النهار

الأردن... القطاع السياحي "منكوب" والفنادق في مهب الريح
عمّان - محمد الرنتيسي
المصدر: النهار العربي
تتعمق أزمة القطاع السياحي في الأردن أكثر فأكثر، على وقع استمرار حرب غزة التي دخلت شهرها الحادي عشر، ما ينعكس على الفنادق التي تمر بأسوأ حالاتها، إذ تهاوت نسب الإشغال في بعضها إلى 2%، وبعضها بالكاد تصل النسبة فيها إلى 15% بأحسن الأحوال.
الأردن... القطاع السياحي "منكوب" والفنادق في مهب الريح
مدينة البترا تشهد تراجعاً كبيراً بأعداد السياح
A+   A-
تتعمق أزمة القطاع السياحي في الأردن أكثر فأكثر، على وقع استمرار حرب غزة التي دخلت شهرها الحادي عشر، ما ينعكس على الفنادق التي تمر بأسوأ حالاتها، إذ تهاوت نسب الإشغال في بعضها إلى 2%، وبعضها بالكاد تصل النسبة فيها إلى 15% بأحسن الأحوال. 

ويعول الأردن على القطاع السياحي بوصفه أحد أبرز القطاعات التي ترفد خزينة الدولة بالأموال، وكان قبل اندلاع الحرب بشهر واحد، حقق نمواً في الدخل نسبته 15.1%، مقارنة مع الشهر ذاته من عام 2022، ليبلغ 669.7 مليون دولار، في ما حقّق خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي ارتفاعاً بنسبة 37.7% بتسجيله لما قيمته 5.819.1 مليارات دولار، مدفوعاً بارتفاع عدد السياح الذي وصل إلى 5.058 ملايين سائح، وبنسبة نمو بلغت 38.1%، وفقا لأرقام رسمية.
 
مشهد من منطقة وادي رم
 
30 فندقاً اضطر للإغلاق 
ويعني استمرار حرب غزة وطول أمدها، أن أزمة القطاع ستتعمق على نحو غير مسبوق، وهو الذي يصفه نائب رئيس جمعية الفنادق الأردنية حسين هلالات بـ"القطاع المنكوب"، مضيفاً أنه "يمرّ حالياً بأزمة أسوأ من أزمة كورونا".

الهلالات وفي حديثه إلى "النهار العربي"، كشف أن "30 من أصل 631 فندقاً تنتشر في مختلف أنحاء المملكة، اضطرت إلى الإغلاق على وقع الأزمة، خصوصا في منطقة البترا"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "العدد مرشح للزيادة في حال استمرار الأزمة، لا سيما أن بعض الفنادق هبطت نسب الإشغال فيها إلى 2% فقط، وتواجه تكاليف تشغيلية عالية".
 
ويلفت إلى أن القطاع الفندقي في الأردن، يضم أكثر من 21.4 ألف عامل، وأن 50% من إشغال الفنادق تذهب تكاليف تشغيلية، ما يعني أن أعداداً كبيرة من العاملين يواجهون شبح التسريح.

 وقدر الهلالات خسائر القطاع السياحي بمليار دينار، بينما تظهر البيانات المالية لشركات الفنادق المدرجة في بورصة عمّان، انخفاضاً في إيراداتها بنسبة 26.2% خلال النصف الأول من العام الحالي مقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2023 لتصل إلى 50.7 مليون دينار.
 
وبشأن دور الحكومة حيال القطاع، يؤكد الهلالات أنه "لا يوجد إدارة حكومية لأزمة القطاع السياحي، رغم أن الحكومة تعلن أنه يشكل 15% من الدخل القومي"، متطرقاً في الوقت ذاته إلى أن "المطلوب هو أن تقوم الحكومة بواجبها، وتساعد في رواتب الموظفين وتخفض التراخيص على الفنادق وعلى شركات السياحة والسفر وتخفض الضرائب مؤقتاً، مع إيجاد أسواق بديلة عن السياح الأوروبيين مثل الهند والصين وكوريا وسنغافورة وماليزيا وأندونيسيا".
 
مدينة العقبة واحدة من أبرز الوجهات السياحية في الأردن
 
القطاع السياحي "منكوب"
لم يتردد الخبير السياحي ونائب أمين سر غرفة تجارة العقبة أسامة أبو طالب في وصف القطاع السياحي بـ"المنكوب"، قائلاً إنه "مع العدوان الإسرائيلي على غزة وتداعياته في المنطقة والإقليم، يشهد الأردن تراجعاً كبيراً في أعداد السياح يصل إلى حد الانقطاع".  
 
أبو طالب يضيف لـ"النهار العربي" أن "التشاؤم يحاصر ما مجموعه 13 مهنة رئيسية من القطاع السياحي في المثلث الذهبي (العقبة ووادي رم والبتراء)، حيث أدت الحرب إلى إلغاء حجوزات من قبل السياح بنسبة غير مسبوقة، إذ بلغت 95% من مجمل الحجوزات للسياحة الوافدة، أما سياحة البواخر إلى العقبة، فقد وصلت نسبة الإلغاءات فيها إلى 99%، وذلك بسبب المخاوف الأمنية في المنطقة ككل وعدم الاستقرار السياسي فيها، و الذي ساهم في عزوف السياح عن اختيارها كوجهة لهم".
 
ويتابع: "لا بد من تشكيل خلية أزمة مشتركة بين القطاعين العام والخاص لتضع حلولاً سريعة وطارئة، كما لا بد من وضع استراتيجيات للمستقبل وخطط طوارئ لتنفيذها في حال حدوث أي أزمة، وضرورة تطويرها بشكل جدي وجديد، بحيث تركز على تعزيز الأمن وجذب السياح من خلال حملات ترويجية تخرج من القالب الكلاسيكي وتركز الترويج الرقمي والإلكتروني، مع ضرورة تبني الترويج للعقبة كجهة منفردة ومستقلة، لما تتمتع به من مقومات تؤهلها لذلك".

كما يدعو أبو طالب إلى "البحث عن أسواق جديدة، على رأسها الآسيوية كشبه القارة الهندية والصينية والاندونيسية والماليزية لتحل محل الأسواق التقليدية، مع ضرورة تقديم توضيحات إضافية وبشكل عميق لوكلاء السياحة والسفر حول العالم بشأن الأوضاع السياسية في المنطقة والأردن على وجه التحديد".
 
ويرى أن "من أهم ما يمكن أن يحرك القطاع السياحي في العقبة تحديداً، هو إنشاء ناقل جوي وطني منخفض التكاليف يعزز قطاع السياحة في الأردن، فضلاً عن أن هناك طرقاً عدة يمكن أن تسهم في رفد السياحة، منها توفير خيارات سفر ميسرة وتقديم تذاكر جوية بأسعار معقولة، مما يجعل السفر إلى الأردن أكثر يسراً ومناسباً لشرائح أوسع من السياح، وكذلك العمل على تعزيز الحركة الجوية باستحداث جهات ورحلات جوية جديدة وبأسعار منافسة".

ويختم أبو طالب حديثه بشيء الأمل والإيجابية، قائلاً إنه "ورغم كل التحديات الكبيرة في المنطقة، فإن الأردن يمتلك مقومات سياحية فريدة يمكن أن تعود وبقوة للانتعاش مع عودة الاستقرار في المنطقة، مع العمل بجد على إعادة بناء الثقة وجذب السياح والاستثمارات السياحية من جديد". 
 

اقرأ في النهار Premium