نجحت زيارة مفاجئة للملياردير الأميركي إيلون ماسك لبكين في تحقيق مردود إيجابي للغاية، بعدما حصلت شركة تسلا للسيارات الكهربائية على موافقة مبدئية من المسؤولين الحكوميين في الصين لنشر نظام مساعدة السائق الخاص بها في أكبر سوق للسيارات في العالم.
وستكون الموافقة على برنامج القيادة الذاتية الكاملة "إف.إس.دي" في الصين بمثابة دفعة كبيرة لشركة تسلا، التي ما لبثت أن خرجت حديثاً في الربع الأول من عام 2024 من تراجع الإيرادات الفصلية وذلك للمرة الأولى منذ عام 2020.
ورغم لجوء الشركة لخفض الأسعار في محاولة لزيادة تنافسيتها وجاذبيتها، فقد باعت عدداً أقل من السيارات في الربع الأول. ويعمل ماسك حالياً على خفض عدد الموظفين بنسبة 10% على الأقل، ويتطلع إلى تسريع النماذج الجديدة، بما في ذلك المركبات الأقل تكلفة، والتي يمكن أن تكون جاهزة بحلول أوائل عام 2025، إن لم يكن قبل نهاية العام.
وقال دان آيفز، كبير محللي "ويدبوش سيكيوريتيز" لـ"بلومبرغ"، إن زيارة ماسك المفاجئة للصين هي "لحظة فاصلة. هذا يمكن أن يفتح المجال أمام القيادة الذاتية في الصين، وهو ما أعتبره بمثابة فرصة ذهبية حقاً".
وبعدما وصل ماسك لبكين يوم الأحد، أشارت مصادر إلى أنه ناقش مع المسؤولين طرح برنامج القيادة الذاتية الكاملة "إف.إس.دي" والحصول على إذن بنقل بيانات تتعلق بنظم القيادة إلى الخارج.
وقال مصدران منفصلان لـ"رويترز" يوم الاثنين إن تسلا توصلت إلى اتفاق مع شركة "بايدو" لاستخدام رخصة رسم الخرائط الخاصة بعملاق التكنولوجيا الصيني لجمع البيانات على الطرق العامة في الصين، والتي وصفاها بأنها خطوة رئيسية لإدخال نظام "إف.إس.دي" إلى البلاد.
وقال اتحاد مهم لصناعة السيارات في الصين يوم الأحد إن سيارات تسلا من طرازي (3) و(واي) كانت من بين النماذج التي اختبرها ووجد أنها متوافقة مع متطلبات أمن البيانات في الصين.
وطرحت تسلا الإصدار الأكثر تطوراً من برمجيات القيادة الذاتية الخاصة بها قبل أربع سنوات، لكن أمن البيانات والامتثال كانا من الأسباب الرئيسية وراء عدم قيام شركة صناعة السيارات الكهربائية الأميركية بإتاحة نظام "إف.إس.دي" في الصين، ثاني أكبر سوق لها على مستوى العالم، على الرغم من طلب العملاء.
وتطالب الجهات التنظيمية الصينية من تسلا منذ عام 2021 بتخزين جميع البيانات التي يجمعها أسطولها الصيني في شنغهاي، بما يجعل الشركة غير قادرة على نقل أي منها إلى الولايات المتحدة. وقال المصدر المطلع إن ماسك يسعى للحصول على موافقة لنقل البيانات التي يتم جمعها في الصين للخارج لبرمجة خوارزميات تقنيات القيادة الذاتية الخاصة بشركته.
ومع بدء الزيارة، أكد رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ لماسك أنّ الصين ستكون مفتوحة "دائماً" أمام الشركات الأجنبية. ونقل تلفزيون الصين المركزي "سي سي تي في" عن لي تعهده خلال لقائه ماسك بأن تبذل الصين المزيد من الجهود لمساعدة الشركات الأجنبية، وقال إن "السوق الصينية الواسعة ستكون دائماً مفتوحة أمام الشركات ذات التمويل الأجنبي"، و"ستلتزم الصين بكلمتها وستواصل العمل الجاد لتوسيع الوصول إلى الأسواق وتعزيز ضمانات الخدمة".
وأكد لي أن بكين ستوفر أيضاً للشركات الأجنبية "بيئة أعمال أفضل" حتى "تنعم الشركات من كل أنحاء العالم براحة البال أثناء الاستثمار في الصين".
ومن جانبه، كتب ماسك على موقع إكس الذي يملكه "تشرفت بلقاء رئيس الوزراء لي تشيانغ. لقد تعارفنا قبل سنوات عديدة، منذ الأيام الأولى في شنغهاي" حيث مصنع لشركة تسلا، وأرفق صورة لهذا الاجتماع. وذكرت قناة "سي سي تي في" أن ماسك قال لرئيس الوزراء إن "تسلا مستعدة لاتخاذ الخطوة التالية في تعميق التعاون مع الصين لتحقيق المزيد من النتائج المربحة للجانبين".
وأفادت "سي سي تي في" بأن ماسك يزور الصين "بدعوة من المجلس الصيني للترويج للتجارة الدولية"، وأشارت إلى أن ماسك اجتمع برين هونغبين رئيس المجلس "بهدف مناقشة المراحل المقبلة في سياق التعاون ومسائل أخرى".
وصرّح ماسك الأحد، وفق ما نقلت عنه وسائل إعلام مقرّبة من النظام الحاكم، "من الجيّد رؤية المركبات الكهربائية تتقدّم في الصين"، مؤكّداً أن كلّ "السيارات ستصبح كهربائية في المستقبل".
واهتمام ماسك منصبّ كثيراً على السوق الصينية، علماً بأن آخر زيارة أجراها للصين تعود إلى شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو) 2023.
ولطالما روج ماسك لتقنية برنامج القيادة الذاتية الكاملة باعتبارها بقرة حلوب محتملة للشركة، لكنه فشل في الوفاء بوعده بتقديم تجربة قيادة مستقلة بالكامل، وسط تدقيق تنظيمي وقانوني صارم لسلامة وتسويق تسلا.
وقال منظمو سلامة السيارات في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي إنهم فتحوا تحقيقاً فيما إذا كان استدعاء تسلا في كانون الأول (ديسمبر) الماضي لأكثر من مليوني سيارة في الولايات المتحدة لتركيب ضمانات جديدة لقيادة الآلية كان كافياً بعد سلسلة من الحوادث.