منحت المملكة العربية السعودية رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى في لبنان ورائدة الأوبرا العربية الدكتورة هبة القوّاس الجنسيّة السعوديّة. تقديرٌ سامٍ يحمل في مضمونه ما يتمنّاه كل محب للفكر النهضوي الثقافي.
ترتبط المايسترو هبة القوّاس ارتباطاً عاطفياً وفكرياً بالمملكة العربية السعودية، تعرّف عليه العالم العربي عندما افتتحت أول حفل أوبرالي في تاريخ المملكة، لذلك لم تشعر بأنها حصلت على الجنسية بقدر إحساسها باسترجاعها.
تقول لـ“النهار”: “شرّفني حصولي على الجنسية وأتمنى أن أكون أحد المساهمين الأساسيين في المرحلة المقبلة التي نبني من خلالها موسيقى وثقافة تصدّر إلى العالم كله، لأن بإمكان السعودية أن تكون عاصمة ثقافية للعالم”.
تؤكّد القوّاس إيمانها بما جاء على لسان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عندما قال إنّ “الشرق الأوسط سيكون أوروبا الجديدة”، وتقول: “كنت أردّد بعد كل حفل أحييه في العالم أنّ الصوت الجديد سيأتي من الشرق، لأننا منبع الموسيقى خام”.
علاقة القوّاس بأرض المملكة خاصّة، من شمالها إلى جنوبها، وهي تبدأ بجذورها الأصليّة للحجاز وتحديداً مكّة المكرّمة، وتمتد إلى هذا العشق بالصحراء والإبل والجبال والوديان، وصولاً إلى التنوّع الموسيقي والثقافي والتراثي. تقول: “إنها قصة حبّ ولدت من بدايات قدومي إلى المملكة منبعها الأرض والشعب. فأصل الموسيقى العربية بالنسبة إلي من الحجاز، والموسيقى هي أنا وأنا من الحجاز... من مكة، أشعر أن انتمائي هنا قويّ جداً”. تضيف: “لا أستطيع التمييز بين الجنسيّتين (اللبنانية والسعودية)، وهذا التماهي سينعكس حكماً على التماهي في التعاون بين البلدين بمردود فكري وثقافي”.
الديبلوماسية بالفن والثقافة
القوّاس مؤمنة بمضمون “الديبلوماسية عبر الفن والثقافة” وقدرتها على مدّ الجسور: “طالما كانت جزءاً من خطابي، وأتمنى أن تكون بداية مرحلة جديدة في العلاقة بين الرياض وبيروت بدأناها سابقاً من خلال الموسيقى والثقافة، وأوقفتها ظروف قاهرة، لكننا اليوم نعمل لبلورتها تحت هذا السقف الفكري السامي”.
وبحسبها، يمرّ لبنان بأصعب فترة، “لكن علينا أن نتحد يداً بيد. وهذه الصرخة أطلقتُها العام الفائت في اليوم الوطني السعودي عندما قلت: في عيد التوحيد اتحدوا. نتكلّم اليوم عن الفكر والثقافة والموسيقى، عن الديبلوماسية الفنية، في ظل ما يتخبّط به لبنان لأنّها الحلّ الوحيد المتاح”، لتعود وتذكّر بأنّ “المملكة داعمة للبنان بشرط أن يعلم اللبناني وطنيته”.
غليان موسيقي ثقافي
القوّاس هي جزء من العجلة الموسيقية والثقافية التي يمشي قطارها بوتيرة تحاكي “رؤية 2030”، وتلفت إلى وجود “بنية تحتية تُبنى من أجل الموسيقى، وهناك مشروع كبير ورؤية تتكامل والرؤية الأساسية وظّفتُ قدراتي لصالحها”.
وتضيف: “نحن في عصر التفاهة الذي تسوّق له بعض دول العالم، تأتي المملكة العربية السعودية لتحيي الثقافة وتتبنّى المشاريع الضامنة للفكر الإنساني الحديث. وما شاهده الجمهور من إبداعات قُدّمت في “روائع أوركسترا السعودية” عيّنة مما هو موجود، وما خفيّ كان أعظم، لكنّ المؤكّد أنّ الثورة في عالم الموسيقى ستنطلق من المملكة إلى العالم، حيث الأرضية جاهزة من موسيقى وإيقاعات ومواهب”.
البنية التحتية التي أتت القوّاس على ذكرها تبدأ بحضور المعاهد ودور الاوبرا وأسس موسيقية تدرّس في المناهج التعليمية في كل مناطق المملكة، وهي جميعها ستسلك ما يسمّى الـ”ايكوسيستم” الذي سيؤسس لصناعة الموسيقى، من خلال شبكة اقتصادية تنفّذ من المملكة وتمتد عبر الدول العربية وصولاً إلى العالم.
“الكونسرفتوار”