 
"لكنّ المسافة الزمنية المطلوبة إبداعياً لا تعفينا الآن من رفع الصوت عالياً لأجل إيقاف المذبحة، وانتصاراً للحق الفلسطيني في مواجهة الباطل الإسرائيلي".
 
 
سلطة القصيدة 
وفي ما يتعلّق بأثر طوفان الأقصى وعلاقة الشاعر بالقصيدة يقول وهبي: "إنّ الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني غيّرتنا جميعاً، وغيّرت كثيراً من الشرائح في العالم كله. ومن الطبيعي جداً أن تغيّر في النصّ الشعري والنثري بما يرتقي بهذا النصّ إلى مستوى ما يحدث، وما يحدث ليس بالأمر الهيّن والعابر. إنه منعطف تاريخي سوف يترك آثاره لعقود مقبلة وعلى كل المستويات".
 
وعن علاقته بقصيدته الفلسطينيّة يرى أن كليهما "يتناغم ويتحاور مع الآخر. فلسطين قصيدة كل إنسان حرّ. تمنح صاحبها فضاءً كاملاً من الحرية. الكتابة عن فلسطين تجعلك أكثر حرية، تجعل كلمتك حرة ونصّك حراً، وتجعل علاقتك بالحياة والوجود والكائنات أكثر حرية. باختصار فلسطين تحررنا نصاً وسلوكاً". 
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium