مهّدت الجهود الحثيثة التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة، لتطوير موانئها البحرية ومضاعفة دورها في الأعوام الأخيرة، الطريق نحو تحقيق إنجازات فريدة وتنمية اقتصادية شاملة، فضلاً عن التحول إلى لاعب استراتيجي ومحرك رئيسي لمنظومة التجارة العالمية.
وحلّت الإمارات في المرتبة الرابعة عالمياً بين أفضل 30 اقتصاداً أداءاً في سرعة مناولة السفن والشحن عبر ناقلات البضائع السائبة الجافة، إضافة إلى المرتبة السادسة على صعيد مؤشر أداء مناولة الشحن والسفن للناقلات من ناحية وصول السفن ومتوسط القيمة، وفقاً لتقرير الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد).
واستطاعت موانئ الإمارات البحرية أن تندرج ضمن أفضل عشرة موانئ عالمية في حجم مناولة الحاويات، وتيسير التجارة المنقولة بحراً، وتزويد السفن بالوقود، لتتحول إلى مراكز عالمية تدعم تنويع مصادر الدخل، وتحقيق الريادة على الخارطة البحرية العالمية.
انطلاقة وريادة
يؤكد الخبير الاقتصادي ياسين أحمد لـ"النهار العربي" أن تجربة الإمارات وشبكة موانئها الخاصة فريدة من نوعها بدأت منذ أعوام، "حرصت خلالها الدولة على تنمية الموانئ لتتحول الدولة إلى مركز عالمي للتجارة والنقل البري والتواجد بين الاقتصادات الأكثر أداءاً في سرعة مناولة السفن والشحن عبر النقالات".
ويضيف: "الطفرة المحققة على صعيد الموانيء البحرية ناتجة من إجراءات تتبعها الحكومة الإماراتية لتنويع مصادر دخلها من خلال أنشطة غير نفطية، فضلاً عن حزمة من القرارات الاستثمارية الداعمة لقدرتها على استقطاب وتسهيل حركة التجارة البحرية عبرها"، مشيراً إلى أنه في ضوء تلك الجهود العديدة "أصبحت موانئ الإمارات واحدة من المحركات الرئيسية للتجارة والصناعة والخدمات اللوجستية في العالم، إذ تشكل ربطاً بين أبوظبي والعالم"، علماً أن في الإمارات 12 منفذاً بحرياً تجارياً.
شبكة قوية
تستفيد موانئ الإمارات البحرية من قدرتها على وصل دول المنطقة مع العالم لتستحوذ على النسبة الأكبر من حجم مناولة الحاويات والبضائع المتجهة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، ما يعكس دورها في التجارة الإقليمية والعالمية وما يبرر حلولها في المرتبة الأولى شرق أوسطياً في قوة أساطيل النقل البحري، والأولى إقليمياً في مؤشر الربط بين الموانئ البحرية.
في السياق نفسه، يعرض الخبير الاقتصادي عزيز النصيري لـ"النهار العربي" أبرز العوائد الاستثمارية المتوقعة من الطفرة التي تشهدها الموانئ البحرية الإماراتية. يقول: "أبرز العوائد تتمثل في نجاح استراتيجية دولة الإمارات على صعيد تنويع مصادر دخلها بعيداً عن القطاعات النفطية، إضافة إلى تعزيز الشراكات الإماراتية مع العديد من الدول، ومحاكاة الكثير من التجارب المختلفة، ودورها في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي ودعم العديد من القطاعات ذات صلة، في مقدمتها القطاع السياحي والنشاط التجاري واللوجستي، بما يساهم في خلق روافد تنموية مستدامة للاقتصاد الإماراتي، وتحقيق طفرات قوية وعوائد متنوعة خلال المرحلة المقبلة".
ويؤكد النصيري أن الإمارات تتمتع بالعديد من المزايا والمقومات الداعمة للقيام بدور قيادي على صعيد حركة التجارة العالمية في المنطقة، "في ضوء موقعها المتميز وكثرة الموانىء البحرية بها وتوافر مختلف الخدمات اللوجستية الداعمة لتحقيق ذلك".
مؤشرات نمو
وفقاً للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، تستهدف دولة الإمارات تحقيق 3 تريليونات درهم (816,7 مليار دولار) في تعاملات التجارة الخارجية غير النفطية مع نهاية هذا العام، مشيراً إلى أن تجارة الإمارات الخارجية اقتربت من 1,4 تريليون درهم (381 مليار دولار) خلال ستة أشهر، بنمو 25% للصادرات غير النفطية.
وهذا يعكس أهمية دور الموانىء البحرية والتوجهات الحالية لتحقيق تلك المستهدفات ونمو الناتج المحلي الإجمالي للدولة، والذي يتوقّع نموه بنحو 3.9% في العام الجاري، مدفوعاً بالنمو القوي في القطاعات غير النفطية بنسبة 5.4%، وفقاً للمصرف المركزي الإماراتي.
وبحسب التقرير السنوي لمصرف الإمارات، متوقع أن يتسارع نمو القطاع غير النفطي ليصل إلى 6.2% خلال عام 2025، وأن يرتفع إنتاج النفط بشكل كبير نتيجة لقرارات "أوبك بلس" واستمرار توقعات النمو الإيجابية في القطاع غير النفطي.