لا تقتصر أزمة نقص الغاز الطبيعي في مصر على توقف عجلة الإنتاج فحسب، بل تهدد أيضاً الأمن الغذائي المصري؛ سواء في حالة توقف مصانع الأغذية أم فساد الأغذية جراء انقطاع التيار الكهربائي المتكرر ونقص إمدادات غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يستخدم في حفظ الأغذية. "النهار العربي" بحث عن أجوبة للعديد من الأسئلة حول متى تنتهي أزمة نقص الغاز الطبيعي لدى المصانع؟ وما هي أسباب أزمة الانقطاعات المتكررة للكهرباء في مصر؟ ومتى تتوقف الحكومة المصرية عن سياسة تخفيف أحمال الكهرباء؟
قال وزير البترول الأسبق المهندس أسامة كمال لـ"النهار العربي" إن أزمة نقص الغاز التي تسببت في غلق بعض مصانع الأسمدة مثل "أبوقير للأسمدة"، وتهدد بغلق شركات أخرى مثل "كوكاكولا" و"بيبسي" المعتمدة على غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي تشتريه من مصانع الأسمدة والكيماويات، تعود إلى ارتفاع درجات الحرارة التي تسببت في زيادة استهلاك الطاقة، وتقادم بعض آبار الغاز ونضوبها، وتوجه الحكومة إلى استراتيجية تخفيف كميات الغاز المرسلة إلى المصانع بنسبة تتراوح بين 75% و80% وتوجيهها إلى محطات الكهرباء لتهدئة الشارع المصري والحد من تفاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائي المستمرة والتي أصبحت تصل إلى أكثر من 3 ساعات يومياً.
وتوقع كمال أن تنتهي أزمة نقص الغاز لدى المصانع في غضون أسبوع إلى 10 أيام على أقصى تقدير، وبرر ذلك بأن مصر لديها الآن مركب إعادة تغويز للغاز المسال المستورد في منطقة السويس، وتستعد لاستقبال 15 شحنة غاز خلال الشهرين المقبلين مقسمة إلى 7 شحنات خلال تموز (يوليو) المقبل، بالإضافة إلى 8 شحنات إضافية خلال آب (أغسطس) المقبل.
وتابع كمال أن مزيج الطاقة في مصر ما زال غير متزن ويحتاج للاعتماد على أكثر من محور مثل البترول والغاز بنسب بين 30 و35% إلى جانب الطاقة النووية والطاقة المتجددة.
وقدّر الفجوة بين إنتاج الغاز واستهلاكه في مصر بنحو 1.3 مليار قدم مكعب غاز يومياً.
وأضاف كمال أن المواطن يتحمل جزءاً من أزمة انقطاع التيار الكهربائي، مشيراً إلى أن الانقطاعات المتكررة ليس سببها الوحيد نقص الغاز، بل زيادة الأحمال على محطات الكهرباء، نتيجة لأسباب عدة أبرزها سرقة البعض للتيار الكهربائي والكثافة السكانية والتوسع العمراني العشوائي في بعض المناطق، ما أسفر عن زيادة الأحمال بأكثر من 30% بطرق غير شرعية، وترتب على ذلك خروج العديد من محطات الكهرباء من الخدمة. وضرب مثالاً "إن منطقة مثل مدينة نصر، مخططاتها الاستراتيجية والتفصيلية صممت لكي يكون المبنى الواحد مكوناً من أرضي و3 أدوار، واليوم نشاهد أبراجاً شاهقة، فكيف ستتحمل البنية التحتية هذا الكم الهائل من الاستهلاك؟".
ودعا كمال المواطنين إلى ضرورة ترشيد الاستهلاك، وخصوصاً المحال التجارية والمولات التي تعمل إلى ما بعد منتصف الليل، وهو ما يتسبب بزيادة استهلاك الطاقة، ويدفع الحكومة إلى الاستدانة لسد عجز الزيادة في استهلاك الطاقة، مشيراً إلى فترة السبعينات عندما ألزم الرئيس محمد أنور السادات المتاجر والشركات بموعد للإغلاق هو 6 مساءً في الشتاء و7 مساءً في الصيف، قائلاً: "أزمة انقطاع الكهرباء في مصر ستنتهي إذا التزمت المولات والمحال التجارية بموعد إغلاق موحد وهو 9 مساءً".
وعلق كمال على حوادث انهيار بعض المصاعد الكهربائية نتيجة انقطاع التيار، قائلاً: "هذه الحوادث غير منطقية، وسببها الوحيد هو أن المبنى من الأساس غير مؤهل لتركيب وتشغيل مصعد كهربائي فيه، ولا يطبق الاشتراطات الأمنية اللازمة لهذا الأمر".