تعكف الحكومة المصرية على تنفيذ خطة طموحة تستهدف دعم ومواصلة التوسع العُمراني القوي، بتوجيه استثمارات عامة تقدر بنحو 186 مليار جنيه (3,8 مليارات دولار)، وبنسبة 19% من جملة الاستثمارات العامة المستهدفة بخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2024-2025.
في 10 أعوام ماضية، حقق القطاع العقاري المصري قفزات قوية وطفرات غير مسبوقة، ما رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 20%، مدفوعاً بمجموعة من العوامل الداعمة لتصدره نشاط الأعمال في مصر.
ويعتبر وزير الإسكان المصري المهندس شريف الشربيني أن المشروعات القومية التي نفذتها الدولة "ركيزة وعامل أساسيان وراء ارتفاع مساهمة أنشطة القطاع العقاري في الاقتصاد القومي وتزايدها تدريجياً خلال السنوات الأخيرة".
وأضاف "أن مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي ارتفعت من 57 مليار جنيه (1,2 مليار دولار تقريباً) في عام 2018 إلى 124 مليار جنيه (2,5 مليار دولار تقريباً) في عام 2023، ما يعكس توجهات الدولة وجهودها القوية نحو التوسع العمراني".
طفرة وعوامل النمو
يقول الخبير الاقتصادي علي الإدريسي لـ"النهار العربي" إن الطفرة العقارية المحققة، والمتوقع استمرارها، ناتجة من عوامل عدة رفعت مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، يدرجها في الآتي: "الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي شهدته مصر في الأعوام العشرة الماضية، ما عزز الثقة في البيئة الاستثمارية وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع؛ والتحسن الملحوظ في البنية التحتية والمرافق الخدمية، مثل الطرق والكهرباء والمياه، في العديد من المناطق، خصوصاً في المدن الجديدة والمناطق العمرانية الجديدة".
يضيف الإدريسي: "ومن هذه العوامل أيضاً تشجيع الحكومة على الاستثمار في المشروعات العقارية الكبرى، مثل العاصمة الإدارية الجديدة وقناة السويس الجديدة، وتقديم حوافز وتسهيلات للمستثمرين؛ وارتفاع معدلات النمو السكاني والحاجة المتزايدة للوحدات السكنية والمكاتب والمراكز التجارية، ما أدى إلى زيادة الطلب على الوحدات العقارية؛ إضافة إلى تنويع المنتجات العقارية لتناسب مختلف الشرائح السكانية، من وحدات سكنية فاخرة إلى مساكن ميسورة التكلفة".
ويتوقع الإدريسي أن يواصل القطاع العقاري المصري نموه في ضوء الصفقات الاستثمارية الضخمة المزمع عقدها مع عدد من الاستثمارات الأجنبية، على غرار صفقة رأس الحكمة، موضحاً أن هذه الاستثمارات "ستساعد على تطوير مشروعات عقارية جديدة، وتوفير فرص عمل، ودعم البنية التحتية وتحسين الخدمات، وبالتالي، متوقع أن تستمر مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي الإجمالي في الارتفاع في السنوات المقبلة".
أولوية وطنية
تضع الحكومة المصرية ملف التنمية العمرانية والعقارية كإحدى الأولويات الوطنية لتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي، بتذليل التحديات الاقتصادية والمالية والتشريعية التي تواجه القطاع العقاري في مصر، والعمل على خلق مناخ جيد للاستثمار.
ومثلت مراسم توقيع "أكبر صفقة استثمار مباشر" نهاية شباط ( فبراير) الماضي، لتنفيذ مشروع تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة على الساحل الشمالي الغربي، مع "شركة أبو ظبي التنموية القابضة" في دولة الإمارات العربية المتحدة، توجهاً إستراتيجياً جديداً، وركيزة مهمة ضمن مخططات التنمية العمرانية المستهدفة.
وتستهدف مصر من الشراكات الاستثمارية في القطاع العقاري جذب استثمارات أجنبية مباشرة، وتعزيز التجارة ودعم القطاع الخاص، وضخ سيولة نقدية في السوق المصرية، إلى جانب توفير ملايين من فرص العمل الجديدة.
قطاعات مستفيدة
يؤكد الخبير الاقتصادي محمد السيد لـ"النهار العربي" أن التوجه الإستراتيجي للدولة نحو مواصلة التنمية العمرانية والطفرة القوية للقطاع العقاري خلال السنوات الأخيرة "سينعكس بقوة في الكثير من القطاعات الاقتصادية المرتبطة، وبالتالي بالإيجاب على المنظومة ككل".
ويضيف: "يرتبط بالقطاع العقاري عدد من القطاعات الأخرى، ومتوقع انتعاشها في ضوء مواصلة التوسعات العمرانية والشراكات الاستثمارية الضخمة على غرار مشروع رأس الحكمة"، مشيراً إلى أن القطاع السياحي يأتي في صدارة قائمة القطاعات المتوقع تزايد نشاطها في ضوء ارتباطه بقوة بعمليات التنمية العمرانية، "وهي تمثل عامل داعم نحو زيادة جاذبية المنشآت السياحية والطفرة العمرانية والبنية التحتية بصورة عامة".
وتدعم التنمية العمرانية المستهدفة برنامج عمل الحكومة المصرية الذي يستهدف تحقيق معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الحالي 2024 - 2025 يبلغ 4.2%، ورفع متوسط معدل النمو السنوي إلى 5.5% بحلول عام 2027، مع استهداف زيادة معدلات النمو إلى 6.5% بحلول عام 2030.
كما يستهدف البرنامج رفع نسبة الاستثمارات الخاصة من إجمالي الاستثمارات إلى 70% بحلول عام 2030، مقابل 25.5% خلال 2023 - 2024، فضلاً عن استهداف زيادة قيمة الصادرات المصرية.