واصل سوق الاكتتابات العامة الأولية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مرونته وجاذبيته الاستثمارية خلال الربع الثاني من العام الجاري، تزامناً مع خطط التنويع الاقتصادي للدول وتطبيق أحدث الابتكارات والتطورات التكنولوجية الحديثة، بما يضاعف فرص الاستثمار والعوائد المتوقعة في أسواق رأس المال.
وشهدت المنطقة خلال الربع الثاني من العام الجاري تسجيل 14 اكتتاباً، بإجمالي عائدات 2,64 مليار دولار، وبنسبة نمو 45.3% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، تصدرتها السعودية من حيث عدد الإدراجات، بتسجيل 11 من أصل 14 اكتتاباً، لتجمع ما مجموعه 1,6 مليار دولار. ومثلت الإمارات أكبر مساهم في نشاط الاكتتابات، بالاستحواذ على عوائد إدراج شركة "ألف" للتعليم وشركة "سبينس 1961 هولدينج" على 33.8% من إجمالي عائدات الاكتتابات في الربع الثاني من هذا العام، وفقاً لتقرير "إرنست أند يونغ" بشأن نشاط الاكتتابات في المنطقة.
تقدم خليجي
وبلغت الاكتتابات الأولية العامة في أسواق الأسهم الخليجية نحو 3,6 مليارات دولار في النصف الأول من عام 2024، من خلال 23 عملية طرح أسهم، بحسب تقرير صادر عن المركز المالي الكويتي "المركز". وجاءت السعودية في الصدارة من حيث إجمالي الاكتتابات الأولية العامة، حيث تم طرح 19 اكتتاب بقيمة إجمالية بلغت 2,1 مليار دولار، ثم الإمارات بـ 3 اكتتابات أولية عامة بلغت قيمتها الإجمالية 1,3 مليار دولار وبورصة الكويت باكتتاب أولي عام واحد بلغت قيمته الإجمالية 147 مليون دولار.
يقول غريغوري هيوز، رئيس خدمات الاكتتابات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "إرنست أند يونغ"، إن سوق الاكتتابات شهد أيضاً استقبال بورصة الكويت أول إدراج لها منذ عام 2019، "ما يعكس التنويع الاقتصادي بعيداً عن قطاع النفط والغاز حيث أدرجت اكتتابات هذه الفترة لمجموعة متنوعة من القطاعات، بما فيها الرعاية الصحية والتعليم والسلع الاستهلاكية والخدمات المهنية".
تأتي الارتفاعات المحققة لنشاط الاكتتابات بالمنطقة على الرغم من تراجع نشاط الاكتتابات العامة الأولية على الصعيد العالمي مقارنة بالربع الثاني من عام 2023، إذ انخفض عدد الاكتتابات العامة بنسبة 15% من 317 إلى 271 اكتتاباً، كما انخفضت العائدات بنسبة 31%، من 40,4 مليار دولار إلى 27,8 مليار دولار، ما يعكس مرونة أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع التركيز على التنويع الاقتصادي للدول الخليجية.
خطط وتوجهات
تقول الدكتورة حنان رمسيس، الخبيرة الاقتصادية ومحللة أسواق المال، لـ"النهار العربي" إن نشاط الاكتتابات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يشهد تطوراً كبيراً خلال الفترات الأخيرة "بدعم من خطط وتوجهات الدول لاسيما الخليجية الداعمة لنمو واستقرار تلك الأسواق والاعتماد عليه كرافد تمويلي حيوي لخططها الهادفة إلى التنويع الاقتصادي".
وتضيف: "إن أسواق الخليج، وتحديداً الإمارات والسعودية، تتصدر قائمة أنشط الأسواق جذباً للاكتتابات في المنطقة بدعم من خطط الإمارات نحو دعم ومضاعفة دور القطاع الخاص، و’رؤية السعودية 2030‘ والتي تتضمن العمل على تمثيل أغلب الشركات في البورصة"، متوقعةً أن تواصل أسواق الخليج بصفة خاصة والمنطقة بشكل عام جاذبيتها الاستثمارية على صعيد تدفقات الاكتتابات العامة، "نتيجة الميزة التنافسية لدول مجلس التعاون الخليجي، والتي تتيح فرص طرح أسهم شركة في عدد من أسواق المجلس في ذات التوقيت، ما يمثل فرصة واعدة تتيح للمستثمرين المحليين والأجانب بدائل استثمارية متعددة بمرونة وإجراءات بسيطة".
فرص واعدة
وتؤكد رمسيس أن أسواق رأس المال العربية "تمتلك فرصاً واعدة، قادرة على مضاعفة حجم عوائدها الاستثمارية، لاسيما في حال العمل على إزالة كافة الحواجز المرتبطة بعمليات التداول بين الأسواق الخليجية وشمال أفريقيا، بما يدعم فرص نمو جيدة لحركة التداولات بين الأسواق وزيادة تدفقات صناديق الاستثمارات العربية والأجنبية".
ويتفق معها خبير أسواق المال والمحلل الاقتصادي الدكتور حسام الغايش، قائلاً لـ"النهار العربي": "متوقع أن تحافظ عمليات الاكتتاب العام الأولي في الشرق الأوسط على متانتها في عام 2024، في ضوء سلسلة من عمليات الاكتتاب العام الأولي المرتقبة بما فيها شركات القطاع الخاص التي تبحث عن السيولة والوصول إلى رأس المال"، منتظراً أن تشهد أسواق المنطقة بدء نشاط شركات خاصة وصناديق استثمارية في قطاعات مختلفة، مع إدراج أسهمها في أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال عام 2024.