تواصل أصول صناعة التمويل الإسلامي العالمية مسيرتها في النمو، حيث توقعت وكالة "ستاندرد آند بورز رايتينغز" نموًا قويًا في الفترة 2024-2025، بعد نمو بنسبة 8 % في عام 2023؛ باستثناء إيران.
وأكّد تقرير حديث لـ"إس آند بي"، أنّه على الرغم من أنّ البنوك الإسلامية في المملكة العربية السعودية نمت بوتيرة أقل قليلاً من نظيراتها في البلدان الأخرى، إلّا أنّه كان هناك انخفاض كبير في الكويت، حيث تضخمت أرقام عام 2022 بسبب عملية استحواذ كبيرة. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، تسارع نمو التمويل الإسلامي في عام 2023 بفضل الأداء القوي للاقتصاد غير النفطي. وساهمت دول التمويل الإسلامي الأخرى بنسبة 15% فقط من النمو المتزايد للصناعة في عام 2023.
وقال محمد ضمك، محلل الائتمان الأساسي لدى "إس آند بي": "تواصل أصول صناعة التمويل الإسلامي العالمية النمو بسرعة، ولكن فقط في عدد قليل من الأسواق الأساسية. ونتوقع مساهمات إيجابية من جميع مكونات صناعة التمويل الإسلامي، للحفاظ على هذا النمو طوال الفترة المتبقية من عام 2024. ومع ذلك، فإنّ الرياح المعاكسة لسوق الصكوك تلوح في الأفق، مع الاعتماد المتوقع لمعيار جديد يمكن أن يضعف نمو الإصدارات في عام 2025 وما بعده".
وأوضح التقرير أنّ "سوق الصكوك شهدت أيضًا نموًا جيدًا ولكن متباطئًا في أحجام الإصدارات. ونتوقع أن تتراوح إصدارات الصكوك بين 160 و170 مليار دولار في عام 2024، ما يعزز نمو أصول الصناعة في عام 2024.
وامتدت التحدّيات المألوفة التي تواجه الصناعة إلى عام 2024، وهي التركيز في عدد صغير من البلدان وتعقيد المعاملات والمعايير. ويكافح التمويل الإسلامي لجذب الاهتمام خارج أسواقه الأساسية - أي بلدان عبر آسيا الوسطى وإفريقيا، وأجزاء من أوروبا. وقد أدّى هذا إلى إبقاء الصناعة المصرفية الإسلامية في طور الجنين في هذه الأسواق ونشاط الصكوك بشكل متقطع. ويشير التقرير إلى أنّ "الطريقة التي تتطور بها المعايير يمكن أن تؤدي أيضًا إلى تفاقم التنوع الجغرافي المحدود".
وقد أسفر التوجّه نحو مبادرات الرقمنة والاستدامة عن نتائج مختلطة، حيث يرى التقرير أنّه "في حين أنّ الفرص المتعلقة بالتمويل المستدام كبيرة لأنّ الصناعة تتركّز في البلدان المصدّرة للنفط، فإنّ التقدّم كان بطيئًا نسبيًا ومحدودًا في السياق العالمي. وبالمثل، ساعد التحول الرقمي الجانب المصرفي في الصناعة، لكننا لم نشهد بعد خطوات واسعة في أنشطة سوق رأس المال من خلال الترميز والصكوك الرقمية. ويشكّل الشرط الأساسي المتمثل في وجود معايير عالمية وداعمة عقبة رئيسية".
وواصلت صناعة التمويل الإسلامي توسعها في عام 2023، مع زيادة الأصول بنسبة 8.0% في عام 2023 مقارنة بنسبة 8.2% في عام 2022. ويعزى ذلك إلى نمو الأصول المصرفية وصناعة الصكوك.
وساهم نمو أصول الخدمات المصرفية الإسلامية بنسبة 56% من نمو الصناعة في عام 2023، مقارنة بـ72% في عام 2022. ويعدّ استحواذ بيت التمويل الكويتي على البنك الأهلي المتحد في عام 2022 وانخفاض النمو في الكويت في عام 2023 المحرك الرئيسي لهذا الانخفاض.
وبشكل عام، استحوذت المؤسسات المالية في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي على 86% من نمو الأصول في عام 2023، وكانت السعودية المساهم الرئيسي، حيث حققت 56.7% من النمو. ويتوقع تقرير "إس آند بي" أن يؤدي تنفيذ رؤية 2030 والنمو في إقراض الشركات والرهن العقاري إلى مواصلة دعم صناعة التمويل الإسلامي على مدى 12 إلى 24 شهرًا القادمة.
وبالإضافة إلى ذلك، أظهرت دولة الإمارات مساهمة أقوى في عام 2023 بفضل الأداء الجيد للقطاع غير النفطي. وفي أماكن أخرى، لاحظ التقرير بعض النمو، بخاصة في تركيا وإندونيسيا. وقد تأثر الأداء في ماليزيا وتركيا إلى حدّ ما بسبب انخفاض قيمة الرينغيت والليرة.
ويتوقع التقرير أن يستمر النشاط في السعودية في دعم نمو الأصول المصرفية الإسلامية في الفترة 2024-2025. وفي بلدان مجلس التعاون الخليجي الأخرى، يبدو النمو بمعدل متوسط في خانة الآحاد معقولًا في غياب دورات استثمارية رئيسية جديدة.
كما توقّع أن تحقق الصناعة المصرفية الإسلامية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ نمواً عالياً من خانة واحدة خلال العامين المقبلين. ويدعم هذا الاتجاه الطلب القوي على المنتجات والخدمات الإسلامية وإمكانات السوق الكبيرة غير المستغلة في إندونيسيا وبنغلاديش وباكستان.
ومع ذلك، أوضح التقرير أنّ السوق المصرفية الإسلامية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ سوف تظلّ مركّزة مع سيطرة ماليزيا على حصة الأسد. وسوف يستمر نمو التمويل في البنوك الإسلامية في التفوق على نمو الائتمان في البنوك التقليدية، مما يسهّل مكاسب حصة السوق. ومع ذلك، يمكن أن يتراجع النمو، من حيث القيمة بالدولار الأميركي، إلى حدّ ما بسبب انخفاض قيمة العملة المحلية.
وأفاد التقرير أنّ تقلّب العملات المحلية له صلة أيضًا بتركيا ومصر. وتوقع أن يستمر نمو العملة المحلية في هذين البلدين بقوة، ولكن الأداء العام سيكون ضعيفًا بسبب ضعف العملات المحلية. "ولذلك نتوقع أن تظل المساهمة الإجمالية لهذين البلدين في إجمالي أصول الصناعة متواضعة".