تبحث الحكومة المصرية إطلاق الصندوق الثالث للاستثمار في الذهب، وذلك ضمن مستهدفاتها لتحقيق فكرة الشمول المالي وتعزيزها، وإعادة إحياء دور الصناديق الاستثمارية كخيار استثماري.
وتبني مصر على صناديق الذهب آمالاً عريضة في إعادة إحياء دور صناديق الاستثمار، مع توجيه سيولة المستثمرين نحو قنوات استثمارية آمنة، بعيدًا عن خيارات أخرى أكثر خطورة.
وتأتي هذه الخطوة في ضوء القفزة المحققة على صعيد عدد عملاء صناديق الاستثمار في الذهب في مصر والذي تجاوز نحو 102 ألفي عميل بنهاية آذار (مارس) الماضي، وفقًا لرئيس الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر محمد فريد.
البداية
وبالعودة إلى بداية صناديق الذهب في مصر، فقد بدأت الفكرة عبر إطلاق أول صندوق مصري وهو "إيه.زد غولد" في أيار (مايو) 2023، تلته الموافقة خلال العام الجاري على إطلاق صندوق ثان وهو صندوق "بلتون إيفولف" للاستثمار في الذهب (سبائك)، لتتواصل التدفقات نحو تلك الصناديق، ومن ثم بدء البحث في طلب إطلاق صندوق ثالث للاستثمار في الذهب تابع لإحدى شركات البنك الأهلي المصري.
تحقيق الشمول المالي
وفي ضوء ذلك، أكد فريد، أن إدارته حريصة على تهيئة المناخ العام والبيئة المناسبة لتوفير البدائل الاستثمارية التي تتيح للمواطنين فرصا استثمارية متنوعة.
وأضاف أن صناديق الاستثمار في الذهب تندرج ضمن توجهات الحكومة المصرية وجهودها نحو تحقيق الشمول المالي خلال الفترة المقبلة.
مزايا عديدة
ويستعرض الخبير الاقتصادي يد خضر في تصريحات خاصة إلى "النهار العربي" أبرز المزايا والعوائد الاقتصادية المتوقعة من تنامي صناديق الذهب في السوق المصرية، مؤكدًا أن إنشاء صناديق الذهب يعتبر استراتيجية استثمارية تهدف إلى تمكين المستثمرين من الحصول على مكاسب من تحركات سعر الذهب في السوق، وتتيح للمستثمرين شراء وحدات استثمارية تمثل ملكية الذهب وبيعها من دون الحاجة إلى امتلاك الذهب الفعلي.
وأضاف أن تنامي الإقبال على هذه الصناديق من المتوقع أن يؤثر على أوعية الادخار والاستثمار في سوق المال المصري بطرق عدة هي:
-تنويع المحافظ الاستثمارية، اذ يتيح وجود صناديق الذهب كخيار استثماري للمستثمرين فرصة تنويع محافظهم الاستثمارية.
-تحقيق التوازن وتقليل المخاطر المحتملة، عبر زيادة الطلب على صناديق الاستثمار وتنامي الإقبال على صناديق الذهب ما يمكن أن يؤدي إلى زيادة الطلب على صناديق الاستثمار بشكل عام في سوق المال المصري.
-زيادة قيمة الأصول المرتبطة بالذهب، ويمكن أن يؤثر على الأسواق الأخرى مثل سوق العملات أو سوق الأسهم.
وأوضح أن الاستثمار في الذهب يكتسب أهمية كبيرة في مواجهة العديد من المتغيرات الاقتصادية مثل التضخم، وسعر الفائدة، والسياسات النقدية، والطلب والعرض العالمي، مضيفًا على سبيل المثال انه عندما تكون هناك توقعات بارتفاع التضخم، يمكن أن يزيد الطلب على الذهب كملاذ آمن ويؤدي إلى زيادة أسعاره، لذلك يجب على المستثمرين مراقبة تلك العوامل وتحليلها لفهم تأثيرها على سعر الذهب واستراتيجيات الاستثمار.
طلب قوي على الذهب
ويعكس تقرير مجلس الذهب العالمي هذه التدفقات الكبيرة على الذهب في مصر، اذ كشف عن ارتفاع الطلب خلال عام 2023 بنحو 5.5 طن بنسبة 10.7% حيث سجل 57 طنا مقابل 51.5 طنا في عام 2022 بسبب الإقبال الكبير والتحوط من انخفاض الجنيه المصري فء الفترات السابقة وتراجع القوة الشرائية.
وأشار تقرير مجلس الذهب العالمي إلي أنه تم اقتناء 30.3 طنا من السبائك والعملات الذهب خلال عام 2023 مقابل 19.2 طنا في 2022، بزيادة 11.1 طنا بنسبة 57.8% حيث أصبح الاتجاه العام في مصر هو لشراء الذهب الخام من العملات والسبائك هرباً من المصنعية المرتفعة.
جذب استثمارات جديدة
وانسجاماً مع هذه الإحصائيات، يؤكد الخبير والمحلل الاقتصادي الدكتور حسام الغايش لـ"النهار العربي" أن تراجع مستويات قيمة العملة المحلية في الفترة الأخيرة ساهم في زيادة التدفقات نحو الاستثمار في الذهب وانتشار صناديق الذهب والمعادن فى مصر للحفاظ على قيمة المدخرات بالعملة المحلية.
وأضاف أن مصر تحتل المرتبة الخامسة على مستوى العالم في ارتفاع الطلب على السبائك والعملات الذهبية، وقد كشف تقرير صادر عن مجلس الذهب العالمي، أن الطلب على الذهب في مصر تضاعف ليصل إلى متوسط سبعة أطنان في الربع الأول من العام الماضي.
وأوضح أن معدلات إقبال المصريين على الذهب، وبخاصة على العملات المعدنية وسبائك الذهب، التي يمكن إعادة بيعها بتكاليف أقل ارتفعت بنسبة تزيد عن 50 % ، وبالتالي فإن إطلاق صناديق الاستثمار في المعادن بما فيها الذهب، يهدف إلى توفير فرص استثمارية تلبي حاجات مختلف شرائح المجتمع، وتساهم في التحوط من مخاطر تقلبات الأسعار من خلال الاستثمار المنظم والآمن، وتأتي في إطار جهود الإصلاح الاقتصادي في مختلف القطاعات الاقتصادية.
وتوقع أن يسهم التوسع في هذه الصناديق في جذب استثمارات جديدة وربط السوق المصرية بالأسواق العالمية.
إعادة إحياء دور صناديق الاستثمار
ورأى الخبير الاقتصادي أحمد معطي في تصريحات أنه مع تنامي الاستثمار في الذهب كبديل آمن للتحوط من مخاطر تراجع قيمة العملة المحلية، اتجهت الدولة نحو إتخاذ خطوات سريعة للموافقة على فكرة إطلاق صناديق للاستثمار في الذهب منعًا لانتشار المخاطر والمعاملات غير السليمة.
وأشار إلى أن ذلك التوجه سيدعم وينعش فكرة الاستثمار عامة عن طريق صناديق الاستثمار بعد تراجعها في السوق المصرية، على الرغم من دورها الحيوي لدى العديد من الاسواق العالمية، بالإضافة الى تميزها بعنصر الآمن وتمتعها بخبرات على صعيد مستوى إدارتها، الأمر الذي يدعم تلك الصناديق لتكون باكورة لصناديق استثمار من نوعيات أخرى خلال المرحلة المقبلة.