انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي خبر يزعم "رفع اسم لاعب كرة القدم المصري الدولي المعتزل محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب". الا ان هذا الزعم غير صحيح تماما. FactCheck#
"النّهار العربي" دقّق من أجلكم
على مدار 3 أيام، تداولت حسابات شخصية ومنصات إخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي خبرا عاجلا من جملة واحدة (من دون تدخل): "رفع اسم أبو تريكة من قائمة الإرهـاب".
أين الحقيقة؟
ولكن البحث عن الخبر يقود إلى أنه غير صحيح بشكل كامل. وهو ما يمكن بيانه على النحو التالي:
- تشير قوائم إدراج الكيانات الإرهابية والإرهابيين المحلية في مصر، على الموقع الرسمي لوحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية (هنا)، إلى أن اسم محمد أبو تريكة لا يزال في القائمة.
وكان آخر تحديث لقائمة إدراج الكيانات الإرهابية والإرهابيين في 18 نيسان (أبريل) 2024-ن2، ولا يزال اسم محمد محمد محمد أبو تريكة مدرجا في القائمة الرقم 3331، في القضية الرقم 620 لسنة 2018 أمن دولة عليا.
- الأمر لا يعدو كونه حكما قضائيا صادرا عن محكمة النقض المصرية بتاريخ 18 أيار (مايو) 2024، بإلغاء قرار محكمة الجنايات بالإدراج في قوائم الإرهاب في القضية 620 لسنة 2018 حصر أمن دولة، وإعادة القضية لنظرها أمام دائرة أخرى.
وهو ما أوضحه المحامي الحقوقي خالد علي الذي يتولى القضية، على حسابه الرسمي بموقع فايسبوك، إذ كتب توضيحا لهذا اللغط، وقال إن هذه القضية الشهيرة باسم لاعب الكرة (أبو تريكة) تضم ما يزيد على 1500 متهم، وتم إدراجهم منذ 2017 بموجب حكم محكمة الجنايات.
وأوضح أن محكمة النقض المصرية قضت حينها بإلغاء حكم الإدراج، فقدمت النيابة العامة المصرية طلبا جديدا في 2018 لإدراجهم لمدة خمس سنوات تنتهي عام 2023. ووافقت محكمة الجنايات على هذا الطلب الأخير، وأصدرت حكمها بإدراجهم لمدة خمس سنوات، ووافقت عليه محكمة النقض حينها، ورفضت جميع الطعون التي قدمت بشأن حكم الجنايات.
وأوضح المحامي خالد علي أن النيابة العامة المصرية تقدمت في نيسان (ابريل) 2024 بطلب مد المدة لخمس سنوات جديدة بموجب الطلب 5 لسنة 2018. وقضت محكمة الجنايات في 12 من الشهر ذاته بالموافقة على طلب النيابة وإدراجهم في قوائم الارهاب. ثم تم الطعن أمام محكمة النقض بموجب الطعن الرقم 12 لسنة 2023. واستمعت محكمة النقض للمرافعة، وقررت قبول طلبات النقض، وإلغاء قرار محكمة الجنايات وإعادة القضية لنظرها أمام دائرة أخرى.
- إمعانا في التوضيح، نشر المحامي خالد علي بيانا تفصيليا حول القضية وقرار محكمة النقض الأخير، وجاء في نقاط عدة عبارة عن إجابات لتساؤلات متعلقة بالأمر.
(1) ما هو التشريع الذي ينظم هذا الأمر؟
القانون الذي ينظم قوائم الكيانات الإرهابية والارهابيين هو القانون 8 لسنة 2015، وهو قانون مستحدث بالنظام التشريعي المصري، فلم يكن لدينا قبل هذا القانون أي نصوص تشريعية بشأن تلك الكيانات. وهذا التشريع طرأت عليه بعض التعديلات، هي التعديل 11 لسنة 2017، والتعديل 15 لسنة 2020. (هنا)
(2) كيف يتم إعداد هذه القوائم؟
أتاحت المادة الثانية من القانون للنيابة العامة إعداد قائمتين: الأولى تسمى قائمة الكيانات الإرهابية، وهي مخصصة للأشخاص الاعتبارية شأن الشركات والمؤسسات أو أي كيان اعتباري أيا يكن مسماه حتى لو كان هذا الكيان غير مشهر قانوناً. والقائمة الثانية تسمى قائمة الإرهابيين وهي مخصصة للأشخاص الطبيعيين وهم الأفراد.
(3) كيف يتم ادراج الأشخاص أو الشركات في تلك القوائم؟
حددت المادة الثانية طريقين لإدراج الأفراد أو الكيانات في تلك القوائم:
الأولى أن يقدم النائب العام طلبا للمحكمة المختصة يطلب فيه إدراج الشخص أو الكيان في تلك القوائم. ونصت المادة الثالثة على أن يكون الطلب مشفوعا بالتحقيقات أو المستندات او التحريات او المعلومات المؤيدة لهذا الطلب، وتقرر المحكمة، إما رفض طلب النيابة، إما الموافقة عليه.
ومن حق النيابة تقديم هذا الطلب للمحكمة متى كان لديها محضر بشأن هذا الشخص أو الكيان تقوم بالتحقيق فيه، سواء كان هذا الشخص أو الكيان تم القبض عليه أم لاء، وسواء كان محبوسا احتياطياً أم لاء، وسواء كانت النيابة العامة استدعته لسماع أقواله أم لاء، وسواء كان داخل البلاد أو خارجها. فالمهم كما ذكرنا سابقاً أن يكون لدى النيابة تحقيق بشأن هذا الشخص أو الكيان.
الطريقة الثانية: عندما تكون هناك محاكمة جنائية لهذا الشخص أو الكيان وتصدر المحكمة حكمها النهائي بإدراجه في تلك القائمة أو بإسباغ هذا الوصف (الإرهابي) عليه. وتسري على هذه القائمة ذات الأحكام المقررة في شأن قائمة الكيانات الإرهابية.
ملحوظة أولى: القضية التي نتحدث عنها طبقت عليها الطريقة الأولى.
ملحوظة ثانية: الادراج في القوائم لا يكون إلا بقرار من المحكمة المختصة في الحالة الأولى، أو بحكم نهائي من محكمة جنائية في الحالة الثانية.
(4) ما هي المحكمة المختصة التي تنظر في طلب النيابة إدراج الاشخاص أو الكيانات في القوائم الإرهابية؟
نصت المادة الثالثة من القانون على اختصاص دائرة أو أكثر من دوائر الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة، والجهة التي تحدد تلك القوائم هي الجمعية العمومية للمحكمة، التي تنعقد سنويًا لتحديد تشكيلات الدوائر القضائية واختصاصاتها.
ولا تعقد الدائرة التي تنظر في طلب النيابة جلسة علنية، ولكن تكون منعقدة في غرفة المشورة. والنص في هذه المادة لا يحول دون حضور المعروض ومحاميه لتلك الجلسة وسماع دفاعه، لكن ما يحدث هو أن المحكمة تنظر في طلب النيابة من دون حضور المعروض أو محاميه ومن دون سماع دفاعهم، ومن دون إعلانهم أن هناك جلسة، وهو ما يجب تغييره اعمالاً لنصوص الدستور التي تكفل المحاكمة العادلة والمنصفة والتي ترتكز على عدة مرتكزات أبرزها (مبدأ المواجهة)، (مبدأ كفالة حق الدفاع) فيجب أن يعلم المعروض ماهية الطلب المقدم ضده وأسبابه وأن يتاح له حق الرد والدفاع عن نفسه، ومن دون حماية مبدأي المواجهة وكفالة حقوق الدفاع تنهار ضمانات المحاكمة العادلة.
ومن ثم يجب إعلان المعروض في الجلسة والدائرة التي تنظر ومقر انعقادها، والسماح له بالاطلاع، وتمكينه من إبداء دفاعه.
(5) ما هي مدة الإدراج في تلك القوائم؟
نصت المادة الرابعة بعد تعديلها على أن يكون الادراج في اى من القائمتين لمدة لا تجاوز خمس سنوات (كانت قبل التعديل لمدة ثلاث سنوات). "فإذا انقضت مدة الإدراج قبل صدور حكم نهائي بإسباغ الوصف الجنائي (الإرهابي)، للنيابة العامة إعادة العرض على (المحكمة المختصة المنصوص عليها في المادة 3) في مد الإدراج لمدة أخرى، وإلا وجب رفع اسم الكيان أو الشخص الطبيعي من القائمة من تاريخ انقضاء تلك المدة.
كذلك أتاحت المادة الرابعة للنائب العام، خلال مدة الإدراج، في ضوء ما يبديه من مبررات، أن يطلب من المحكمة المختصة المنصوص عليها في المادة (3) من هذا القانون رفع اسم الكيان أو الشخص الطبيعي المدرج في أي من القائمتين.
(6) متى يتم الطعن بقرار الإدراج؟ وكيف؟
نصت المادة الخامسة على نشر قرار الإدراج في أي من القائمتين، وقرار مد مدته وقرار رفع الاسم من أي منهما في الوقائع المصرية، من دون مقابل.
ونصت المادة السادسة على أن لذوى الشأن وللنيابة العامة الطعن بالقرار الصادر بشأن الإدراج في أي من القائمتين خلال ستين يومًا من تاريخ نشر القرار. ويقدم الطعن لمحكمة النقض، وذلك وفقًا للإجراءات المعتادة للطعن أمامها، ويكون ذلك خلال ستين يوما من تاريخ نشر قرار الإدراج في الوقائع المصرية.
ومن ثم لا يجوز تقديم الطعن لمحكمة النقض قبل هذا التاريخ أو بعده. فقد يظن البعض أنه يجوز تقديم الطعن لمحكمة النقض بعد صدور القرار من المحكمة المختصة وقبل النشر في الجريدة الرسمية. وهو ظن خاطئ، لأن مدة الستين يوما المنصوص عليها في القانون تسرى من تاريخ النشر في الوقائع، وليس قبل ذلك.
وفي ما يتعلق بالآثار التي تترتب على حكم النقض الأخير الخاص باللاعب محمد أبو تريكة، قال خالد علي إن دور النيابة العامة هو أن يقدم النائب العام طلبا للمحكمة المختصة يطلب فيه إدراج الشخص أو الكيان في تلك القوائم. ونصت المادة الثالثة على أن يكون الطلب مشفوعا بالتحقيقات أو المستندات او التحريات او المعلومات المؤيدة لهذا الطلب، وتقرر المحكمة إما رفض طلب النيابة، إما الموافقة عليه.
ومن ثم، فالجهة التي تقرر وحدها الإدراج من عدمه، ومد مدة الإدراج من عدمه، هي المحكمة المختصة فقط. وطلب النيابة ليست له أي حجية أو قوة تنفيذية في هذا الشأن، ولا يرتب في حد ذاته أي آثار، ولكن الجهة التي تدرج وترفع من الإدراج هي المحكمة المختصة.
وأوضح أن هناك احتمالين، الأول يتم تحديد دائرة جديدة تنظر على وجه السرعة في طلب النيابة مد المدة، والذي كان مقدما منها في 2023 كما هو من دون أي تعديلات، لتقرر المحكمة اما رفض الطلب إما قبوله لكل الأسماء أو قبوله لبعض الأسماء ورفضه للبعض الآخر.
الاحتمال الثاني أن تقدم النيابة طلبا جديدا لمد المدة بعد حذف بعض الأسماء التي تغيرت أوضاعها القانونية خلال الفترة من 2023 حتى 2024، ويتم تحديد دائرة للنظر فيه لتصدر قرارها بشأنه.
الخلاصة: لا يزال اسم اللاعب محمد أبو تريكه في قوائم الإرهاب. ولا تزال القضية يُنظر فيها أمام المحاكمة، وفي انتظار تحديد دائرة جنايات لإعادة النظر فيها. وبالتالي فإن الخبر غير صحيح بشكل تام.