"إن مصائب قوم عند قوم فوائد" تنطبق هذه المقولة على الأشخاص أو الشركات ممن يكونون ثروات خلال الأزمات المالية أو الأزمات عموماً مثل الحروب أو الكوارث الطبيعية أو الأوبئة، عبر استغلال احتياجات المستهلكين أو شراء الشركات المُنهارة أثناء الأزمة، لنجد أن ثروة مليارديرات العالم ارتفعت إلى 10.2 تريليونات دولار خلال جائحة كوفيد-19، بحسب تقرير صادر عن بنك يو بي إس السويسري في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2020 ونقلته صحيفة الجارديان البريطانية، وهذا الرقم يعادل 4 مرات الناتج المحلي الإجمالي لاقتصادات دول قارة إفريقيا البالغ 2,44 تريليون دولار عام 2020، بحسب منصة ستاتيستا للبيانات والإحصاءات.
فكيف ينمي الأفراد ثرواتهم خلال الأزمات؟، ومن هم أثرياء الحرب؟
نجد أن قطاع التكنولوجيا على سبيل المثال وليس الحصر انتعش بقوة خلال جائحة كوفيد-19 جراء الإغلاق العام الذي فرضته العديد من الدول للحد من تفشي الوباء، حيث حققت القوى الخمس العظمى في مجال التكنولوجيا - أمازون وآبل وغوغل ومايكروسوفت وفيسبوك - إيرادات مجمعة تزيد عن 1,2 تريليون دولار، بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز في نيسان (أبريل) 2021. كما نجد قطاعي منتجات العناية الصحية والأدوية قفز أيضاً لمستويات قياسية بفضل ارتفاع الطلب عليهما خلال فترة الجائحة.
وللإجابة عن سؤال: لماذا يزداد الأثرياء ثراءً خلال الأزمات؟... يقول خبراء الاقتصاد إن الأمر يعود إلى الحكومات وسياسات بعض الدول التي تقدم خلال الأزمة إعفاءات ضريبية وحوافز مالية للشركات والأفراد؛ بهدف تحريك السوق ودعم القوى الشرائية للمستهلكين، كما تغرق البنوك الاقتصاد بالأموال؛ لتسهيل الإقراض والإنفاق، وهذه الإجراءات التحفيزية تساعد الأثرياء ممن يملكون رؤوس الأموال على تنمية استثماراتهم وتلبية احتياجات السوق التي في الغالب ترتفع على منتجات وخدمات بعينها (مثل الأدوية والكمامات والكحول خلال فترة فيروس كورونا)، كما يتجه البعض لابتكار منتجات جديدة تتناسب مع الوضع بعد الأزمة مثلما ظهرت شركة زووم الأميركية لمكالمات الفيديو عبر الإنترنت، والتي قفزت أرباحها خلال عام 2020 بنسبة 3,300 بالمئة مقارنة بعام 2019.
6 خطوات لبناء الثروات خلال الأزماتيقول خبير المال الهندي، جاسبريت سينغ (Jaspreet Singh)، في فيديو له، إن الولايات المتحدة (أكبر اقتصاد في العالم) شهدت خلال القرن الأخير ركوداً بنهاية كل عقد تقريباً، وفي كل مرة نجد تأثير هذا الركود كبيراً وأن أعداد المليونيرات يزداد رغم الأزمة، والنقطة المفصلية هنا هي كيف تستعد لاستقبال أزمة مالية، وكيف تتحكم في 4 أشياء رئيسية هم الذعر والمبالغة في البيع والفرصة والأرباح خلال الفترات الصعبة.
خطة طوارئينصح سينغ بضرورة الاحتفاظ بمدخرات للطوارئ تكون في صورة أصول مالية قابلة للتحول إلى سيولة نقدية في أي وقت، قائلاً "في أوقات الأزمات المالية يفقد العديد من الناس وظائفهم وهو أمر سيء للغاية، لكن الأمر يتفاقم عندما لا يملك هؤلاء الأفراد مدخرات احتياطية للطوارئ تساعدهم على تجاوز هذه المحنة أو مواجهة تحديات غير متوقعة مثل فاتورة طبية أو إصلاح سيارة جراء عطل مفاجئ"، حيث يوصى خبراء أسواق المال بضرورة توفير رصيد من المال يغطي نفقات الأسرة لفترة 6 أشهر أو أكثر خلال فترة الأزمة المالية.
وترى مؤسسة ويلز فارغو (Wells Fargo) للاستشارات المالية، أن هناك 5 خطوات ليكون لديك صندوق للطوارئ يغطي نفقاتك خلال فترة تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر، والخطوة الأولى هي ادخار جزء بسيط من الراتب الشهري بعد التأكد من سداد جميع الفواتير والديون بالكامل فبضعة دولارات توفرها يومياً يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً مستقبلاً، والخطوة الثانية هي فتح حساب توفير منفصل، وثالثاً إعداد تحويلات تلقائية تستقطع من حسابك الأساسي وتحوّل للحساب المُنفصل، ورابعاً استخدام أي زيادة في الدخل أو حافز مالي في زيادة مدخراتك، وأخيراً كن متحفزاً، واحتفل بانتصاراتك، وأجعل الادخار عادة.
أصنع فرصتك الاستثماريةيقول خبير أسواق المال إنه يجب عليك توفير بعض الفرص الحقيقية لتحقيق الربح، مثل اقتناص الفرص عندما تهبط أسعار الأسهم للقاع وبنسبه تتخطى 40 بالمئة، هنا يمكنك دراسة مثل هذه الفرصة والتأكد من أن الهبوط مرتبط بحالة الركود وأن سهم الشركة سيحصل على الدعم ليرتفع مجدداً، ولكن "إذا كنت لا تملك المال الكافي للشراء، فقد أضعت فرصة حقيقية لتصبح ثرياً".
وفي تدوينة له كتب رجل الأعمال الشهير ومؤلف كتاب "الأب الغني والأب الفقير": "لقد علمني الأب الغني وابنه أن انهيار الأسواق هو الوقت الذي يصبح فيه الأثرياء أكثر ثراءً.. وذلك من خلال شراء الأصول بأسعار زهيدة".
استثمر في معرفتك الماليةيقول سينغ "بمجرد الحصول على المعرفة يمكنك إجراء استثمارات ذكية بنفسك"، وهذا يتطلب منك فهم الأخبار المالية، والاتجاهات المالية، والثقافة المالية؛ وكل ذلك لمعرفة إلى أين تتجه الأموال محلياً وعالمياً.
إحذر فاتورة السيارةيرى خبير أسواق المال، أن أول فاتورة يعجز الشخص عن سدادها خلال الركود ليست فاتورة المنزل بل هي فاتورة السيارة، لذلك عليك اقتناء سيارة تتحمل تكلفة تشغيلها ورسومها مثل تجديد الرخصة والمخالفات المرورية والتأمين. كما نصح بشراء السيارة نقداً حتى لا تتحمل أعباء الدين المتمثلة في سداد الأقساط.
سدد ديونكفي رأي سينغ المهني، يعتبر التخلص من القروض الشخصية خطوة كبيرة نحو النجاح المالي. ويشمل ذلك ديون بطاقات الائتمان والقروض قصيرة الأجل وأي ديون أخرى "لا تضيف أي أموال إلى جيبك ولكنها تسحب المال من جيبك كل شهر".
عِش في حدود إمكانياتكأخيرا، عليك أن تعيش في حدود إمكانياتك. يقول سينغ: "يجب أن تكون على استعداد لقبول خفض راتبك. وبهذه الطريقة، سيكون لديك المال للادخار والاستثمار كل شهر"، متوسعا في مفهوم أنه إذا كنت تكسب 1000 دولار، فلا ينبغي لك أن تخرج وتنفق 999 دولارا منها، بل عليك أن لا تنفق أكثر من 750 دولارًا. فأنت بهذه الطريقة تستثمر 150 دولارًا على الأقل، وتدخر 100 دولار على الأقل. وبذلك توفر بعض المال للادخار، وتدخر بعض المال للاستثمار، وتدخر بعض المال للإنفاق".
7 مستويات للثروةكتب المستشار المالي الأميركي أندرو لوكيناوث، على صفحته الرسمية بموقع إكس، أن "كل دولار تملكه هو موظف ويجب أن يعمل لصالحك"، لذلك ثمة 7 مستويات للثروة عليك التعرف عليهم:
المستوى 1: العيش من راتب إلى راتب
المستوى 2: وضع خطة لأموالك
المستوى 3: سداد الديون
المستوى 4: بناء صندوق الطوارئ
المستوى 5: الاستثمار في الأصول
المستوى 6: بناء مصادر متعددة للدخل
المستوى 7: الحرية المالية