سامر اسماعيل
تمكن مسلسل "العميل" في نسخته المعرّبة على منصة "شاهد" من جذب انتباه المشاهدين، حتى غدا حديث مواقع التواصل الاجتماعي، وأسباب ذلك عديدة، ابتداءً بقصته الدرامية المحكمة، مروراً بأداء الممثل سامر إسماعيل الذي يحقق اليوم نجومية خاصة بعد تجسيده دور "أمير"، وصولاً إلى الجانب البوليسي المشوق والمليء بالغموض، إضافة إلى أن المسلسل لا يقوم على المدّ والتطويل، كما في باقي المسلسلات المستوحاة من أعمال تركية.
ليس الأول
الأكيد أن مسلسل "العميل" ليس أول عمل تركي معرب، فاللائحة تطول بأعمال سابقة تدور في معظمها حول "القصص الرومانسية" والحكاية المكررة لبنت فقيرة تحب شاباً غنياً أو العكس، مع نهايات سعيدة تعجب الجمهور، على طريقة "الدليفري" أو ما يطلبه المشاهدون... نهاية مضمونة بـ"ستاندرد" جماهيري.
مسلسل "العميل" مختلف كونه أولاً مسلسلاً بوليسياً يقوم على خلق خطوط درامية عدة لثنائية تجمع بين شخصيتين متناقضتين: شرطي متخفٍ كمجرم (أمير)، ومجرم متخفٍ بزيّ شرطي (وسام).
النقطة الثانية في الاختلاف أن النسخة التركية المقتبس عنها العمل واسمها "في الداخل"، ليست أفضل من النسخة العربية كما هي الحال في مسلسلات أخرى مُعربة. ويمكن القول في هذه المرة أن النسخة العربية "قد تكون" أفضل من الأصل التركي، خصوصاً أن عماد العمل ممثلون سوريون من الطراز الثقيل، أبرزهم القامة أيمن زيدان بحضوره الطاغي في دور "ملحم" المجرم ورجل العصابات وصاحب مطعم يعامل الناس معاملة الخِرفان.
يقابله البطل "أمير" الذي يلعب دوره سامر إسماعيل، ويحصد ثناءً جامعاً كتحرٍ يتخفى وراء شخصية "مجرم" ويسعى للإيقاع بملحم الذي دمر عائلته. واللافت أن أسهم إسماعيل بدأت ترتفع منذ أن شارك بالخط الدرامي لمسلسل "كسر عضم" في جزئه الأول، من إخراج رشا شربتجي، إذ أدى دور الرائد ريان، ضحية فساد والده، ليتألق بعدها في مسلسل "ولاد بديعة" الذي مهد ربما لحصوله على البطولة هذه، حيث أدى شخصية شاهين ابن "الدباغات".
وتأتي هذه النجاحات المتتالية أخيراً بعد فترة طويلة نسبياً أعقبت مشاركته كبطل رئيسي في مسلسل "عمر". ومن يتابع المسلسل بنسخته العربية، سيتبّن له أن إسماعيل تمكن من التفوق على بطل النسخة التركية، وأضاف إلى دوره كثيراً من التشويق والحرفية، بلا مبالغة.
وهذا ما نلحظه أيضاً في دور "الضابط وسام" شقيقه وغريمه، الذي يجسده الممثل اللبناني وسام فارس بحرفية تتجلّى في قدرته على التعبير عن مشاعر متناقضة تتراوح بين التردد والشك والتواطؤ.
عودة لافتة
ولاقت عودة الفنانة يارا صبري إلى المشهد الدرامي تفاعلاً إعلامياً، لكنّ الاختلاف على موقفها السياسي لا يعني انقساماً حول موهبتها الفنية، التي تجلّت مرة جديدة في دور أم أمير في مسلسل "العميل". ولعل أشهر أدوارها كان في مسلسل "الفصول الأربعة" للمخرج الراحل حاتم علي، حيث أدت شخصية ناديا، الأخت الأصغر، المعروفة بلطفها وموضوعيتها، إضافة إلى دور جيد تؤديه الممثلة رشا بلال (خولة المحامية)، لكن للأسف تم تنميط الممثل اللبناني عبدو شاهين بدور المرافق "كمال" كما في كل مسلسلات الأكشن منذ دوره في "الهيبة"، رغم امتلاكه موهبة أكبر من "سيناريوهات العضلات المفتولة".
رغم الجدل القائم في هذه المسألة، سمحت الدراما التركية بمساحة جديدة للدراما العربية في بناء الموقع والتخييل في العمل الدرامي وخلق مسلسلات ضخمة إنتاجياً، من 90 حلقة وأحياناً 120 وأكثر. واستفادت الدراما العربية من تقارب بعض العادات والتقاليد مع تركيا، وبدأت تستفيد منها في تقنيات بناء المشهد وتلوين الصورة، بما يجعل التجربة البصرية أكثر تركيزاً وكثافة، مع الحفاظ في الوقت نفسه على بساطة المشهد.
يضاف إلى ذلك التوجه الإخراجي في اللقطات القريبة، التي بدأت تقتحم الدراما المحلية على خطى المسلسلات الغربية، التي تقتبس التركية عنها غالباً في انتقاء زوايا الكاميرات.
ومسلسل "العميل" من إنتاج مجموعة "أم بي سي" وشركة القمر التركية، كتب السيناريو والحوار للنسخة العربية رامي كوسا، وأخرجه بارباروس بيلجن.