انتشر على موقع التواصل الاجتماعي الأكثر استخداما في مصر "فايسبوك" صورة مبروكة خفاجي والدة أشهر الجراحي المصريين علي باشا إبراهيم؛ وهي صورة ملفقة تماما وليس لها علاقة بالأمر. FactCheck#
"النّهار العربي" دقّق من أجلك
على مدار سنوات؛ وبين الحين والآخر، ينتشر على موقع "فايسبوك" قصة كفاح فلاحة مصرية تدعى مبروكة خفاجي والدة الجراح المصري الشهير علي باشا إبراهيم، مرفق بها صورتها، وجاء فيه (من دون تدخل): في عام 1879 تزوجت (مبروكة خفاجى) فلاحة مصرية بسيطة من إحدى قُرى محافظة كفر الشيخ بـ (إبراهيم عطا) فلاح كان يعمل بالأجرة وبسبب ضيق الحال طلقها رغم انها كانت حامل فى الشهور الأخيرة..
انتقلت مبروكة مع والدتها وأخوها إلى الإسكندرية وأنجبت ابنها (علي إبراهيم عطا) وقررت أن تفعل كل ما بوسعها لتربيته وتعليمه على أحسن وجه.
كان عندها مائة سبب وسبب لتندب حظها و تتعقد من الرجال وتخرجه على ابنها وتجعله يبيع مناديل فى إشارات المرور ، لكنها عملت بائعة جبن فى شوارع الاسكندرية وأدخلت ابنها (عليًّ) مدرسة رأس التين الأميرية وبعد أن حصل على الإبتدائية ذهب والده ليأخذه ويوظفه بالشهادة الإبتدائية..
لكن (مبروكة) كان حلمها أكبر بكثير فقامت بتهريبه من سطح بيتها إلى سطح البيت المجاور وهربت به إلى القاهرة وأدخلته المدرسة الخديوية فى درب الجماميز وعملت لدى أسرة السمالوطى لتستطيع أن تنفق على تعليمه..
تفوق علي فى دراسته، واستطاع دخول مدرسة الطب عام 1897 وتخرج منها عام 1901.. بعد 15 عام مرض السلطان حسين كامل واحتار الأطباء فى مرضه حتى اقترح عالم البيولوجيا الدكتور عثمان غالب على السلطان اسم الدكتور علي إبراهيم فاستطاع علاجه وأجرى له جراحة خطيرة وناجحة فعينه السلطان جرّاحا استشاريا للحضرة العلية السلطانية وطبيبا خاصا للسلطان ومنحه رتبة البكاوية (بِك).
فى عام 1922 منحه الملك فؤاد الأول رتبة الباشاوية (باشا).
فى عام 1929 تم انتخاب الدكتور على باشا إبراهيم أول عميد مصري لكلية الطب بجامعة فؤاد الأول..
ثم أصبح بعدها رئيساً للجامعة
وفي عام 1940 تم تعيينه وزيرًا للصحة وفى نفس العام أسس على باشا إبراهيم نقابة الأطباء وأصبح نقيب الأطباء الأول فى تاريخها.. وأصبح أيضا عضوا فى البرلمان المصري 🇪🇬 والدته فلاحة أُمّية مُطلقة.
المفارقة أن منصات إخبارية مصرية، نشرت ذات القصة بنفس الصورة، باعتبارها والدة الطبيب والجراح المصري علي باشا إبراهيم، لتترسخ ذات الفكرة عن تلك الصورة.
ما لفت الانتباه أن صورة السيدة مبروكة خفاجي وجودتها لا تتناسب مع تطور التصوير الفوتوغرافي في بداية القرن العشرين، خصوصا وأن الصورة تظهرها أصغر عمرا من نجلها.
حقيقة الصورة
"النهار العربي" تحرى عن الصورة؛ ليكتشف أنها ملفقة تماما؛ وليس لها علاقة بوالدة الطبيب الجراح علي باشا إبراهيم، ولا تدعى مبروكة خفاجي من الأساس.
فقد قادت عمليات البحث بداية إلى أن حساب على موقع الصور "Pinterest" باسم M Fakhry (هنا)، والذي نشر الصورة وكتب عليها تعليقا (من دون تدخل) باللغة الإنجليزية: "كوثر، القلعة الكبرى، الدلتا، مصر. 1969. بول ستراند. (1890-1976) مصور أمريكي".
وهنا، بدأ البحث عن أعمال المصور الأمريكي Paul Strand للتأكد من وجود الصورة ضمن أعماله، وهو ما أكده الموقع الرسمي لـ" متحف الفنون الجميلة - هيوستن".(هنا) وكشفت بيانات الصورة أنه تم التقاطها في عام 1959 وهي لفلاحة مصرية تدعى كوثر، وهي من تصوير الأمريكي بول ستراند.
Paul Strand
وبحسب قاعة ومتحف التصوير الدولي للمشاهير (هنا)، يعد بول ستراند من أهم الشخصيات في تاريخ التصوير الفوتوغرافي الأمريكي، إذ ولد في خضم واحدة من أكثر الفترات إثارة وابتكارا في تاريخ الفن. ولد بول ستراند في مدينة نيويورك في 16 أكتوبر 1890. أعطاه والده أول كاميرا له عندما كان في الثانية عشرة من عمره، في عام 1907 ، التحق بمدرسة الثقافة الأخلاقية حيث تأثر بشدة بأحد معلميه، لويس دبليو هاين. زار الفصل معرض "ألفريد ستيغليتز 291"، وتعرض ستراند للأسلوب التصويري للتصوير الفوتوغرافي ، بما في ذلك Stieglitz و Steichen و White و Kasebier و Cameron والرسامين مثل بيكاسو. أثر هاين على ستراند في اعتقاده بأن التصوير الفوتوغرافي "أجبر الشباب على التعرف على ما هو جيد في التكوين عن طريق الاختيار من الأشياء اللانهائية عنهم".
بعد التخرج في عام 1909، عرض عليه والد بول منصبا ككاتب في أعمال استيراد أدوات المينا العائلية، وافق لأنه كان يعلم أن والده يعتقد أن التصوير الفوتوغرافي يجب أن يعتبر هواية وليس وسيلة لكسب العيش، ومع ذلك، خلال أوقات فراغه، سيشارك ستراند في نادي الكاميرا في نيويورك.
وبحلول عام 1911، قرر ستراند فتح شركته الخاصة للتصوير الفوتوغرافي التجاري وبدأ العمل كمعاصرين له بأسلوب التركيز الناعم وتجربة طباعة العلكة.
تأثر ستراند بالرسم والنحت الحديث، وبحلول عام 1916 بدأ في الانحراف عن معاصريه وحاول صنع التصوير الفني دون التلاعب بالكاميرا أو التطوير. مع استخدامه للأشكال الهندسية والأنماط والفضاء، كان عمل ستراند خروجا دراماتيكيا عن التصويرية. شهد هذا العام أيضا أول منشور رئيسي لستراند في Camera Work وأول عرض لشخص واحد في 291. تم تخصيص العدد الأخير من Camera Work في عام 1917 بالكامل لصور ستراند ورؤيته الجديدة للتصوير الفوتوغرافي.
وبالإضافة إلى التصوير الفوتوغرافي، كان ستراند مهتما بالأفلام. أنتج ستراند فيلمه الأول مع تشارلز شيلر في عام 1921. كان مبنيا على ماناهاتا والت ويتمان، والذي تم عرضه لاحقا تحت عنوان نيويورك العظيم. على مدى العقد التالي، سافر ستراند وواصل عمله في التصوير الفوتوغرافي السينمائي والثابت.
عند السفر إلى مكسيكو سيتي في عام 1932 للتصوير ، تمت دعوة ستراند للعرض في Sala de Art. افتتح المعرض في عام 1933 عندما تم تعيينه رئيسا للتصوير الفوتوغرافي والتصوير السينمائي وأمانة التعليم في المكسيك في قسم الفنون الجميلة أنتج سلسلة من الأفلام ذات التوجه الاجتماعي عن الحياة المكسيكية. تم إصدار Redes أو "Nets" في الولايات المتحدة في عام 1936 باسم The Wave مع أول عرض تجاري لها في عام 1937. كان العمل الفوتوغرافي الذي قام به ستراند في المكسيك مهما جدا لدرجة أنه تم تضمينه في أول معرض للتصوير الفوتوغرافي لمتحف الفن الحديث في عام 1937. بالإضافة إلى ذلك ، نشر كتابا في عام 1940 من عشرين نسخة من الحفر اليدوي للصور المكسيكية.
أسس في النهاية منظمة Frontier Films غير الربحية وأنتج العديد من الأفلام للتعبير عن آرائه السياسية القوية من خلال أعمال مهمة مثل Native Land و The Plow That Broken the Plains. استمر ستراند في إنتاج الصور المتحركة حتى عام 1943 ، عندما عاد بدوام كامل إلى التصوير الفوتوغرافي الثابت.
كان مشروعه الأول بعد عودته إلى التصوير الفوتوغرافي الثابت في فيرمونت. شهدت السنوات التالية العديد من الرحلات إلى مناطق مثل نيو إنجلاند وباريس وإيطاليا وهيبريدس الخارجية ومصر وغانا. تمت مكافأة أعماله من خلال العديد من المعارض والكتب في جميع أنحاء العالم ، بما في ذلك Time in New England و La France de Profil و Un Paese و Living Egypt. في عام 1967 ، حصل على ميدالية ديفيد أوكتافيوس هيل من قبل Gesellschaft Deutscher Lichtbildner في مانهايم ، ألمانيا. قبل وفاته في عام 1976 نشر محفظتين على عتبة بابي والحديقة.
الريادة في أسلوب جديد في التصوير الفوتوغرافي أكسبت ستراند لقب مبتكر التصوير الأمريكي الحديث. ابتكر ستراند صورا يعتقد البعض أنها تتجاوز رؤيتنا وربما تصل إلى حقيقة أعلى للواقع. لقد صور بدقة وصدق.
الخلاصة: الصورة المتداولة على مدار سنوات بموقع "فايسبوك" ليس لها علاقة بوالدة الطبيب والجراح المصري علي باشا إبراهيم. إذ التقطها مصور أمريكي عام 1959 وهي لفلاحة مصرية من الدلتا تسمى كوثر.