في خطى موازية لتوجهات دولة الإمارات نحو التحول إلى وجهة سياحية طوال العام، ولاستراتيجيتها الوطنية للسياحة لعام 2031 الهادفة إلى دعم تنمية وتطوير القطاع السياحي، تواصل نسب إشغال الفنادق قفزاتها من 50 و60 في المئة خلال العامين الماضيين إلى معدلات تتجاوز 85 في المئة، وفقاً لتقديرات الخبراء خلال الفترة الحالية.
وتعد هذه المؤشرات تأكيداً على نجاح الاستراتيجية الوطنية التي تتضمن تنفيذ نحو 25 مبادرة، تهدف إلى رفع مكانة الدولة كأفضل هوية سياحية حول العالم، واستقطاب نحو 40 مليون نزيل في المنشآت الفندقية.
ووفقاً للخطط الإماراتية، الهدف هو رفع مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الوطني إلى 450 مليار درهم، بمعدل زيادة سنوية 27 مليار درهم، من خلال جذب استثمارات جديدة بقيمة 100 مليار درهم للقطاع السياحي في الدولة، بحلول عام 2031.
نموذج مثالي
يقول الخبير الاقتصادي أحمد المسيري لـ"النهار العربي" إن الإمارات نموذج مثالي على صعيد التخطيط الاستراتيجي لتنويع الموارد الاقتصادية غير النفطية عبر قطاعات حيوية عدة، في مقدمتها القطاع السياحي.
يضيف: "تضمنت خطوات الإمارات وتوجهاتها وركائز استراتيجيتها لعام 2031 نقاطاً أساسية هدفها دعم القطاع بتطوير المنتجات السياحية المتخصصة وتنويعها، وضخ الاستثمارات في مختلف القطاعات السياحية، وتعزيز الهوية السياحية الوطنية، إضافة إلى تيسير الإجراءات وتنويع الأنشطة السياحية المختلفة.
ويشير المسيري إلى أن زيادة نسب إشغال الفنادق بالإمارات خلال المرحلة الحالية "يعد تأكيداً على نجاح خطط الإمارات الاستراتيجية، بما يرفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي".
مؤشرات إيجابية
اتساقاً مع ذلك، استقبلت المنشآت الفندقية في الإمارات 28 مليون نزيل خلال عام 2023، بنمو سنوي 11 في المئة، فيما سجل معدل الإشغال الفندقي في العام نفسه نحو 75.4 في المئة.
وحقق القطاع السياحي الإماراتي نمواً كبيراً، بنسبة 26 في المئة، في عام 2023، مقارنة بعام 2022، لتصل مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للدولة نحو 220 مليار درهم، أي ما يعادل 11.7 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للدولة.
ووفقاً لوزير الاقتصاد الإماراتي عبدالله بن طوق المري، تتوقع دولة الإمارات ارتفاع مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى 12 في المئة خلال العام الجاري.
متطلبات ضرورية
يستعرض الخبير الاقتصادي أنور القاسم أبرز متطلبات المرحلة لتعظيم عوائد قطاع السياحة بدولة الإمارات وتحقيق ركائز استراتيجيتها الوطنية. فيقول لـ"النهار العربي": "أبرز تلك المتطلبات ضرورة المحافظة على مستوى النمو السنوي الحالي مع تنويع الجذب في كافة أنحاء الدولة، وتعزيز السمعة العالمية التي تتسم بها الإمارات، باعتبارها واحدة من أهم عشر مقاصد سياحية على المستوى الدولي"، إضافة إلى زيادة التوطين في القطاعين السياحي والفندقي، وتوفير فرص عمل في المرافق الفندقية، "مع العمل على استقطاب السياحة الصينية باعتبارها من أهم وأكبر المصادر السياحية في العالم، فضلاً عن ضخ استثمارات جديدة في هذا القطاع وزيادة مجالات التعاون مع الشركاء الاستراتيجيين".
ويضيف القاسم إلى هذه اللائحة العمل على استقطاب وتعزيز السياحة الشتوية، "لما للبلاد من خصائص فريدة في هذا النوع من الاستقطاب الذي يعزز السياحة على مدار العام، إلى جانب الترويج للهوية الوطنية السياحية مع الحرص الدائم على حضور كافة المؤتمرات والمعارض الدولية التي تعنى بالسياحة والقطاعات الفندقية"، مشيراً إلى أن تحقيق هذه المحاور يتطلب العمل على متابعة آخر المستجدات في هذا المجال، "والاستثمار في الذكاء الصناعي الذي سيكون له أثر قوي لتنمية ودعم مختلف القطاعات الاقتصادية".
تصنيف دولي متقدم
هذا ونجحت الإمارات في تعزيز مكانتها الرائدة على خريطة السياحة العالمية بإطلاق مشاريع ومبادرات متنوعة، هدفها دعم ريادة القطاع السياحي، ما انعكس على تصنيف الإمارات أولى إقليمياً وفي المرتبة 18 عالمياً في مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
ويوضح هذا التصنيف أن دولة الإمارات حلت في المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر توفير بيانات السفر والسياحة وفي محور "البنية التحتية لقطاع النقل الجوي"، إضافة إلى المرتبة الثانية عالمياً في مؤشر البنية التحتية والخدمات، والثالثة عالمياً على صعيد مؤشر شمولية بيانات السفر والسياحة، وكذلك في مؤشر كفاءة خدمات النقل الجوي.
يقيس التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي العوامل والسياسات التي تساهم في خلق بيئة مستدامة ومرنة لقطاع السفر والسياحة، الذي يعزز بدوره المسيرة التنموية للدولة.