النهار

"سوق المال" يخالف مسار المؤشرات الإيجابية الاقتصادية في مصر
إسلام محمد
المصدر: النهار العربي
على الرغم من جملة الإنعاكسات الإيجابية التي شهدتها مصر منذ سلسلة القرارات النقدية والمالية غير المسبوقة المتخذة في 6 آذار/ مارس الماضي على مختلف المجالات والأنشطة الاقتصادية، إلا أن سوق المال في مصر تخلف عن مسار الصعود بقوة ليتكبد خسائر قوية عقب قفزات تاريخية ومستويات قياسية محققة.
"سوق المال" يخالف مسار المؤشرات الإيجابية الاقتصادية في مصر
بورصة مصر
A+   A-

على الرغم من الانعكاسات الإيجابية التي شهدتها مصر منذ سلسلة القرارات النقدية والمالية غير المسبوقة المتخذة في 6 آذار( مارس) الماضي على مختلف المجالات والأنشطة الاقتصادية، إلا أن سوق المال في مصر تخلف  عن مسار الصعود بقوة ليتكبد خسائر قوية عقب قفزات تاريخية ومستويات قياسية محققة.

 

واتخذت مصر حزمة من القرارات الداعمة لعودة التدفقات المالية الأجنبية للسوق ومواجهة معدلات التضخم المرتفعة، بداية من الإعلان عن مشروع تطوير مدينة "رأس الحكمة" باستثمارات مباشرة تقدر بنحو 35 مليار دولار، ومرورًا بقرارات مالية ونقدية تضمنت تحرير سعر الصرف بهدف القضاء على السوق الموازية وتوحيد سعر الصرف ومحاصرة معدلات التضخم المرتفعةوتوجت كلها في النهاية بإعلان الإتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي وزيادة برنامج الدعم المالي الممدد إلى 8 مليارات دولار، بالإضافة إلى توقيع الاتحاد الأوروبي اتفاقات تضمنت حزمة تمويل بقيمة 7.4 مليار يورو (8.06 مليار دولار).

 

 

وانعكست تلك القرارات بالإيجاب سريعًا على عدد من المؤشرات الاقتصادية في مصر تمثل أبرزها في دعم الاحتياطي النقدي الأجنبي،  الذي سجل وفقًا لأحدث بيانات البنك المركزى المصرى، نحو 40.36 مليار دولار فى نهاية شهر آذار 2024 مقارنة بنحو 35.3 مليار دولار فى نهاية شباط (فبراير) 2024 بارتفاع قدره نحو 5 مليارات دولار.

 

كما ساهمت في دعم توجهات الدولة نحو مواجهة التضخم، والتي أظهرت بيانات للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، عن تراجع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المناطق الحضرية إلى 33.3 % في آذارمن 35.7% في شباط.

 

تراجعات السوق منذ القرارات

 وعلى الرغم من ملامح التأثير الإيجابي السريع لحزمة القرارات ، إلا أن بورصة مصر منذ صدور القرارات سجلت أداءً متراجعًا خلال شهر آذارتمثل في ما يأتي:

 

-تراجع رأس المال السوقي للأسهم المقيدة بقيمة 188 مليار جنيه، ليصل إلى مستوى 1,811 تريليون جنيه مقابل مستوى 1,999 تريليون جنيه بنهاية شهر شباط.

 

-تراجع المؤشر الرئيسي للسوق، مؤشر إيجي اكس 30 عند 26,883 نقطة، مسجلاً تراجعاً بنحو 7,18 في المئة.

 

-تراجع مؤشر egx70 ewi بنسبة 15,5 في المئة، ليغلق عند مستوى 6,174 نقطة.

 

-تراجع مؤشر egx100 ewi بنحو 14,37 في المئة مغلقًا الفترة عند مستوى 8,767 نقطة.

 

تغيرات كبيرة

 وفي ضوء ذلك، يؤكد محمد رضا الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار "سوليد كابيتال إفريقيا والخليج العربي" في تصريحات خاصة إلى "النهار العربي" أن سوق المال في مصر يشهد تغيرات كبيرة منذ القرارات الأخيرة والتي تضمنت تحرير سعر الصرف وانتهاج سياسات نقدية أكثر تشددا.

 

وأضاف أن تلك القرارات أثرت بالسلب على سوق المال، بخاصة في ضوء قرارات السياسة النقدية المتعلقة بسعر الصرف والإتجاه نحو رفع الفائدة بواقع 6%، الأمر الذي أدى إلى زيادة الجاذبية تجاه البنوك والأوعية الإدخارية الجديدة المطروحة.

 

وأشار إلى أن أبرز المتغيرات التي تعرضت لها منظومة سوق المال تمثلت في تراجع معدلات السيولة، بخاصة أن ارتفاعات السوق القياسية السابقة اعتمدت  على السوق الموازية في تسعير الأسهم، وهو ما مثل "فقاعة سعرية" اتضحت عقب تحرير سعر الصرف واستقراره.

 

وأوضح أن السوق شهد أخيراً عمليات تصحيح عنيفة، لاسيما مع تدفق استثمارات الأجانب إلى قنوات الاستثمار غير المباشر وبالتحديد تجاه أدوات الدين الحكومية، سواء أكانت أذونات أم سندات الخزانة، فيما اتجهت استثمارات الأفراد نحو شهادات الاستثمار.

 

وتوقع استمرار الأداء المتذبذب لفترة لحين حدوث استقرار أكبر على المنظومة الاقتصادية ككل والإتجاه النزولي على صعيد أسعار الفائدة، ليتحرك السوق خلالها ما بين مستويات 26 ألف: 32 ألف نقطة صعودا وهبوطا.

 

 

تداولات السوق

 وفي هذا الإطار بلغ إجمالي قيمة التداول في سوق المال المصري خلال شهر آذار 2,154.1 مليار، في حين بلغت كمية التداول نحو 16,675 مليون ورقة منفذة على 2,784 ألف عملية.

 

جاذبية أذون وسندات الخزانة

 واتفقت الخبيرة الاقتصادية   حنان رمسيس في تصريحات خاصة إلى "النهار العربي"  مع رضا على أن رفع أسعار الفائدة مثل عاملاً طارداً للمتعاملين من البورصة ومن ثم انخفاض قيم التداولات، نتيجة الاتجاه إلى سندات وأذون الخزانة.

 

وأضافت أن بورصة مصر شهدت ضغوطا بيعية من المؤسسات بهدف توفير السيولة الكافية وتوجيهها إلى الاستثمار في أذون الخزانة وسنداتها والتي استحوذت على نسبة 97% من تعاملات المؤسسات مقابل 3% من نصيب الأسهم فقط.

 

وأشارت إلى أهمية دور المؤسسات باعتبارها صانع السوق وتمتلك القوى الشرائية الأكبر، فضلًا عن تأثير توزيعات الكوبونات ودفع المؤسسات من التخارج من الأسهم.

 

وتوقعت استمرار أداء السوق المتراجع خلال المدى القصير، ومن ثم استعادة النشاط تدريجيا عقب العودة إلى ساعات التداولات الطبيعية مرة أخرى ومع نشاط برنامج الطروحات الحكومية.

 

الطروحات الحكومية

 ووفقا لوزير المالية المصري محمد معيط، تستهدف مصر عوائد تصل إلى 6.5 مليار دولار من برنامج الطروحات الحكومية بنهاية عام 2024. وتوقع أن يعزز برنامج الطروحات الحكومية قدرة بلاده على تلبية الاحتياجات التمويلية، بالإضافة إلى المساهمة في جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية، وتعظيم دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، ورفع مشاركته في الاستثمارات العامة إلى 65 في المئة خلال الأعوام المقبلة.

 

توقعات مستقبلية

 واستكمالًا لذلك يتوقع العضو المنتدب لشركة الفا لإدارة الاستثمارات المالية، محمد حسن في تصريحات خاصة إلى "النهار العربي" أن يستعيد السوق نشاطه مرة أخرى في ضوء مسار تخفيض الفائدة المتوقع في مصر والدول المحيطة، فضلًا عن توقعات استمرار ارتفاعات التضخم، وهو ما سيدفع المتعاملين لخيار الاستثمار في البورصة بهدف التحوط، فضلًا عن تدفق السيولة الدولارية المتوقعة إلى مصر الفترة المقبلة واستقرار سعر الصرف، وجميعها عوامل داعمة لتشجيع المستثمرين الأجانب نحو ضخ استثمارات جديدة.

 

 وأضاف أن تحركات الدولار القوية قبل تحرير سعر الصرف مثلت عاملا إيجابياً داعماً لمسار صعود السوق كتوجه للمتعاملين للتحوط من المتغيرات المحيطة عبر الاستثمار في البورصة.

 

 

اقرأ في النهار Premium