في خطى موازية لخطى الجزائر ومستهدفاتها الاقتصادية الطموحة، واستراتيجياتها التطويرية الهادفة إلى تحقيق معدلات تنمية مستدامة، نجحت مؤخراً في الحصول على الموافقات اللازمة للانضمام إلى بنك التنمية الجديد (NDB)، التابع لمجموعة "بريكس" الاقتصادية، في ختام الاجتماع السنوي التاسع لمجلس محافظي البنك الجديد للتنمية في كيب تاون بجنوب أفريقيا.
وصفت وزارة المالية الجزائرية الانضمام إلى الذراع المالية لمجموعة "بريكس" بأنها "خطوة كبيرة في مسار الاندماج في النظام المالي العالمي"، لتكون الدولة التاسعة التي تنضم إلى عضوية البنك الجديد للتنمية، والدولة العربية الثالثة بعضوية البنك بعد مصر والإمارات، إذ يضم البنك حالياً 9 أعضاء (منهم أوروغواي عضو محتمل)، إضافة إلى الجزائر.
وبنك التنمية الجديد متعدد الأطراف، أنشأته الدول المؤسسة لمجموعة "بريكس" (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا) في عام 2015، لتعبئة الموارد لمشروعات البنية الأساسية والتنمية المستدامة في الأسواق الناشئة والبلدان النامية.
وترتكز استراتيجيته على استغلال رأس المال في أغراض التنمية لتسريع النمو الاقتصادي، وتحقيق الاستدامة البيئية والاجتماعية، لتحسين حياة الناس في الدول الأعضاء. كما يركز على عدد من القطاعات الأساسية لتمويلها وتنميتها، وتتضمن الطاقة النظيفة والبنية التحتية الاجتماعية والرقمية، وكفاءة الطاقة، والبنية التحتية للنقل، والمياه.
دعم قوي للجزائر
تعول الجزائر على هذه الخطوة لدعم مخططاتها الاقتصادية الهادفة إلى رفع معدلات النمو في الأعوام المقبلة، بتنويع موارد قطاعاتها الاقتصادية، إضافة إلى تجاوز الناتج الإجمالي للجزائر 400 مليار دولار في النصف الأول من عام 2026، وفقاً للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
وتتمثل مستهدفات مشروع قانون المالية الجزائري لعام 2024 تحقيق نمو اقتصادي بنحو 4.2% مع انتعاش بنحو 1% في قطاع المحروقات، ومقرر أن يرتفع إلى 3.9% في عام 2025، و4% في عام 2026، مدفوعًا بأداء جميع القطاعات، بدعم من انتعاش قطاع المحروقات.
تعقيباً على ذلك، يرصد عدد من الخبراء الاقتصاديين حزمة من العوائد والمحفزات الإيجابية المتوقعة من إنضمام دولة الجزائر إلى بنك التنمية الجديد، مؤكدين أهمية الخطوة في دعم مستهدفات الدولة الاقتصادية والتنموية في مختلف القطاعات.
ويضيف هؤلاء الخبراء أن أبرز العوائد والمحفزات الاقتصادية المتوقعة تتمثل في 5 عوائد، ممثلة في تعزيز النمو الاقتصادي للبلاد في المديين المتوسط والطويل، والاندماج في النظام المالي العالمي، ودعم خطط الدولة الصناعية، وخطط التصدير خارجياً بفتح أسواق تصديرية جديدة من خلال الدول الأعضاء. ورابع تلك العوائد الاقتصادية هو فتح آفاق جديدة لتمويل المشروعات التنموية في الجزائر، وأخيراً دعم قدرة الدولة على تنفيذ خططها الإصلاحية المرسومة في قطاعات عدة، بما يساهم في تحقيق تنمية مستدامة.
عوائد وتمويلات
يؤكد الخبير الاقتصادي أنور القاسم لـ"النهار العربي" أن انضمام الجزائر للذراع المالية لمجموعة "البريكس" مؤشر قوي على التخطيط المستقبلي الاقتصادي للبلاد، ويجعل الجزائر تسير إلى جانب دول كبرى مثل روسيا والصين.
يضيف: "يعزز هذا الانضمام تصنيف الجزائر كاقتصاد ناشئ من الشريحة العليا، خصوصاً في ضوء دور مصرف ’البريكس‘ وتمويلاته القوية في السنوات الماضية".
ويرى الخبير الاقتصادي أحمد المسيري أن أمام الجزائر فرصة قوية للاندماج في مجتمع مالي كبير ومحاكاة الدول الأعضاء وتبادل الخبرات والتجارب المختلفة، إضافة إلى فتح أسواق تصديرية جديدة أمامها، مضيفاً لـ "النهار العربي": "هذا التوجه يمكن الجزائر من الحصول على تمويلات قوية لقائمة المشاريع التنموية لديها بقوة خلال المرحلة المقبلة، ما يعزز مسيرتها لتحقيق مستهدفاتها، سواء على صعيد معدلات النمو أو مضاعفة الناتج الإجمالي".
فتمويلات بنك التنمية الجديد تعكس أهمية خطوة الانضمام له، إذ موّل في ثماني سنوات نحو 96 مشروعاً، بقيمة إجمالية وصلت إلى 33 مليار دولار، وفقاً لتقارير البنك. وتوزعت تلك المشاريع في عدة قطاعات، كالطاقة النظيفة والبنية التحتية لقطاع النقل والمياه والصرف الصحي والبنية التحتية الرقمية.
ويوضح القاسم أن هذا الانضمام مكسب للجزائر ومكسب أيضاً للمجموعة، خصوصاً في ضوء حجم الناتج الإجمالي للبلاد والذي من المتوقع نموه بقوة وهو ما يمثل إضافة قوية للمجموعة، مؤكداً أهمية التوقيت "لاسيما مع ظهور بوادر مشجعة في الصناعة الموجهة للسوق الداخلية وللتصدير المتزايد إلى الأسواق الخارجية على صعيد السلع عالية القيمة المضافة، مثل الحديد والصلب والإسمنت، إضافة الى مكانة الجزائر بوصفها أكبر سوق أفريقية للغاز والنفط، ومن أكبر القوى العاملة على مستوى القارة".