في تطور ملحوظ يُنذر بتسارع وتيرة الاحتباس الحراري، أشارت البيانات الأخيرة من خدمة "كوبرنيكوس" لتغير المناخ Copernicus Climate Change Service إلى أن الأرض تواجه ارتفاعاً ملحوظاً في درجات الحرارة. حيث تجاوز متوسط درجات الحرارة العالمية خلال العام الماضي الحدود المعتادة بمقدار 1.5 درجة مئوية.
أكّد كارلو بونتيمبو، مدير خدمة "كوبرنيكوس" لتغيّر المناخ، خطورة هذه البيانات قائلاً: "إنها تعكس تغيراً جوهرياً في مناخ الأرض".
وأضاف أن متوسط درجة حرارة الكوكب كان أعلى بـ1.64 درجة مئوية من المتوسط المرجعي للفترة بين 1850 و1900، ما يُظهر التحدي الذي يواجه الأهداف المناخية لاتفاقية باريس.
من جانبه، يُشير جافين شميدت، مدير معهد "جودارد" Goddard لدراسات الفضاء التابع لوكالة ناسا NASA إلى أهمية الاعتراف بالواقع الملح لتغيّر المناخ، مؤكداً أن الارتفاعات الحرارية القياسية لشهر حزيران (يونيو) تعني أننا نعيش أول فترة مدتّها 12 شهراً تتجاوز فيها درجات الحرارة العالمية الحد الأقصى المسموح به.
أما جوليان نيكولا، أحد كبار علماء المناخ في خدمة "كوبرنيكوس" فيوضّح أن الفترة بين 1850 و1900 تُستخدم كنقطة مرجعية للمقارنة، ويُشدد على أن تجاوز متوسط درجة الحرارة لـ1.5 درجة مئوية لا يعني بالضرورة انتهاك الهدف المناخي لاتفاقية باريس، ولكنه يُظهر مدى قرب العالم من الفشل في معالجة أزمة المناخ.
وفي تعليقه على الوضع، يُحذّر جيمس هانسن، عالم المناخ السابق في "ناسا"، من أن النقاش حول تجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية يُظهر أن المؤسسات المناخية الرئيسية قد فقدت التركيز على القضايا العملية، عازياً الارتفاع الحالي فوق 1.5 درجة مئوية، الذي يقترب من 1.6 درجة مئوية، جزئياً إلى ظاهرة "النينيو" الأخيرة.
فيما يُؤكد مايكل مان، مدير مركز علوم الاستدامة والإعلام في جامعة بنلسلفانيا أهمية التركيز على الاحترار المطرد الطويل الأمد الذي سيستمر ما استمرت انبعاثات الكربون الناتجة من الإنسان.
وأخيراً، يُحذر كيفن ترينبيرث، عالم المناخ في نيوزيلندا، من أن الارتفاعات الحرارية التي تزيد عن 1.5 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل الصناعة تحمل دلالات اجتماعية وتتعلق باتفاقية باريس، مؤكداً أن الوضع سيزداد سوءاً مع مرور الوقت. ويُتوقّع أن تتجاوز درجات الحرارة هذه العتبة دائماً بحلول عام 2030.
هذا التقرير يُسلط الضوء على الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات فورية للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والعمل على تحقيق أهداف اتفاقية باريس للحفاظ على استقرار مناخ الأرض للأجيال القادمة.
يُضيف سيليست ساولو، الأمين العام لمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أن التقرير الأخير من "كوبرنيكوس" يُعد بمثابة جرس إنذار. يُؤكّد ساولو أن تجاوز مستوى 1.5 درجة مئوية سيصبح أكثر تكراراً، وهو ما يُعتبر مؤشراً واضحاً على الحاجة الماسة لتغيير السياسات والممارسات الحالية.
وفي هذا السياق، يُشير التقرير إلى أن الفترة الحالية قد تكون نقطة تحول حاسمة في تاريخ مناخ الأرض. فإذا لم تُتخذ خطوات جادة وفعّالة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، فإن العالم قد يواجه تغيرات مناخية لا رجعة فيها قد تؤثر على استقرار النظم البيئية والحضارة البشرية ككل.