النهار

"أرقام تبّون" بين مرحّب ومشكّك... هل يتجاوز الناتج المحلي الجزائري الـ400 مليار دولار؟
الجزائر - نبيل سليماني
المصدر: النهار العربي
أحدث تصريح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن الانتعاش المتوقع للاقتصاد، جدلاً في الأوساط الاقتصادية والمالية والخبراء في البلاد، خصوصاً في الجانب المتعلق بالأرقام التي اعتبر تبون أنّها ستجعل الجزائر من الاقتصادات الناشئة.
"أرقام تبّون" بين مرحّب ومشكّك... هل يتجاوز الناتج المحلي الجزائري الـ400 مليار دولار؟
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
A+   A-
أحدث تصريح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن الانتعاش المتوقع للاقتصاد، جدلاً في الأوساط الاقتصادية والمالية والخبراء في البلاد، خصوصاً في الجانب المتعلق بالأرقام التي اعتبر تبون أنّها ستجعل الجزائر من الاقتصادات الناشئة.
 
وقال تبون: "سأعطي أرقاماً تجعلك تعتز ببلدك وتجعلنا من الاقتصادات الناشئة... سيتجاوز الناتج الداخلي الخام للجزائر الـ400 مليار دولار في بداية 2026".
 
وكان تبون قد أشار في وقت سابق إلى أنّ البلاد حققت نسبة نمو وصلت إلى 4.2 في المئة في نهاية 2023، وأكّد أنّها نسبة حقيقية لا لبس ولا غش فيها، باعتراف من الهيئات الاقتصادية الدولية، إذ قال صندوق النقد الدولي في نهاية آذار (مارس) المنصرم، إنّ "النظرة المستقبلية للجزائر إيجابية في المدى القريب بشكل عام".
 
وأعطى تبون مبررات لهذه الأرقام، من قبيل زيادة حجم الاستثمارات في البلاد لتصل إلى 6000 مشروع استثماري مسجّل على مستوى الوكالة الجزائرية لتنمية الاستثمار، وهي مشاريع "يُنتظر أن تتجسّد غالبيتها في 2026، ما يسمح بخلق الثروة وزيادة فرص الشغل" وفق تبون.
 
رقم "مبالغ فيه"!
ولئن كانت المبررات منطقية والأرقام موضوعية وفق المتابعين، غير أنّ بعض المحلّلين شكّكوا في قدرة الجزائر على مضاعفة ناتجها الداخلي الخام في ظرف عامين فقط من 220 مليار دولار في نهاية 2024 إلى أكثر من 400 مليار دولار في بداية 2026، بخاصة أنّ تقديرات صندوق النقد الدولي تتحدث عن نسبة نمو في حدود 3.8 في المئة خلال نهاية السنة الجارية.
 
وعلى رغم التحفيزات التي تحدث عنها الرئيس الجزائري، ما دفع "بعدد هام من المتعاملين الأجانب إلى الاستثمار في الجزائر بحكم الاستقرار الذي تتمتع به"، غير أنّ الرقم مبالغ فيه، بل مستحيل، على حدّ وصف رئيس المركز الجزائري للدراسات الاقتصادية والبحث في قضايا التنمية المحلية ياسين عبيدات، والذي أكّد في منشور عبر حسابه على "فايسبوك"، أنّه لبلوغ هدف 400 مليار دولار ناتج محلي إجمالي في 2026، لا بدّ من تحقيق نسبة نمو تقارب الـ20 في المئة سنوياً.
 
وأضاف عبيدات أنّ "الحل الوحيد لتحقيق ذلك يتمثل في استقطاب الأموال المتداولة ضمن الاقتصاد الموازي غير الرسمي، والمقدّرة بين 90 مليار دولار و100 مليار... إضافة إلى تحقيق نسبة نمو تصل إلى 10 في المئة سنوياً، والدعاء ليل نهار بعدم انهيار أسعار المحروقات".
 
الاستمرار في الإصلاح الاقتصادي
من جهته، يذهب الإعلامي المتابع للشأن الاقتصادي حسام غربي، إلى أنّ أرقام الرئيس الجزائري بخصوص الناتج الداخلي الخام هي نتيجة الإصلاحات الاقتصادية التي باشر بتنفيذها منذ اعتلائه سدّة الحكم قبل 5 سنوات. ولفت إلى أنّ هذه الإصلاحات طالت العديد من القطاعات، إضافة إلى التأطير القانوني الذي صاحبها من قبيل قانون الاستثمار الجديد.
 
مشروع غار جبيلات.
 
وأكّد غربي لـ"النهار العربي" أنّ النتائج الجيدة بدأت تظهر بوادرها من خلال عدد من المشاريع الاقتصادية المجسّدة على أرض الواقع. وقال: "الحديث عن الرقم الذي يطمح الرئيس تبون للوصول إليه في ظرف عامين، يستوجب الاستمرار في عملية الإصلاح الاقتصادي وإنعاش قطاعات أخرى وإعادة الروح لها، مع عدم الاعتماد على قطاع المحروقات، وضرورة وضع خطط اقتصادية طموحة تعزز المسار السابق لتحقيق نمو اقتصادي سريع، يصل بنا إلى الـ400 مليار دولار كناتج داخلي خام في 2026، مثلما تحدث الرئيس".
 
ولفت غربي إلى قطاع الصناعة في البلاد، الذي يعدّ عنصراً هاماً وفعّالاً لإنعاش الناتج المحلي الخام، "وهو قطاع لم يحقّق إلى الآن النتائج المرجوة منه، رغم إعادة هيكلته بتدارك أخطاء الماضي ومحاولة إحيائه بجذب الاستثمارات". وقال إنّ قطاع الزراعة يُعدّ هو الآخر من القطاعات التي عرفت حركية هامة خلال السنوات الأخيرة، وهو ثاني قطاع مساهم في الناتج الداخلي للبلاد، غير أنّ "إمكاناتنا الزراعية كبيرة ولا يزال يُنتظر منها الكثير، وهو ما يدفعها لتكون إحدى القطاعات الاستراتيجية المساهمة بفعالية في تحقيق الأرقام المرجوة في العامين المقبلين".
 
حجم الاستثمارات كبير...
مهما بلغ حجم الرقم المعلن من الرئيس الجزائري، فإنّ أغلب التحليلات ترجح إمكان تحقيقه إذا ما توافرت بعض الظروف والمعطيات الاقتصادية.
 
 
ويقول مراقبون إنّ تبون يستند في أرقامه إلى مجتمع رجال الأعمال، أولئك الذين ساروا في طريق النهج الاقتصادي المتبع منذ 2020، حيث حققوا حجم استثمارات مهماً خلال 4 سنوات، برأس مال محلي أو بشراكات أجنبية، وهو ما يدفعه للتنويه بحركيتهم في كل المنابر الإعلامية، على غرار مبادرته الأخيرة، حين وجّه شكره لمن سمّاهم المستثمرين الوطنيين والنزهاء "كمجلس التجديد الاقتصادي الجزائري الذين وثقوا في بلادهم".
 
والملاحظ أنّ تبون يأمل أيضاً في الاستفادة من عائدات الكثير من الاستثمارات الحكومية التي تمّ إطلاقها خلال الأعوام الأخيرة بحسب المتابعين، وهي مشاريع حيوية، على غرار مشروع منجم الحديد "غار جبيلات" في تندوف، ومشروع فوسفات الشرق في تبسة، وسكك حديد الجنوب، وميناء الحمدانية، ومشاريع محطات تحلية مياه البحر وغيرها، إذ يمكن لهذه المشاريع وحدها أن تساهم في رفع الناتج الداخلي الخام إلى مستويات كبيرة في أقل من سنتين.

اقرأ في النهار Premium