تستعد الحكومة المصرية، ممثلة بوزارة المالية، لطرح عملة معدنية جديدة بفئة "2 جنيه" خلال العام المالي 2024-2025، لتسهيل المعاملات المالية اليومية، وتعزيز نظام النقد في مصر، ورفع كفاءة استخدام العملات الصغيرة.
وتقول مصادر مُطلعة إن الإجراءات لسكّ العملة المعدنية الجديدة وطرحها في الأسواق انتهت، في انتظار أن يبدي المركزي المصري ورئاسة مجلس الوزراء المصري مواقتيهما المبدئية.
هذا وقد ساد الشارع المصري علامات استفهام كثيرة حول أسباب إصدار العملة الجديدة: هل هذا مؤشر على معدلات التضخم الحالية وانخفاض القيمة الحقيقية للجنيه المصري في ضوء استمرار ارتفاع قيمة الدولار وتخطي مستوى 48 جنيهاً في الفترات الأخيرة؟
علاقة وطيدة
يؤكد بلال شعيب، مدير مركز رؤية للدراسات، لـ "النهار العربي"، أن لإصدار عملة جديدة، أعلى من الجنيه المصري، علاقة وطيدة بانخفاض القيمة الحقيقية للعملة الوطنية المصرية في الفترة الأخيرة.
ويضيف: "طبيعة المرحلة الحالية تتطلب وجود عملة جديدة تتناسب مع معدلات التضخم الحالية والقيمة الحقيقية للسلع والخدمات، وهذا يعكس ضرورة إصدار عملات معدة للتداول اليومي، بداية بفئة ’2 جنيه‘، ثم سكّ عملة معدنية بقيمة ’5 جنيهات‘"، موضحاً أن استمرار معدلات التضخم هو عامل ضاغط على قيمة العملة الوطنية، وارتفاع مستويات أسعار السلع والخدمات، "وهذا يتطلب حلولاً سريعة لمواجهتها، بدلاً من إصدار عملات جديدة أكبر من الجنيه".
ضغوط تضخمية
تشهد مصر تفاقماً في التداعيات الاقتصادية السلبية والآثار التضخمية القوية بعد قرار لجنة تسعير المنتجات البترولية تحريك سعر السولار والبنزين بأنواعه في 25 تموز (يوليو) الماضي، للمرة الثانية منذ تعزيز صندوق النقد الدولي برنامج قروضه للبلاد بخمسة مليارات دولار في آذار (مارس)، إضافة إلى التأثير السلبي المتوقّع من قرار رفع وزارة الكهرباء المصرية تعريفة الكيلووات/ساعة للمشتركين بداية من آب (اغسطس) الجاري، ضمن مستهدفات رفع أسعار الكهرباء.
هذا ورفعت الحكومة أسعار بعض السلع المدعومة والخدمات للتغلب على عجز الموازنة الذي بلغ 505 مليارات جنيه (10,27 مليارات دولار) في ميزانية بلغت إجمالي مصروفاتها 3,016 تريليون جنيه بنهاية العام المالي في 30 حزيران (يونيو) الماضي.
ووفقاً لآخر بيانات رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، سجل معدل التضخم السنوي في المدن المصرية 25.7% في تموز (يوليو) الماضي.
متطلبات سريعة
يعرض شعيب أبرز الحلول في هذه المرحلة لكبح جماح التضخم وعدم التوسع في إصدار عملات جديدة، "ممثلة في ضرورة توافق القرارات والسياسات النقدية بالدولة مع المالية، والاتجاه نحو خفض أسعار الفائدة، والابتعاد عن رفع أسعار المحروقات في الفترات المقبلة.
يضيف: "شهدت الفترة الأخيرة تناقضاً بين قرار البنك المركزي المصري تثبيت أسعار الفائدة بهدف السيطرة على معدلات التضخم وامتصاص اكبر قدر من السيولة، وبين قرار رفع أسعار المحروقات، ما انعكس رفعاً في أغلب المستويات السعرية للسلع والخدمات، ومضاعفةً للتأثير السلبي المتوقع على معدلات التضخم المستقبلية".
وفي ذلك، يدعو الخبير الاقتصادي أحمد المسيري إلى تشكيل لجنة تضم كافة أطراف الجهات والوزارات المختلفة، ويقول لـ"النهار العربي" إن هذا "ضروري لخلق التنسيق على صعيد اتخاذ القرارات الجاري دراستها للتعرف على أبعادها المختلفة قبل البدء بمراحل التنفيذ على أرض الواقع"، مشيراً إلى أن توقيت طرح عملة جديدة في الوقت الحالي بقيمة أكبر من الجنيه "يمثل عاملاً ضاغطاً على العملة الوطنية، يدفعها إلى التراجع أكثر، ومن ثم رفع الحد الأدنى لمستويات تسعير السلع والخدمات".
هذا، ويربط الشارع المصري القرارات الاقتصادية الأخيرة باشتراطات صندوق النقد الدولي وبرنامجه التمويلي لمصر، خصوصاً بعد الانتهاء من مناقشة المراجعة الثالثة لبرنامج الاتفاق مع الصندوق في نهاية تموز (يوليو) الماضي.
وكانت مصر قد توصلت إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في آذار(مارس) الماضي، يقضي برفع قيمة القرض الخاص بها إلى 8 مليارات دولار بدلاً من 3 مليارات دولار، بحسب اتفاق أولي تم في كانون الأول (ديسمبر) 2022.