قبل أن يتم تشغيل المرجل في مساء السادس والعشرين من تموز (يوليو)، ورغم الظلام الذي ألقته محاولة تعطيل شبكة القطارات في البلاد، كانت الألعاب الأولمبية الثالثة والثلاثين ـ باريس 2024، قد حقّقت نجاحاً واضحاً، وهي تكتب التاريخ من خلال استضافة أكثر الألعاب الأولمبية احتراماً للبيئة.
الأولمبياد وتحدّي تغيّر المناخ
تُقام الألعاب في وقت يشهد فيه الكوكب نقطة تحول حاسمة. هذا الأسبوع، وصلت درجات الحرارة إلى أعلى مستوى مسجل في التاريخ، 17.15 درجة مئوية يوم الاثنين، مُحطّمة الرقم القياسي الذي سُجّل قبل يوم واحد فقط، 17.09 درجة مئوية يوم الأحد. مع باريس، تعترف الألعاب الأولمبية بأزمة تغير المناخ وتتعامل معها. يهدف أكبر حدث رياضي في العالم إلى تسليط الضوء على الحاجة المُلحّة للتغيير.
الأولمبياد الأخضر: باريس تقود الطريق
بينما أطلقت الألعاب الأخيرة في طوكيو وريو ولندن حوالي 3.5 ملايين طن من ثاني أوكسيد الكربون، تعهّدت باريس بتقليل الانبعاثات إلى النصف إلى 1.75 مليون طن. لندرك مدى جذرية هذه الخطوة، دعونا نتذكر أن ألعاب طوكيو كانت عالية الانبعاثات رغم أنها أقيمت في عام 2021 ولم يكن فيها جمهور بسبب بروتوكول كوفيد-19.
تجاهلت الألعاب الأولمبية عقوداً من الاحتجاجات من جانب الجماعات البيئية قبل أن تقرر الألعاب الأولمبية الشتوية في ليلهامر بالنروج عام 1994 اعتماد بعض التدابير الصديقة للبيئة.
وتعمل باريس على إعادة التدوير وإعادة الاستخدام و الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. عادة ما تصاحب الألعاب الأولمبية طفرة في البناء في الدولة المضيفة. ومع ذلك، فإن باريس تضع اتجاهاً جديداً باستخدام المباني القائمة لاستضافة 95 في المئة من الأحداث. وتعد صناعة البناء من بين أعلى مصادر انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي، بنسبة مذهلة تبلغ 37 في المئة على مستوى العالم. وسوف تولد القرية الرياضية الكهرباء من مصادر مثل الطاقة الحرارية الأرضية والطاقة الشمسية، فيما سيتم توصيل الملاعب التي كانت في بعض الألعاب السابقة تعمل بمولدات الديزل، بشبكة الكهرباء العامة.
وتواصل باريس المكاسب التي تحقّقت في الألعاب السابقة، مثل الأسرّة المصنوعة من الورق المقوى المعاد تجديده للرياضيين، كما هي الحال في طوكيو. لم يكن المطبخ الفرنسي الشهير معروفاً بكونه نباتياً حتى أعلنت اللجنة المنظمة للألعاب الأولمبية أنها ملتزمة بتقديم المزيد من الأطعمة النباتية والمستدامة والمحلية.
مع تقديم 1000 كيلومتر من مسارات الدراجات للألعاب، أشارت باريس إلى أن أسلوب الحياة المنخفض الكربون ممكن وممتع.
الألعاب الأولمبية والاستدامة
بالتأكيد، هناك تحديات تواجهنا، مثل القضايا المُتعلّقة بانبعاثات الكربون الناجمة عن السفر الجوي للزوار، والتساؤلات حول فعالية مشاريع التعويض. بعض هذه التحديات كانت ضخمة، فقد اضطرت الحرارة الشديدة في باريس إلى تركيب 2500 وحدة تبريد مؤقتة للرياضيين، بدلاً من الاعتماد على المباني الخالية من تكييف الهواء كما كان مخططاً في البداية. ولكن الآن، التغيير أصبح جزءاً لا يتجزأ من الألعاب الأولمبية.
يشير تقرير بعنوان "ثلاث سنوات من التقدم: مراجعة الاستدامة عبر دورة الألعاب الأولمبية 2021-2024"، الذي نُشر في يوم حفل الافتتاح، إلى أنه "كانت ثلاث سنوات سريعة ومثيرة من التغيير في مجال الرياضة والاستدامة منذ طوكيو 2020. اليوم، كل اتحاد رياضي تقريباً قد بذل جهداً في تنفيذ أجندة الاستدامة البيئية. نحن سعداء للإعلان أنه في هذه المرة، لدينا شيء إيجابي لنقوله عن كل اتحاد رياضي يشارك في باريس 2024".