يواصل الاقتصاد البحريني جني ثمار خطواته الناجحة وخططه الطموحة نحو مضاعفة جاذبيته الاستثمارية وتنويع مصادر دخله غير النفطية، ما ساهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.3 في المئة على أساس سنوي، في الربع الأول من عام 2024.
ووفقاً لتقديرات الحسابات القومية، الصادرة عن هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للدولة الخليجية خلال تلك الفترة ليساهم بنحو 85.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بدعم من أداء قوي لأنشطة غير نفطية ممثلة في خدمات الإقامة والطعام والأنشطة المالية وأنشطة التأمين.
وتعكس تلك المؤشرات الإيجابية نجاح الاستراتيجية الحالية والإصلاحات التى اعتمدتها البحرين لتسهيل ممارسة الأعمال التجارية، وتوفير المزيد من فرص العمل، وجذب الاستثمار الأجنبي، ومضاعفة عوائد القطاعات غير النفطية، بما يدعم قدرتها على جذب المشاريع الاستثمارية الرائدة في المنطقة والعالم، في قطاعات عدة متنوعة.
اقتصاد واعد
يقول الخبير والمحلل المالي والاقتصادي وضاح الطه لـ "النهار العربي" إن الاقتصاد البحريني واعد، يتمتع بمعدلات نمو جيدة في أنشطة وقطاعات غير نفطية، تساهم بدورها في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بصورة ناجحة ومستقرة.
ويضيف: "ساهمت خطة البحرين لتهيئة مقومات البيئة الاستثمارية الجاذبة بقطاعات عدة في تنويع مصادر دخلها بقوة، وهذا ما أظهرته المؤشرات الأخيرة"، مشيراًإلى أن إجراءات دعم مناخ الاستثمار في البحرين بعدد من المزايا متمثلة في انخفاض تكلفة العمليات وإنشاء الأعمال، حيث تعتبر أقل الدول تكلفةً في هذا المجال، مقارنة بالدول المنافسة في المنطقة، منحت البحرين بيئة جاذبة على الصعيد الاستثماري لنجاح أي نشاط أو قطاع اقتصادي غير نفطي.
ويوضح الطه أن من ضمن المزايا الحالية "سهولة الإجراءات في البحرين، وهذا حافز لاستقطاب الاستثمار الأجنبي؛ ودعم القدرة على تواجد المؤسسات الكبرى بفروع إقليمية في ضوء تمتعها بمراكز قوى كمركز مصرفي إسلامي هام، ومركز في مجال التمويل الإسلامي والتمويل بشكل عام، إلى جانب مواطن قوى تتمتع بها في قطاعات عدة، مثل إنتاج الألومنيوم والسياحة.
نمو مستقبلي
ساهمت البيئة الداعمة للأعمال بالبحرين في تشجيع الأعمال على النمو وتحقيق الازدهار، وهو ما أهل المنامة لتتصدر دول العالم في مؤشر الجاذبية المالية الفرعي، وفقاً لقائمة "غلوبال 150 سيتيز" لعام 2023.
كما تمكنت من تحسين تصنيفها بواقع 5 مراتب لتحل في المركز 25 عالمياً ضمن تصنيف التنافسية العالمية 2023، الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية، وذلك في العام الثاني منذ إدراجها في هذا التصنيف.
هذا كله يرفد توقعات دولة البحرين مواصلة النمو الاقتصادي، حيث ترجح وزارة المالية أن ينمو اقتصاد البحرين 3 في المئة في عام 2024، مدفوعاً بالقطاعات غير النفطية، مع تسريع الحكومة الجهود الرامية إلى تنويع مصادر الدخل بعيدا عن المحروقات.
متطلبات للاستمرارية
استكمالاً لذلك، يؤكد الخبير الاقتصادي أنور القاسم لـ"النهار العربي" أن الاقتصاد البحريني هو الأكثر تنوعاً في المنطقة، على الرغم من أن البحرين من صغار منتجي النفط.
ويضيف أن هذا النمو يأتي مدعوماً بالتوسع في قطاعي المواصلات والاتصالات، "مع نمو الأنشطة العقارية والتجارية والمؤسسات المالية والفنادق والمطاعم والتجارة، فضلاً عن ضرورة الاهتمام بشكل أكبر في قطاعات التصنيع والبناء والتشييد القابلة للتوسع والنمو"، مشيراً إلى أن المشروعات المالية تعد من أكبر القطاعات غير النفطية مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، تليها الصناعات التحويلية.
ولمواصلة البحرين خطواتها الناجحة، يؤكد القاسم أهمية العمل على تعزيز قطاع الفنادق والمطاعم والاستمرار في توسيع المشروعات المالية، مع التركيز أيضاً على قطاع السياحة.
استثمارات عام 2023
ونجحت البحرين في جذب استثمارات تزيد قيمتها على 1,7 مليار دولار في عام 2023 من مستثمرين محليين ودوليين بزيادة نسبتها 55 في المئة عن العام السابق، من خلال مجلس التنمية الاقتصادية، وهو الهيئة الحكومية المعنية بالترويج للاستثمار في البلاد.
وكشف مجلس التنمية الاقتصادية البحريني عن مساهمته في جذب استثمارات من خلال 85 مشروعاً خلال عام 2023، وسجل قطاع الخدمات المالية أعلى معدل من الاستثمارات.
وشكلت الخدمات المالية 17.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبحرين في عام 2023، متجاوزة قطاع النفط والغاز لتكون أكبر مساهم في الناتج المحلي.