النهار

تحديث مناخ الاستثمار في السعودية عامل جذب لتنويع الشراكات وتقليل المخاطر الجيوسياسية
باسل العريضي
المصدر: "النهار العربي"
أعدت المملكة العربية السعودية نظاماً جديداً للاستثمار، بعد إدخال تعديلات عليه تتوافق مع رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد. وفي جلسة مجلس الوزراء الأخيرة التي عقدت في جدة في 13 آب (أغسطس) برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تطرق المجلس إلى "مساعي المملكة لتعزيز جهودها عالمياً في مجال الاستدامة والحفاظ على البيئة"،
تحديث مناخ الاستثمار في السعودية عامل جذب لتنويع الشراكات وتقليل المخاطر الجيوسياسية
العاصمة السعودية الرياض (أ ف ب)
A+   A-

أعدت المملكة العربية السعودية نظاماً جديداً للاستثمار، بعد إدخال تعديلات عليه تتوافق مع رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد. وفي جلسة مجلس الوزراء الأخيرة التي عقدت في جدة في 13 آب (أغسطس) برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تطرق المجلس إلى "مساعي المملكة لتعزيز جهودها عالمياً في مجال الاستدامة والحفاظ على البيئة"، بما في ذلك العمل على "تطوير وتنمية المحميات الملكية، وفق استراتيجية تركز على حماية الحياة الفطرية ودعم التشجير والسياحة البيئية".

وأشار وزير الاستثمار خالد بن عبد العزيز الفالح، إلى أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر "ارتفعت بنسبة 158 في المئة في عام 2023 مقارنة بعام 2017، لتصل إلى 19.3 مليار دولار"، بالإضافة إلى أن الأنظمة والإصلاحات أسهمت في زيادة إجمالي تكوين رأس المال الثابت، بنسبة 74 في المئة عما كان عليه عام 2017، ليصل إلى ما يقرب من 300 مليار دولار في عام 2023.

وهذه الرؤية ليست بجديدة وقد سبقها خطوات كبيرة في هذا المجال، إذ أنشئ مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة تحت رعاية وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في عام 2017، وذلك لتحقيق أهداف البرنامج الوطني للطاقة المتجددة تماشياً مع رؤية المملكة 2030. وبحسب موقع مدينة الملك عبدالله للطاقة فإن البرنامج يهدف إلى زيادة حصة السعودية في إنتاج الطاقة المتجددة إلى الحد الأقصى، من خلال دعم وتطوير هذا القطاع، والعمل على الوفاء بالتزامات المملكة تجاه تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة من خلال تنويع مزيج الطاقة. ومن شأن هذه المشاريع أن تساهم في خلق فرص عمل جديدة، وتعمل على تحفيز التنمية الاقتصادية من خلال تطوير الصناعات التكنولوجية.

 

وفي هذا السياق، يقول مستشار التخطيط والاقتصاد عبدالله الفايز إن التحديثات الأخيرة تعد "عامل جذب قوي للكثير من الشركات العالمية للاستثمار في المملكة، فالمعروف أن رأس المال جبان. لذلك التحديثات ستجذب الشركات، لاسيما تلك التي تنظر إلى المخاطرة في الاستثمار في ظل غياب الضمانات والثقة التي تكفل لها حقوقها". ويتابع في حديثه لـ "النهار العربي" أن هذه التحديثات "هي دليل على التزام المملكة بتعزيز بيئة أعمال أكثر قانونية وشفافية وقابلية للتنبؤ وجاذبية للمستثمرين الأجانب"، وذلك من خلال نشر اللوائح الواضحة والمفصلة على موقع الوزارة، وبالتالي بات يمكن للمستثمرين المحتملين "فهم المشهد القانوني والحوافز والحماية المتاحة لهم بشكل أفضل".

وبرأي الفايز، هذه الشفافية تعزز الثقة لدى المستثمرين، "في حين أن الإجراءات المبسطة والحوافز الضريبية والإصلاحات القطاعية تجعل المملكة وجهة أكثر جاذبية لرأس المال الأجنبي". كما أن المبادرات التي أطلقتها المملكة في إطار رؤية 2030، مثل تحسين سهولة ممارسة الأعمال ودعم الاستثمار الأجنبي المباشر، "تعزز مكانتها كمركز استثماري تنافسي، ويعطي مزيد من الثقة للمستثمرين".

 

تقليل المخاطر الجيوسياسية

تنويع الاقتصاد السعودي لا يقتصر على التأسيس لقطاعات جديدة، بل تخطاه نحو عقد شراكات متنوعة حول العالم، على الرغم من التنافس الجيوسياسي بين القوى العظمى، فقد وقعّت شركة هندسة الطاقة الصينية، الأسبوع الماضي عقداً بقيمة 972 مليون دولار، لبناء محطة طاقة شمسية في السعودية، وتمثل هذه أحدث صفقة في سلسلة صفقات بين الصين والمملكة بشأن الطاقة المتجددة.

واتفقت شركة "TCL تشونغ هوان" الصينية لتكنولوجيا الطاقة المتجددة الشهر الماضي مع جهات سعودية تشمل صندوق الاستثمارات العامة على مشروع بقيمة ملياري دولار لتصنيع رقائق السيليكون. كما وقعت شركة جينكو سولار اتفاقية منفصلة للاستثمار في مصنع للخلايا والألواح الشمسية بقدرة 10 جيغاوات في السعودية وبتكلفة 985 مليون دولار.

وعن تنويع الشراكات يلفت الفايز إلى أن استراتيجية المملكة تعزز تنويع شراكاتها العالمية من خلال "سلة متنوعة من التوجهات الدولية في ظل المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية لكي تمنع وقوعها تحت ظل الاحتكار"، وهي تقوم بذلك من خلال بناء علاقات أقوى مع الأسواق العالمية مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية وروسيا وفرنسا، مع الحفاظ على علاقاتها التاريخية مع الولايات المتحدة، التي تتمتع بالنفوذ العالمي والمرونة الاقتصادية. ويتم ذلك "من خلال تعميق التعاون مع الصين والهند في مجالات مثل التكنولوجيا والبنية التحتية والطاقة، وتضع المملكة نفسها كلاعب أساسي في الاقتصاد العالمي المتغير". وفي الوقت نفسه، تظل السعودية ملتزمة بعلاقاتها الاستراتيجية والاقتصادية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة وباقي الدول، "مما يضمن أن تظل سياستها الخارجية متوازنة وقابلة للتكيف مع التغيرات العالمية". ويؤكد هنا أن "هذا التنوع لا يساهم في تقليل المخاطر الجيوسياسية فحسب، بل يفتح أيضاً آفاقاً جديدة لحرية التجارة والاستثمار والابتكار".

 

استراتيجية ثنائية

على الرغم من اتجاه العالم نحو الطاقة المتجددة، فإن النفط الخام لايزال من الأكثر استخداماً، وكانت السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم في عام 2022 بقيمة 236 مليار دولار، وهي من الدول المؤسسة لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، وبحسب موقع المنظمة فإن السعودية تمتلك حوالي 17 في المئة من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم.

وبناء عليه، كيف يمكن الموازنة بين الطاقة البديلة وتصدير النفط؟ وعن هذا السؤال لـ"النهار العربي" يجيب الدكتور عبدالله الفايز، أن تنويع الاقتصاد كأحد أهم أهداف رؤية 2030، وخصوصاً التوجه للطاقة البديلة، يمثل "تحولاً استراتيجياً طويل الأمد لضمان النمو الاقتصادي المستدام مع الحفاظ على دورها كأحد أكبر مصدري النفط في العالم"، مضيفاً أن المملكة تقوم بموازنة هذا التحول من خلال الاستمرار في استغلال احتياطاتها النفطية الهائلة لتلبية الاحتياجات الاقتصادية الحالية، "مع استثمار مكثف في مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، وإن لم تكن قد ثبتت جدواها، من خلال مبادرات مثل السعودية الخضراء وتطوير مشروع نيوم". ويستطرد الفايز هنا للإشارة إلى أن السعودية تقود الابتكار في مجال الطاقة النظيفة، حيث "تتيح هذه الاستراتيجية الثنائية للسعودية الحفاظ على دورها في السوق العالمية للطاقة، مع التحضير لمستقبل أقل اعتماداً على الوقود الأحفوري، مما يضمن التنوع الاقتصادي والاستدامة".

الكلمات الدالة

الأكثر قراءة

سياسة 11/23/2024 7:37:00 AM
أعلن برنامج "مكافآت من أجل العدالة" عن مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار أميركي مقابل الإدلاء بمعلومات عن طلال حمية المعروف أيضاً باسم عصمت ميزاراني
سياسة 11/23/2024 9:48:00 AM
إسرائيل هاجمت فجر اليوم في بيروت مبنى كان يتواجد فيه رئيس قسم العمليات في "حزب الله"، محمد حيدر

اقرأ في النهار Premium