أكّد رئيس الوزراء الفرنسي غابريال أتال السبت أن المستثمرين لديهم "ثقة" بفرنسا و"جاذبيتها"، وذلك غداة قرار اثنتين من أكبر وكالات التصنيف الائتماني الإبقاء على علامتيها العاليتين من دون تغيير.
على الرغم من الأخبار السيئة المتعلّقة بالمالية العامة منذ شباط (فبراير)، أبقت وكالتا "فيتش" و"موديز" تصنيفيهما الائتمانيين لفرنسا وقدرتها على سداد ديونها عند مستوى مرتفع.
ومع أن العجز العام في فرنسا ارتفع بشكل كبير إلى 5,5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2023 بدلاً من 4,9 بالمئة كانت تأمل فيها الحكومة، خصوصاً بسبب انخفاض الإيرادات عما كان متوقّعاً ومع ديون تبلغ 110,6% من الناتج المحلي الإجمالي، تحتل البلاد المرتبة الثالثة في أعلى نسبة دين في الاتحاد الأوروبي بعد اليونان وإيطاليا.
ومنذ شباط (فبراير)، اضطرت الحكومة إلى الإعلان بشكل عاجل عن حزمتين من جهود الميزانية تبلغ قيمة كل منهما عشرة مليارات يورو.
وقال رئيس الوزراء خلال زيارة لمنطقة المانش (غرب) السبت إن "المهم هو مصداقية فرنسا" وقدرتها على جذب المستثمرين خصوصاً.
وأضاف أن "بلدنا، مثل العالم أجمع، يمر بصعوبات مرتبطة خصوصاً بالحرب في أوكرانيا، لكن أداء فرنسا أفضل من الآخرين من الناحية الاقتصادية".
وتابع أتال أن "المستثمرين يثقون ببلدنا"، الذي يعد "الأكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية للعام الرابع على التوالي"، في إشارة إلى المقياس الذي يتم إجراؤه كل عام على المستوى الأوروبي من قبل مجموعة "إرنست أند يونغ" (EY).
شروط بروكسل
أكّدت وكالة "فيتش" التي خفضت تصنيف فرنسا العام الماضي إلى "AA-" مع نظرة مستقبلية مستقرّة، هذه العلامة ما يعني أن خطر التخلّف عن السداد منخفض جدّاً. وكانت قد أعلنت بداية الشهر الجاري أنّها لا تنوي تغييرها.
من جانبها، لم تؤكّد وكالة "موديز" تصنيفها عند Aa2، مع نظرة مستقبلية مستقرّة، وهي أعلى بدرجة من وكالة "فيتش"، لكنّها لم تعدّله أيضاً.
وفور إعلان الوكالتين مساء الجمعة، قال وزير المالية برونو لومير في بيان إنّه "أخذ علماً" بهذا الخبر، مؤكّداً أن "هذا القرار يجب أن يدعونا إلى مضاعفة إصرارنا على إعادة ماليتنا العامة والحفاظ على الهدف الذي حدّده رئيس الجمهورية: أن يكون العجز أقل من 3 بالمئة (من الناتج المحلي الإجمالي) في 2027".
من الواضح في بيانيهما أن لا "فيتش" ولا "موديز" تعتقد أن العجز سيعود إلى أقل من 3 بالمئة في 2027، وهو مطلب للمفوّضية الأوروبية.
مع ذلك، ترى وكالة "موديز" أن "الآفاق يمكن أن تتحسّن إذا نجحت الحكومة في تبنّي وتنفيذ تدابير" تسمح بخفض كبير للديون.
لكن التقديرات والتصنيف نفسه يمكن أن يتدهورا في المستقبل إذا تراجع وضع الديون في فرنسا أكثر من الدول الأخرى.
وتشير وكالة "فيتش" إلى تصنيف يبرره اقتصاد "واسع ومتنوّع" ومؤسسات "قويّة وفعّالة" و"استقرار معترف به". لكن من جهّة أخرى، هذا التصنيف يضعفه وضع المالية العامة ولاسيما ارتفاع مستوى الديون.
"فترة انتخابات"
تعتبر العلامتان اللتان حدّدتهما الوكالتان لفرنسا، الديون الفرنسية "عالية الجودة".
وخسرت فرنسا تصنيفها الائتماني الممتاز (AAA) في 2012، وهو ما يمثل الديون السيادية الأكثر أماناً، مثل ديون ألمانياً حالياً.
وقال مدير المرصد الفرنسي للأوضاع الاقتصادية بعد ظهر الجمعة على موقع "فرانس-انفو" إن "فرنسا في وضع متين والأسواق تقرضها بمعدل فائدة لم يتغيّر على الرغم من الأخبار الاقتصادية السيئة".
وأضاف أن خفضاً في التصنيف يمكن أن يكون له "تأثير قوي إلى حد ما في النقاش السياسي" قبل الانتخابات الأوروبية المقرّر إجراؤها في التاسع من حزيران (يونيو)، معتبراً ذلك حجة لهذه الوكالات لعدم خفض تصنيف فرنسا، من أجل "عدم اللعب بالنار في هذه الفترة الانتخابية".
لكن ما زالت فرنسا تنتظر الإعلان في 31 أيار (مايو) عن تصنيف الوكالة الأكثر متابعة "ستاندرد آند بورز" التي تمنحها علامة موديز نفسها (AA) لكن مع نظرة مستقبلية سلبية، أي أنّها حذرت من أن التصنيف يمكن أن ينخفض على المدى المتوسط.