النهار

سوق التأمين في الدول العربية: وعي متزايد ودول الخليج في المقدمة
باولا عطية
المصدر: النهار
سوق التأمين في الدول العربية جزء أساسي من الاقتصادات المحلية، مع تزايد الوعي بأهمية التأمين لحماية الأفراد والشركات من الأخطار. ويختلف حجم هذا السوق في الدول العربية بشكل كبير وفقاً لحجم الاقتصاد والتطور المالي والبنية التحتية لكل دولة.
سوق التأمين في الدول العربية: وعي متزايد ودول الخليج في المقدمة
تعبيرية
A+   A-
تُعدّ منطقة الخليج العربي (دول مجلس التعاون الخليجي) الأكثر تطوراً من حيث سوق التأمين، بسبب عوامل مثل النمو الاقتصادي السريع، وزيادة الوعي بأهمية التأمين، والقوانين التي تجبر الشركات والأفراد على شراء بعض أنواع التأمين، مثل التأمين الصحي والتأمين على السيارات، بحسب جهاد فيتروني، الرئيس التنفيذي لشركة دبي الإسلامية للتأمين وإعادة التأمين "أمان"، الذي كشف لـ"النهار" أنّ "حجم السوق في الخليج يُقدّر بحوالى 25-30 مليار دولار، ويُعتبر سوقا الإمارات والسعودية هما الأكبر في هذه المنطقة". 

وشرح فيتروني أنه "في دول مثل مصر، المغرب، والأردن، حجم سوق التأمين في تزايد لكنه أقل تطوراً مقارنة بدول الخليج. ففي مصر، على سبيل المثال، يقارب حجم السوق 2-3 مليارات دولار، فيما يقدّر إجمالي السوق العربي للتأمين بحوالى 35-40 مليار دولار".

التقنية نقطة قوة
ومن أبرز نقاط القوة التي يتميز بها قطاع التأمين في المنطقة العربية، بحسب فيتروني، التطور التكنولوجي، "فمع اعتماد التكنولوجيا الرقمية في قطاع التأمين، مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، أصبحت الشركات قادرة على تحسين كفاءة العمليات وتقديم خدمات مخصصة وسريعة. ويؤدي النمو السكاني المتزايد في العديد من الدول العربية، إلى زيادة الطلب على منتجات التأمين، سواء التأمين الصحي أم التأمين على الحياة والممتلكات. كما يلعب الاستقرار الاقتصادي دوراً أساسياً، لا سيما في الدول الغنية بالنفط، ما يعزز الطلب على التأمين بأنواعه المختلفة سواء للأفراد أو الشركات".

وتابع فيتروني: "تقدم شركات التأمين في العديد من الدول العربية مجموعة متنوعة من المنتجات التأمينية التي تلبّي حاجات مختلفة، كما حسنت العديد من الدول العربية البيئة التنظيمية لسوق التأمين، مثل إنشاء هيئات تنظيمية مستقلة ووضع قوانين تحمي حقوق المؤمّن عليهم والشركات". 

ولفت إلى أنّ "هناك زيادة في الوعي العام في بعض الدول العربية بأهمية التأمين في حماية الأفراد والشركات من الأخطار المالية غير المتوقعة، بخاصة في ظل التطورات الاقتصادية والتحدّيات الصحية مثل جائحة كورونا، فيما يشهد قطاع التأمين الإسلامي (التكافل) نمواً ملحوظاً في الدول ذات الغالبية المسلمة، حيث يوفر خيارات متوافقة مع الشريعة الإسلامية للمؤمّن عليهم. أما مشاريع البنية التحتية الكبرى في العديد من الدول، مثل المدن الذكية والمشاريع العقارية الضخمة، تدفع الطلب على منتجات التأمين المرتبطة بالإنشاءات والمشاريع الكبرى".

تحديات بوجه النمو
ورغم نقاط القوة التي يتمتع بها سوق التأمين في الدول العربية، إلّا أن هناك مجموعة من التحدّيات التي قد تعوق نموه وتطوره. ومن أبرزها، ذكر فيتروني "انخفاض الوعي التأميني. فرغم تحسن الوعي بأهمية التأمين في بعض الدول، لا تزال هناك نسبة كبيرة من الأفراد والشركات الذين لا يعتبرون التأمين أولوية، خصوصاً في الدول الأقل نمواً. وهذا يؤدي إلى ضعف الإقبال على منتجات التأمين، بخاصة في مجالات مثل التأمين على الحياة والتأمين الصحي. وتواجه الشركات في بعض الدول العربية، تحدّيات بسبب عدم وجود تشريعات وتأطير قانوني متطور تحمي حقوق المؤمّن عليهم وتحفّز الاستثمار في قطاع التأمين. كما تؤثر تقلّبات أسعار النفط بشكل مباشر على اقتصادات العديد من الدول العربية. ما يؤدي إلى انخفاض الطلب على منتجات التأمين، خصوصاً التأمين التجاري".

وأضاف فيتروني، أن "السوق في بعض الدول مثل الإمارات والسعودية يشهد تنافساً كبيراً بين شركات التأمين، ما يؤدي إلى خفض الأسعار وتقديم العروض الترويجية بشكل قد يؤثر على جودة الخدمات المقدمة وربحية الشركات، فيما تواجه بعض الدول العربية تحدّيات جيوسياسية وأمنية تؤثر بشكل كبير على الاستقرار الاقتصادي، مثل لبنان وسوريا واليمن. هذه الظروف تجعل من الصعب على شركات التأمين العمل في بيئة مستقرة، وقد تزيد من مستويات المخاطر التي تواجهها".

وأشار إلى أنّ "هناك نقصاً في المهارات المتخصصة والمعرفة في إدارة التأمين والتكافل في بعض الأسواق. وهذا يؤدي إلى ضعف في القدرة على تطوير منتجات جديدة أو التكيف مع التغيرات في حاجات العملاء أو معايير السوق. كذلك، لا يزال الاندماج بين البنوك وشركات التأمين محدوداً في بعض الدول، وهذا ما يقلّل من فرص نمو التأمين كمنتج مصرفي".

أكثر طلباً
ورغم أن بوالص التأمين المطلوبة تختلف بين الدول بناءً على حاجات الأفراد والشركات، وكذلك بناءً على الظروف الاقتصادية والاجتماعية في كل دولة، هناك بعض البوالص التي تُعتبر أكثر طلباً وانتشاراً في معظم الدول العربية، وهي: التأمين الصحي، التأمين على السيارات، التأمين على الحياة، التأمين ضدّ الحوادث الشخصية، التأمين على الممتلكات، التأمين التجاري والصناعي، التأمين البحري والجوي، التأمين ضدّ الكوارث الطبيعية، التأمين التكافلي (الإسلامي)، التأمين على السفر. وهذه البوالص برأي فيتروني "تعكس حاجات الأفراد والشركات في المنطقة العربية وتواكب التحدّيات والمخاطر".

وتُعتبر الإمارات من أبرز الأسواق في قطاع التأمين العربي بفضل التشريعات الداعمة، والطلب المتزايد على التأمين الصحي والتأمين على السيارات. كما تمتلك السعودية سوقًا كبيراً ومتنامياً في مجال التأمين. ويُعتبر التأمين الصحي إلزامياً لموظفي القطاع الخاص، ما يعزز الطلب على هذا النوع من التأمين.

أما قطر فتشهد نمواً قوياً في قطاع التأمين، مع وجود شركات تأمين محلية ودولية تقدم مجموعة متنوعة من المنتجات. وقد ساهمت المشاريع الضخمة التي تُنفّذ في البلاد في زيادة الطلب على التأمينات التجارية والإنشائية. كذلك يتمتع السوق الكويتي بتاريخ طويل في قطاع التأمين، ويُعتبر التأمين على الحياة والتأمين الصحي من الأكثر طلباً. كما هناك أيضاً نمو ملحوظ في التأمين التكافلي، سواء أكان صحياً أم مالياً أم أمنياً.

اقرأ في النهار Premium