تعكف دولة الإمارات العربية المتحدة على تنفيذ استراتيجية طموحة ترتكز محاورها الرئيسية إلى زيادة مساهمة القطاع السياحي والأنشطة التابعة له في الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 122.5 مليار دولار، إضافة إلى جذب استثمارات تصل إلى نحو 27.2 مليار دولار، واستقطاب نحو 40 مليون نزيل بحلول عام 2031، في إطار توجهاتها الثابتة نحو رفع مساهمة القطاعات غير النفطية في معدلات النمو.
وتبني الإمارات على قطاع الطيران آمالاً عريضة لتحقيق الطفرة السياحية المرتقبة، يرفدها التوسّع في إبرام اتفاقياتٍ للنقل الجوي مع مختلف دول العالم، والنشاط المتزايد في قطاعات التجارة والسياحة والسفر، وارتفاع الطلب العالمي على السفر الجوي.
مؤشرات قياسية
اتساقاً مع ذلك، ارتفع إجمالي أعداد المسافرين الذين استقبلتهم المطارات الإماراتية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024 إلى 36.5 مليون مسافر، بنمو نسبته 14.7 في المئة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
كما شهدت حركة الشحن الجوي خلال الربع الأول من العام الجاري نمواً ملحوظاً؛ اذ بلغ حجم الشحن 1.1 مليون طن، بنسبة نمو قدرها 32 في المئة، عن الفترة نفسها من العام الماضي. وهذا يعكس قوة قطاع الطيران وتنافسيته وقدرته على مواصلة نموه نحو مستويات أكثر تقدماً، بحسب ما قال سيف محمد السويدي، مدير عام الهيئة العامة للطيران المدني، في ظل تكامل الجهود بين الهيئة وشركائها من الجهات الحكومية على الصعيدين الاتحادي والمحلي، لفتح أسواق جديدة أمام الناقلات الوطنية، من خلال توقيع أكثر من 189 اتفاقية نقل جوي مع مختلف دول العالم.
نموذج استثنائي
تعليقاً على ذلك، يؤكد جمال بن سيف الجروان، الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين في الخارج، لـ "النهار العربي" أن الاقتصاد الإماراتي يشهد نشاطاً استثنائياً منذ بداية العام الجاري في عدد من القطاعات الرئيسية، في مقدمتها قطاعات السياحة والفنادق والسفر والطيران والتجزئة.
ويشرح الجروان أن المنظومة الاقتصادية لدولة الإمارات تتميز بالتنوع والديناميكية والاستدامة، "كما باتت تجربة الإمارات الاستثنائية في قطاع الطيران الذي يشهد تطوراً كبيراً وسريعاً، نموذجاً ملهماً للعديد من دول العالم، إضافة إلى وجود ستّ شركات وطنية للنقل الجوي قطعت أميالاً طويلة في تحليقها في فضاء التميز، أربع منها في فئة الطيران الاقتصادي، وتمتلك حالياً نحو 887 طائرة مسجلة، إلى جانب اتفاقيات النقل الجوي الجديدة التي وقعتها الهيئة العامة للطيران المدني في العام الماضي".
كما يوضح أن دولة الإمارات من أكثر الدول استقطاباً للزوار والسياح من أنحاء العالم لتمضية العطلات، "بفضل ثراء خياراتها السياحية والترفيهية، واستضافتها أشهر العلامات الفندقية والتجارية العالمية، وأكبر مراكز التسوق والترفيه، إلى جانب الأسواق التقليدية والشعبية، وكفاءة المنتج السياحي، وجمال المعالم السياحية الأيقونية، والجودة العالية التي تتميز بها البنية التحتية".
ويلفت الجروان إلى أن القطاع السياحي في الإمارات يترقّب المزيد من النشاط، بعدما سجّل مستويات قياسية في العام الماضي، "بما يساهم في تعزيز تنافسية الدولة على خريطة السياحة العالمية، ويدعم تحقيق المستهدف الوطني برفع مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي الإماراتي".
انتعاش سياحي
تأكيداً لهذه الرؤية، يؤكد تقرير "غولدمان ساكس" أن مؤشرات النشاط الاقتصادي في الإمارات تشير إلى استمرار النمو الاقتصادي القوي غير النفطي؛ إذ ارتفع مؤشر مديري المشتريات (PMI) الذي يقيس النشاط الاقتصادي في القطاعات غير النفطية إلى ما يزيد على 56 في المتوسط، خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، ما يدل على قوة التوسع الاقتصادي.
ويضيف التقرير أن قطاع السياحة في دبي يواصل انتعاشه القوي بعد الجائحة، مسجلاً قفزة في أعداد السياح بنسبة 10 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من هذا العام. كما يوضح أن "طيران الإمارات"، وهي شركة الطيران الرائدة في البلاد، سجلت أرباحاً قياسية بلغت 5.1 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في آذار (مارس) 2024.
ثقة دولية
يؤكد الجروان أن قطاع الطيران المدني الإمارتي يشهد نمواً كبيراً؛ اذ واصل نجاحاته خلال خمسة عقود في أجواء التميز والريادة، "مكتسباً ثقة دولية كبيرة مع امتلاك الإمارات ناقلات عالمية بأساطيل تجارية ناجحة ومطارات متطورة وبنى تحتية تواكب أحدث التطورات والابتكارات عالمياً".
إلى ذلك، يؤكد الخبير الاقتصادي أحمد المسيري لـ "النهار العربي" تمتع الإمارات بالعديد من المقومات المثالية والداعمة لنجاح قطاع الطيران وتصدر الخريطة التنافسية العالمية، "فالجهود المبذولة في الإمارات لدعم هذا القطاع وتهيئة المناخ الملائم كي يتمتع بجاذبية عالية، فضلاً عن توقيع اتفاقيات مع العديد من دول العالم، عززت قدرة الطيران الإماراتي على الوصول إلى مختلف شرائح السياّح والزوار في العالم".
ويختم الجروان بالقول إن مطارات الإمارات وناقلاتها الوطنية تشهد زيادة ملحوظة في معدلات حركة الطيران وتدفق المسافرين، "مدعومة بانتعاش الطلب على السفر، وموقع الإمارات الاستراتيجي بوصفها صلة وصل بين الشرق والغرب، وبتمتعها بمقومات اقتصادية وقدرات استثمارية كبيرة عززت ريادتها إقليمياً وعالمياً، بصفتها وجهةً مفضلة للسياحة والترفيه".