النهار

4 شروط لتعافي أسواق المال.. وخبير يحذر: الركود قادم لا محالة!
كريم حمادي
المصدر: النهار العربي
ي ثلاثة أسابيع، خسرت هذه الأسواق 6,5 تريليونات دولار، وانخفضت القيمة السوقية للأسواق الخليجية 4 في المئة.
4 شروط لتعافي أسواق المال.. وخبير يحذر: الركود قادم لا محالة!
بورصة كاراتشي في باكستان (أ ف ب)
A+   A-
تعرضت أسواق المال العالمية لصدمات قوية جراء المخاوف من ركود اقتصادي أميركي يؤثر في أداء الاقتصاد العالمي. ففي ثلاثة أسابيع، خسرت هذه الأسواق 6,5 تريليونات دولار، وانخفضت القيمة السوقية للأسواق الخليجية 4 في المئة، أي ما يعادل 150 مليار دولار في آخر ثلاث جلسات تداول منتهية في 5 آب (أغسطس) 2024، كما شهدت أسواق آسيا الناشئة موجة تراجع بقيادة شركات قطاع التكنولوجيا، مَحَت نحو 1.2 تريليون دولار من ثروات المساهمين.
 
ليس انهياراً
يضع أحمد معطي، خبير أسواق المال والمدير التنفيذي لشركة markets vi بمصر، انهيارات "الاثنين الأسود" في خانة التصحيح، أي إعادة تقييم ذاتية للسوق المالية بعد هبوط مفاجئ لنسبة تصل إلى 10 في المئة من آخر ذروة لها، مضيفاً لـ"النهار العربي": "هذا ليس انهياراً، ولا تحولاً إلى سوق مالية هابطة، فأسباب الانهيارات في أسواق المال غير مكتملة"، داعياً إلى عدم الاعتماد على بيانات التوظيف الأميركية الصادرة الجمعة 2 آب (أغسطس) الماضي، والتي انخفضت إلى مستويات أقل من المتوقع لشهر تموز (يوليو)، مظهرةً ارتفاعاً في معدل البطالة إلى 4.3 في المئة، أعلى مستوى في ثلاث سنوات تقريبًا، "فهذه البيانات وحدها ليست مؤثراً أساسياً في الاقتصاد الأميركي، إنما علينا النظر إلى معدلات الناتج المحلي الإجمالي، حينها سنجد أن نمو الاقتصاد الأكبر في العالم بلغ 1.6 في المئة على أساس سنوي خلال الربع الأول من 2024، مقابل توقعات بأن يتباطأ إلى 2.5 في المئة، وهذا مؤشر ما زال جيداً".
 
وبحسب مُعطي، أن يدخل الاقتصاد الأميركي في الركود، "لا بد من أن تشهد معدلات النمو فيه تباطؤاً يستمر 6 أشهر متتالية في أقل تقدير، وهذا ما لم يحدث حتى الآن، خصوصاً أننا في عام انتخابي، ومُتعارف عليه أن السياسيون في أعوام الانتخابات يبذل قصارى جهدهم لدعم الاقتصاد لإقناع الناخبين بقدرتهم على إنعاش اقتصادهم، لحماية مصالحهم السياسية"، كما يقول.
 
شروط التعافي
يقدم مُعطي 4 شروط لخروج الأسواق المالية من منطقة التصحيح إلى منطقة الانتعاش. يقول لـ"النهار العربي": "الأول هو بدء الفدرالي الأميركي إعلان زيادة نسبة تخفيض الفائدة الأميركية خلال أيلول (سبتمبر) المقبل بنسبة تفوق ما هو متوقع، أي 0.25 في المئة، لتكون 0.50 في المئة (50 نقطة أساس)"، مشيراً إلى وجود ضغوط راهنة على الفدرالي الأميركي لإعلان خفض الفائدة قبل أيلول (سبتمبر).
 
الشرط الثاني، بحسب مُعطي، هو مبادرة باقي البنوك المركزية، مثل بنك إنكلترا والمركزي الأوروبي، إلى خفض الفائدة لإنعاش الاقتصاد العالمي وإنقاذ الشركات التي بدأت تسرّح مئات الآلاف من عمالها وموظفيها؛ والثالث تدخل الدول لإنهاء التوترات الجيوسياسية الحالية في الشرق الأوسط أو في شرق أوروبا، خصوصاً بعد تصاعد الموقف العسكري بين إيران وإسرائيل إثر اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي ل، "حماس" في طهران. 
 
المسألة الصينية
يضيف مُعطي: "الشرط الرابع هو تقليل الضغط الأورو-أميركي على الاقتصاد الصيني، أهم المؤثرين في قوة الاقتصاد العالمي واستقراره"، وهذا الضغط حاصل من خلال زيادة الرسوم الجمركية والتعريفات على السيارات الكهربائية والمنتجات التقنية. وقد أدى هذا الضغط إلى أزمة اقتصادية صينية أسفرت عن تباطؤ في نمو صادرات بكين التي سجلت نمواً قدره 7 في المئة، أي ما يقل عن متوسط توقعات خبراء الاقتصاد التي كانت عند عتبة 9.5 في المئة، وفقاً لبيانات إدارة الجمارك الصينية.
 
إلى ذلك، تفاقمت الأزمة الاقتصادية في الصين مع ارتفاع الديون المتصاعدة للشركات العقارية، خصوصاً شركتا "تشاينا إيفرغراند غروب" (China Evergrande Group) البالغة 333 مليار دولار، و"كانتري غاردن هولدينغز" (Country Garden Holdings Co)  والتي تقدر التزاماتها بنحو 200 مليار دولار، "وهذا دفع بالسلطات الصينية إلى خفض سعر الفائدة الرئيسي على القرض لأجل 5 سنوات 25 نقطة أساس (0.25 في المئة) من 4.20 إلى 3.95 في المئة، في حين لم يتغير السعر على القروض لأجل عام واحد عند 3.45 في المئة، في محاولة لإنعاش السوق العقارية الغارقة في الديون منذ الجائحة"، بحسب مُعطي الذي يتوقع الآتي: "في لحظة الوصول إلى تفاهمات اقتصادية مع الصين، سنشهد ارتفاعاً قوياً في أسواق المال العالمية".
 
آتٍ لا محالة!
في مقابل تفاؤل مُعطي، يقدم خبير أسواق المال عمرو وهيب رؤية متشائمة للمرحلة المقبلة، فيقول لـ"النهار العربي": "أتوقع ركوداً عالمياً لا مفر منه، عاجلاً أم آجلاً"، مستدلاً على رؤيته هذه من أن الولايات المتحدة الأميركية تمر اليوم بتباطؤ اقتصادي أشد حدة، "حيث إن تباطؤ البيانات الأميركية، سواء بيانات الوظائف أم التضخم أم الناتج الإجمالي المحلي، ستولّد المخاوف بشأن النمو في الأسواق المالية العالمية، خصوصاً الأسواق النامية)، وهذه المخاوف ستسرّع التباطؤ، فيعلق الاقتصاد الأميركي في حلقة مفرغة". 
 
ويتوقع وهيب أن يخفض الفدرالي الأميركي أسعار الفائدة في اجتماعاته المقبلة على التوالي بمقدار 50 نقطة أساس، "فتثبيت الفدرالي أسعار الفائدة في الفترة الماضية كان خطأ، ولم تتفاعل معه ردات فعل الأسواق بعد بيانات تدني الوظائف"، مذكراً بأن الاقتصاد العالمي يتعرض اليوم لصدمات جيو-سياسية ومناخية، يواكبها ارتفاع في الأسعار المواد الغذائية، "وهذه الصدمات المتزامنة تضع اقتصاد العالم في موقع هش، وعلينا التفكير ملياً في سياسات تُعيدنا إلى سكة النمو".
 
دافع وجيه
وإذ يلفت وهيب إلى الزيادات المستمرة التي تفرضها البنوك المركزية على معدلات الفائدة لاحتواء التضخم، يقول لـ"النهار العربي" إن لا خيار أمامها إلا هذه السياسية، "لكن لهذه الزيادة آثار خطرة على الدول النامية والناشئة، إذ سترزح تحت زيادة في أعباء خدمة ديونها، وهذا ما شهدناه في مصر مثلاً". ويدعو وهيب هذه البنوك المركزية إلى أن تحدد أسباب التضخم، "فهل نجم عن ارتفاع في الطلب، أو عن أسباب بنيوية من جهة العرض، فإن كان الأمر متعلقاً بعوامل مرتبطة بالعرض ولا يمكن السيطرة عليها، عندها يأتي الاستمرار في زيادة معدلات الفائدة بمفعول عكسي".
 
أخيراً، بعد سورة التشاؤم هذه، يقول وهيب إن مؤشرات الأداء التي ترسم لعام 2024 صورة قاتمة "يمكن أن تكون دافعاً وجيهاً للبحث عن إجابات عن تساؤلات كبرى، مثل: هل سنشهد ركوداً يؤثر في الأسواق العالمية؟ وهل ستواجه البورصات العالمية الكبرى موجة هبوط اضطراري؟". 
 
ويختم بالقول: "علينا ألا نفصل بين السياسة العالمية والاقتصاد العالمي. إنها وجهان لعملة واحدة".
 

اقرأ في النهار Premium