النهار

قبّة حرارية تهدّد محاصيل مصر... والمطلوب حلول بيئية سريعة قبل الكارثة!
إسلام محمد
المصدر: النهار العربي
يهدّد التغيّر المناخي الزراعة المصرية، في صيف يسجّل ارتفاعاً غير مسبوق في درجات الحرارة.
قبّة حرارية تهدّد محاصيل مصر... والمطلوب حلول بيئية سريعة قبل الكارثة!
(تعبيرية)
A+   A-
يهدّد التغيّر المناخي الزراعة المصرية، في صيف يسجّل ارتفاعاً غير مسبوق في درجات الحرارة. وبحسب مركز أبحاث الشمس والفضاء في المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر، تسجّل المؤشرات الحالية درجات حرارة قياسية قبل بدء الصيف، ما يُنذر بتبعات مناخية شديدة الخطورة على المحاصيل الزراعية. 
 
ويحذّر تقرير الاستثمارات العامة في مجال المناخ، الصادر عن صندوق النقد الدولي، مصر، من مواجهة مخاطر كبيرة من الكوارث الطبيعية، حيث أنها معرّضة لتغيّر المناخ بسبب اعتمادها على نهر النيل. ويوضح التقرير الصادر في نيسان (أبريل) الماضي، أن أبرز مخاطر تغيّر المناخ ارتفاع منسوب مياه البحر، والجفاف، وموجات الحرارة، والعواصف الرملية والترابية، والأمطار الغزيرة، والفيضانات المفاجئة، والانهيارات الصخرية، وهذه العوامل كلها تضرّ المحاصيل.
 
 
قبّة حرارية
يتوقع الدكتور تحسين شعلة، الخبير في التكنولوجيا الحيوية البيئية، أن تمرّ مصر بزمن عصيب، بسبب جغرافيتها الصحراوية، ومواردها المائية المحدودة. ويقول لـ "النهار العربي"، إن درجات الحرارة غير المسبوقة التي تتعرّض لها مصر تتزامن مع بداية ظاهرة "النينيو". مضيفاً: "لهذا الأمر مردود سلبي صيفاً، وقد انعكست آثاره شتاءً أيضاً، إذ اتسمّ بالدفء الجاف"، مؤكّداً أن هذا الارتفاع في درجات الحرارة يؤثر في الحشرات التي تساعد في عملية تلقيح النبات، "وبالتالي يتساقط الزهر ويقلّ التلقيح، وتتضاءل عملية البناء الضوئي، ما ينعكس مباشرة على المزروعات، إذ تفقد العناصر الغذائية اللازمة، فتتراجع جودة المحاصيل".
 
يتصدّر القمح القائمة المتوقعة لأكثر المحاصيل تضرّراً، وهذا الأمر غاية في الخطورة، لأن القمح مكوّن رئيسي في النظام الغذائي المصري، وارتفاع درجات الحرارة يقلّل معدلات الإنتاج، ويرفع نسبة إصابة المحاصيل بالآفات والأمراض. ويحلّ الأرز ثانياً، "لأن زراعته تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه"، بحسب شعلة، الذي يضيف: "محاصيل الذرة ستتضرّر أيضاً، وهي تعدّ أحد أهم المحاصيل الحقلية في مصر، إضافة إلى مزروعات أخرى مثل الطماطم والفلفل والفول الصويا، لا تستطيع أن تتحمّل درجة حرارة تتجاوز 45 درجة".
 
ويتابع: "ظاهرة القبة الحرارية ستؤثر على المحاصيل المصرية كماً وجودةً"، لافتاً إلى الضرر الذي سيحلّ بالقطن الذي تعدّه مصر من محاصيلها الاستراتيجية، وأي ضرر يصيب محاصيله ويؤثر في جودته يترك بصمة سلبية في معدلات التصدير، وفي زيادة الواردات القطنية لتلبية احتياجات السوق المحلية.
 
 
اجتراح الحلول
تعهّدت مصر إدماج المسألة المناخية في سياساتها التنموية الوطنية، من خلال خضرنة ميزانيتها تدريجياً، والعمل على تنفيذ بنود "الاستراتيجية الوطنية لتغيّر المناخ 2050"، التي تتضمن توجيه الاستثمارات العامة للتكيّف والتخفيف من آثار التغيّرات المناخية، من خلال توجيه نحو 8.6 مليارات دولار للتكيّف مع آثار التغيّرات المناخية في الخطة الاستثمارية 2022-2023، بتوجيه 78 في المئة منها للتخفيف من آثار التغيّرات المناخية، و22 في المئة للتكيّف مع آثار هذه التغيّرات.
 
ولمواجهة التداعيات السلبية المتوقعة على المحاصيل الزراعية، يؤكّد شعلة على أهمية اتباع سياسات غير مسبوقة، "من إطلاق وزارة جديدة خاصة بالتغيّرات المناخية، هدفها متابعة المتغيّرات على جميع الأصعدة، واجتراح الحلول السريعة لمواجهة التقلّبات في الحرارة".
 
ويضيف أخيراً: "أبرز التوصيات المهمّة اليوم البدء في إنتاج أصناف تواجه الارتفاع الحراري بصفات وراثية لمقاومته، وزيادة عمليات الري في الصباح الباكر، واستخدام مواد تعزز مقاومة المزروعات للإجهاد الحراري، مثل سيليكات البوتاسيوم وسيليكات الألومنيوم وكربونات الكالسيوم، وفقاً لجرعات موصى بها، إضافة إلى استخدام الزيوت المعدنية ذات التأثير القوي لتعزيز قدرة المزروعات على تحمّل الإجهاد الحراري".
 

اقرأ في النهار Premium