دخل المشاهير سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بطرق مختلفة في الأسابيع الأخيرة، والذي أصبح بمثابة "عُرف دائم" منذ الانتخابات الأميركية من عام 1920.
أعطى بعض أكبر الأسماء في عالم الموسيقى وهوليوود أصواتهم لمرشحهم المُفضل بين كل من كامالا هاريس ودونالد ترامب، فقد أعلن كل من تايلور سويفت، مات ديمون، لين مانويل ميراندا، رئيسة تحرير مجلة فوغ آنا وينتور جين فوندا، بن ستيلر وغيرهم كمؤيدين لهاريس. وانحاز إيلون ماسك، ستيف وين، الموسيقي كيد روك، مغنية الراب ونجمة تلفزيون الواقع آمبر روز، نجما موسيقى الريف كريس جانسون وجيسون ألدين، الممثلة روزان بار، والممثل جون فويت كؤيدين لترامب، على أمل تحريك الأمور وتحقيق "النصر" في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
"مليون صوت"
يبدو للوهلة الأولى أن المشاهير قادرون على توليد الحماسة لمرشح ما، ولكن من الصعب عموماً قياس "تأثيرهم" على التصويت النهائي لدى الناخبين. الاستثناء الوحيد هو أوبرا وينفري. ففي الفترة التي سبقت الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي في عام 2008، أيدت أوبرا وينفري باراك أوباما. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تؤيد فيها مرشحاً؛ فغالباً ما كانت مستقلة تحافظ على طابعها غير الحزبي اللا مُتحيز. وفي وقت لاحق، قدّر خبراء الاقتصاد في نورث وسترن وجامعة ماريلاند أنها كانت مسؤولة عن أكثر من مليون صوت من أصوات أوباما.
بعد فوز أوباما بالترشيح، خرجت بيونسيه أيضاً لدعمه، وكذلك فعل ليبرون جيمس، الذي ظل صامتاً بشأن السياسة حتى تلك النقطة. مايكل جوردن بدوره أيد أوباما قائلاً بنوع من الطرافة: "الجمهوريون يشترون الأحذية الرياضية أيضاً". كما عرض جون ماكين، المرشح الجمهوري، إعلاناً تجارياً أظهر الآلاف من الناس يهتفون باسم أوباما، مع صور لباريس هيلتون وبريتني سبيرز.
يعتبر لورانس ماسلون، أستاذ كلية تيش للفنون بجامعة نيويورك على سبيل "المفارقة الطريفة"، "أن التأييد يفيد المؤيد أكثر مما يفيد المتلقي، ويوضح أن أغلب تأييد المشاهير يشبه حدثاً للضغط، حيث يثير الاسم العريض ضجة ويجمع الأموال"، ولكنه في الوقت نفسه "يرتبط بالقوة المحتملة للمرشح الفائز". بعبارة أخرى، بالنسبة لماسلون فـ"إن المشاهير لديهم مكاسب أكبر من المرشح نفسه".
"سيدة القطط"
أحدثت نجمة البوب الحسناء تايلور سويفت (34 عاماً) صاحبة الشعبية الجارفة التي لا تُمس، والأكثر نفوذاً وتأثيراً في الشباب الأميركي من أي رئيس قادم، الضجة الأكبر مساء الثلثاء الماضي عندما نشرت في صفحتها الشخصية عبر "إنستغرام" التي يتابعها 284 مليوناً: "سأعطي صوتي لكامالا هاريس وتيم والز في الانتخابات الرئاسية لعام 2024". وتابعت حول أسباب تأييدها لهاريس: "سأصوت لكامالا هاريس لأنها تناضل من أجل الحقوق والقضايا التي أعتقد أنها بحاجة إلى محارب للدفاع عنها. أعتقد أنها زعيمة ثابتة وموهوبة وأعتقد أننا نستطيع أن نحقق الكثير في هذا البلد إذا كنا بقيادة هادئة لا فوضوية".
أعربت سويفت عن "سعادتها وإعجابها" باختيار هاريس لحاكم ولاية منيسوتا تيم والز كزميل مرشح لها، كونها تعتبره "بطلاً" مُدافعاً عن حقوق الأقليات الجندرية و"التلقيح الصناعي، وحق المرأة في امتلاك جسدها لعقود من الزمن". ووصل عدد المعجبين بالمنشور إلى أكثر عن 10 ملايين ونصف مليون متابع.
استنكرت سويفت ما نشره رواد مواقع التواصل الاجتماعي عبر استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي لترويج فكرة أنها تؤيد حملة ترامب الانتخابية، ووصفت ذلك بـ"التزوير".
ولم تكتف بالتعبير عن موقفها المؤيد لهاريس، بل دعت متابعيها لأن يحذوا حذوها ودعم مرشحتها، موقعةً على منشورها بعبارة "سيدة القطط التي ليس لديها أطفال"، في إشارة تحدٍ تهكمية لعبارة السيناتور جيه دي فانس المرشح الزميل لترامب الساخرة التي يصف بها الديموقراطيات بأنهن سيدات القطط غير المنجبات، مرفقة منشورها بصورة لها مع قطتها لتتصدر لاحقاً غلاف مجلة التايم الشهيرة.
"انتصار حاسم"
كانت "المفاجأة السعيدة"، هي التعبير المناسب في أوساط الداعمين لحملة هاريس. فالجميع ينظر إلى دعم المغنية لهاريس عقب المناظرة بأنه جزء من "انتصار حاسم"، ليس لأنّها صاحبة "وزن سياسي" بل كنجمة محبوبة لها قدرتها الكبيرة على "جذب الدعم" والتأثير على الأنصار من معجبيها.
هذا الدعم ربما كان متوقعاً باعتباره امتداداً لدعمها السابق للرئيس جو بايدن وهاريس خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2020، حين سمحت لحملة بايدن-هاريس باستخدام أغنيتها "Only the Young" في إعلان خلال دورة 2020.
وكذلك ظهرت "ميولها الديموقراطية" جليةً في عام 2018، عندما استخدمت "إنستغرام" لدعم الديموقراطيين في ولاية تينيسي في سباق مجلس الشيوخ ضد المرشحة الجمهورية مارشا بلاكبيرن، التي لم توافق سويفت على سجلها في التصويت بشأن قضايا المرأة والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجندرية.
ظهر ذلك جلياً عبر فيلمها الوثائقي Miss Americana أو "ملكة جمال أميركا" عام 2020 عبر نيتفليكس، الذي سجل معركتها خلف الكواليس.
لكنّ منشور سويفت على "إنستغرام"، والذي حثت فيه متابعيها على التصويت، أدى إلى تنشيط الشباب في أميركا.
يتأتى الصدى الإعلامي المرافق لـ"تأييد سويفت" من كونها عرابة موسيقية أيقونية و"قوة ثقافية شعبية"، ذات تأثير عريض بـ"الجيل زد" أو ما يُسمى "Gen Z"، وهم فئة الشباب المولودين بين عامي 1997 و2012، ممن يمثلون شريحة "الناخبين الشباب". وذلك من خلال كتابتها السردية المبتكرة لأغانيها، إضافة إلى تصريحاتها المميزة وتأثيرها في عالم الموضة.
تتردد أصداء موسيقى تايلور سويفت وأسلوبها وذكائها التجاري أن تمكّن جيلاً بأكمله وتلهم بعمق جيل "Z"، وهذا ما يتجسد بوجود الآلاف متحلّقين حول منصة عروضها الغنائية، ويستحوذون على النسبة الأكبر من متابعيها عبر يوتيوب الذين يقربون من الـ60 مليون متابع.
"سأعطيكِ طفلاً"
لم تكن أصداء منشور سويفت إيجابية لدى الجمهوريين الذين خسروا المناظرة، وعلى رأسهم المرشح دونالد ترامب الذي أعلن صراحةً أنه "لا يحب سويفت" كونها "شخصاً ليبرالياً جداً"، بشكل لا يليق بسيدة ذات جذور ريفية، معتبراً أن موقفها السياسي سيؤذي مسيرتها الفنية بالقول: "يبدو أنها تؤيد الديموقراطيين دائماً، وربما تدفع ثمن ذلك في السوق".
ونشر أخيراً تغريدة في صفحته على منصة X تسخر من حملة "سيدات القطط اللواتي لا ينجبن"، بصورة قطة تحمل لافتة تقول لمنافسته هاريس "اكرهيني". وليبدو الأمر كـ"حملة كراهية"، خصوصاً بعد هجوم ترامب وتحذيره للشعب الأميركي من المهاجرين "الغرباء الذي يأكلون لحوم حيواناتهم الأليفة".
بدوره، إيلون ماسك المؤيد للجمهوريين غرّد ساخراً من خلال تقديم عرض لسويفت بـ"منحها طفل"، وأنه يتعهد برعاية قطتها وأن "يفديها بحياته" قائلاً: "حسناً تايلور، أنت فزتِ، سأعطيكِ طفلاً وأعتني بقططك بكل ما لدي من قوة". وهذا ما جرّ عليه سيلاً من الانتقادات وردود فعل مستهجنة لتغريدته "المُخيفة" بالنسبة إلى كثيرين، فعلق بعضهم بأن كلامه مجرد "هراء"، ونوع من "المغازلة الرخيصة" لامرأة من قبل رجل خمسيني. أما منشور سويفت فهو سيظلّ بمثابة "ضربة قاضية" لحملة ترامب الانتخابية.