كشفت مصادر مصرية لـ "النهار العربي" عن أن الحكومة تسعى إلى تدشين منطقة صناعية متكاملة لصناعة السيارات خلال فترة زمنية تتراوح ما بين 3 و 4 أعوام.
وقالت المصادر إن الفترة الحالية تشهد إعداد الدراسات الخاصة بمخطط تلك المنطقة الجديدة، وآليات التمويل المستهدفة ونسب مشاركة القطاع الخاص بها، تمهيدًا لعرضها على الجهات المختصة لبدء مراحل التنفيذ الفعلي على أرض الواقع.
ويندرج هذا المخطط ضمن استراتيجية الدولة المصرية الهادفة إلى تعزيز وتوطين عدد من الصناعات الاستراتيجية مثل السيارات، بالإضافة إلى مخططات تنفيذ عدد من المناطق الصناعية الحديثة والمتكاملة والمشروعات الصناعية الكبرى، بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية والاستقلالية لها في العديد من القطاعات الحيوية.
تفاصيل المنطقة
هذا ومن المقرر أن تتضمن الدراسات الخاصة بالمنطقة الصناعية للسيارات المستهدفة إقامة عدد من مصانع السيارات والصناعات المغذية لها وفقًا للمصادر، بهدف إطلاق منطقة متكاملة لتلك الصناعة الحيوية.
وتأتي هذه الخطوة عقب موافقة مجلس الوزراء المصري منتصف عام 2022، على إنشاء المجلس الأعلى لصناعة السيارات الذي يعنى بإقرار السياسات العامة والخطط والاستراتيجيات اللازمة لتنمية صناعة السيارات في مصر ومتابعة تنفيذها، بالإضافة إلى وضع الإطار العام للإصلاح التشريعي والإداري لصناعة السيارات.
مقومات داعمة
وتعقيبًا على ذلك، يرى مدير "مركز رؤية للدراسات" بلال شعيب لـ"النهار العربي"، أن البدء في اعداد منطقة صناعة متكاملة للسيارات داخل مصر فرصة استثمارية قوية لها العديد من العوائد الاقتصادية الكبيرة، خاصة أن مصر تستورد سيارات وقطع غيار بقيمة 5 مليار دولار سنويًا، وهو ما يشكل ضغوطاً قوية على الدولار.
وأضاف أن هذه المنطقة تعتبر أحد مخططات الدولة منذ فترة طويلة، وتهدف إلى وضع مصر على خريطة الاستثمارات العالمية في قطاع شهد نموًا في دول محيطة مثل المغرب الذي نجح في استقطاب شركات عالمية للتصنيع بها مثل فرنسا.
وأشار إلى أن مصر تمتلك العديد من المقومات الداعمة لإنجاح تلك المنطقة الصناعية مثل التحكم في ما يقارب ثلث التجارة العالمية التي تمر عبر قناة السويس، وموقع مصر كمدخل لقارة أفريقيا، والاتفاقيات والشراكات الاقتصادية والاستراتيجية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي والدول العربية.
يضاف إلى ذلك السوق المصرية الكبيرة التي تزيد الطلب على السيارات، وجميعها مقومات تعكس جدوى وقوة العوائد الاستثمارية المتوقعة من تنفيذ تلك المنطقة الصناعية.
إجراءات واستراتيجيات تحفيزية
واتساقًا مع ذلك، اتخذت الدولة المصرية عدداً من الإجراءات والاستراتيجيات المختلفة بهدف تحفيز صناعة السيارات والصناعات المغززة، تمثلت في:
-إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتوطين صناعة السيارات في مصر منتصف 2022، بهدف تلبية الطلب المصري المتزايد على السيارات وخفض الضغط على موارد الدولة من العملات الأجنبية وتعزيز القدرة على الاستجابة لحجم الطلب في السوق الإفريقية.
-البرنامج الوطني لتطوير صناعة السيارات في مصر، والذي يتضمن مجموعة من الحوافز تتمثل في نظام تعريفة يُسهل إجراءات الإفراج الجمركي للشركات المشاركة، وبرامج لدعم الشركات التي تتخصص في توطين صناعة المعدات الأصلية بمصر.
-مبادرة إحلال المركبات المتقادمة، والتي تم إطلاقها عام 2021 بهدف تعزيز وجود المركبات الصديقة للبيئة وتوطين صناعة السيارات من خلال زيادة نسبة المكون المحلي؛ على نحو يسهم في تيسير امتلاك المواطنين لسيارات صديقة للبيئة.
-تعزيز البنية التحتية لصناعة المركبات، عبر إنشاء وتشغيل ما يقرب من 3000 محطة شحن بتكلفة استثمارية تقدر بنحو 450 مليون جنيه، بالإضافة إلى التوسع في إقامة محطات الغاز الطبيعي اللازم لتموين السيارات.
-إنتاج إطارات السيارات، عبر توفير حزم تحفيزية للشركات المحلية والعالمية لتعميق التصنيع المحلي.
-تحفيز إنتاج السيارات الكهربائية، من خلال حزمة من المبادرات والمشروعات القومية وهو ما أسفر عن تطوير نموذج لتصنيع سيارة كهربائية مصرية يحقق الربط بين البحث العلمي والصناعة.
-تعزيز سبل التعاون الدولي، من خلال عقد عدد من الاتفاقيات الإطارية مع كبرى شركات السيارات العالمية بما يعمل على توطين صناعة السيارات في مصر وتنفيذ أهداف البرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات.
عوائد متوقعة
وبناء عليه، يستعرض الخبير الاقتصادي محمد السيد، في تصريحات خاصة إلى "النهار العربي" العوائد الاقتصادية المتوقعة، على النحو الاتي:
-تعزيز تدفقات السيولة الأجنبية إلى السوق المصرية.
- استقطاب كبرى الشركات الخارجية لبدء التصنيع في مصر.
-دعم حركة التصدير إلى الأسواق الخارجية والمحيطة لاسيما في أفريقيا.
-احتمال توقيع شراكات استراتيجية قوية مع العديد من الدول لدخول مصر والمشاركة في تلك المنطقة.
-النجاح في توطين صناعة عالمية قوية.
-خفض معدلات البطالة عبر توجيهها إلى تلك المنطقة الصناعية الضخمة.