نشرت حسابات على موقع التواصل الاجتماعي الأشهر في مصر (فايسبوك) نص مكالمة بين محمد مرسي العياط رئيس مصر الأسبق الإخواني، وإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس، تكشف، وفقا للمزاعم، "تورط الأخير في اغتيال 16 جنديا مصريا في رفح المصرية عام 2012". الا ان هذا زعم ملفق تماما. FactCheck#
"النّهار العربي" دقّق من أجلكم
فقد تداولت حسابات على موقع فايسبوك منشورا، بعد اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في إيران، جاء فيه (من دون تدخل): "اليوم رُفعت كل أطراف القضية من قاضي الأرض إلي قاضي السماء. فهو الحق والعدل والمطلع. رحم الله شهداءنا وجنودنا وابناءنا من القوات المسلحة المصريه الذين استشهدوا في سيناء على يد الإرهاب الغاشم في شهر رمضان المبارك وفي لحظة الإفطار".
وتابع: "كنت استني عليهم شويه يا مولانا ده التمر لسه في بوقهم... من جاسوس لقاتل جملة اتقالت وكانت كفيلة تقطع قلوب كل اللي سمعها، بس الناس بتنسي وبتقول علي الطرف التالت النهارده شهيد... هو مين ده اللي شهيد يا جماعه معلش، شهيد ازاي، ودم ولادنا اللي راحو كان عند مين؟ متخليش تعاطفك مع القضية ينسيك ان في ايادي منهم مشتركه ف دم ولادنا واخواتنا... النهارده اصبح أطراف القضية التلاته عند الله وعند الله تجتمع الخصوم".
ونشر حساب آخر صورة تجمع الرئيس المصري الإخواني الأسبق محمد مرسي العياط وإسماعيل هنية، وكتب (من دون تدخل أيضاً): "عذرا يا أخينا أنا ها إترحم على شبابنا اللي علي إيديهم فارقونا في رمضان واللقمه ما بلعوها ولا حتى ودعونا".
- حقيقة المنشور -
بيد أنه بالبحث عن صحة هذا المنشور، اتضح أنه ملفق تماماولا أساس له.
فبعد البحث في المواقع الإخبارية المحلية المصرية، لم نجد أي أثر لهذه الحادثة الهاتفية، سواء بالصوت أو بالنص.
ووصف أحمد سلطان، الباحث المتخصص بشؤون الجماعات الراديكالية، في تصريح لـ"النهار العربي"، هذه المكالمة بين الرئيس المعزول محمد مرسي العياط، وإسماعيل هنية بـ"المكذوبة". وأكد أنها لم تحدث من الأساس وليس لها أي أصل.
وأوضح أن ترويجها الآن يتم عبر ما وصفه بـ"اللجان الإلكترونية" لدعم وجهة نظر معينة. وهي أيضاً جزء من استراتيجية "الدعاية المضللة"، التي تعتمد على نشر روايات معينة مع تكرارها بشكل معين كي يصل انطباع للجماهير المتابعة أن هذه الرواية حقيقية.
وكشف سلطان أن الزعم أن هذه المكالمة تمت بين مرسي وزعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أيمن الظواهري غير حقيقي أيضاً.
فقد نشر موقع جريدة "الوطن" نص المكالمات التي دارت بين الظواهري ومرسي، ولم يتم فيها ذكر رفح أو مجزرة رفح.
ونقلت الجريدة عن مصادر أمنية مصرية إن اتصالات مسجلة بين محمد مرسي، الرئيس المعزول، وأيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، بحوزة جهات أمنية - تكشف العلاقة بين مؤسسة الرئاسة في عهد المعزول وتنظيم القاعدة.
وأشارت المصادر إلى أن الطرفين اتفقا خلالها على إصدار مرسي عفواً رئاسياً عن 20 إرهابياً، بينهم شخص ارتبط بالظواهري منذ الصغر، وآخر يدير تنظيم "أنصار بيت المقدس" من غزة، إضافة إلى فتح باب الجهاد في سوريا.
وأضافت أن أول اتصال كان من مؤسسة الرئاسة بمحمد الظواهري، شقيق زعيم تنظيم القاعدة، بعد الإفراج عنه، أجراه أسعد شيخة، ورفاعة الطهطاوي، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية في ذلك الوقت، الذى كان وسيطاً في الإفراج عنه، ثم اتصال المعزول نفسه لمدة 59 ثانية، بارك له الإفراج، وأكد أنه لم يعد ملاحقاً، وأنه أصدر تعليمات بعدم مراقبته أو تتبعه، وأنه سيلتقيه قريباً.
وتابعت المصادر: "ظلت مؤسسة الرئاسة على تواصل دائم مع محمد الظواهري، وكان حلقة الوصل بين مؤسسة الرئاسة وشقيقه أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة. وكشفت أن مرسي اتصل بأيمن الظواهري أول مرة بعد شهر على توليه رئاسة الجمهورية، وطالبه مرسي خلال الاتصال، الذى استمر لمدة دقيقتين و56 ثانية، بدعم المجاهدين وضرورة مساندة تنظيم الإخوان للنجاح داخل مصر.
وهنأ الظواهري مرسي بتوليه الحكم، وقال: "احكم بشرع الله لنقف بجوارك، من البداية ليس هناك ما يسمى الديموقراطية، وتخلص من معارضيك".
وأوضحت المصادر أن المكالمة الأولى انتهت باتفاق الطرفين على دعم تنظيم القاعدة للإخوان، بخاصة مع تواصل التنظيم الدولي للإخوان مع أعضاء تنظيم القاعدة، وأن خيرت الشاطر، نائب مرشد تنظيم الإخوان، التقى محمد الظواهري أكثر من مرة بعد ذلك.
وكشفت أن المكالمة الثانية بين مرسي والظواهري أعقبت المكالمة الأولى بشهر ونصف الشهر. وخلالها عاتب المعزول زعيم تنظيم القاعدة، وقال: "إننا سنطبق الشريعة والشرعية بما يرضى الجماعة، ولكن نحن في مرحلة التمكين، ونحتاج إلى مساندة كل الأطراف، ولا يجوز أن نطبق من الآن المنهج الإيراني أو حكم طالبان ذاته في مصر، لأنه من المستحيل تطبيقه الآن".
وطالب الظواهري خلال الاتصال بالإفراج عن جهاديين اعتقلوا خلال حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، قائلاً: "لازم تفرج عن الجهاديين اللي كانوا في سجون (مبارك)، وإخراج كل الإسلاميين من السجون كضمان وعهد للتعامل، وللتأكيد على طي صفحة الماضي"، ووعد مرسي بتسهيل عودة الظواهري إلى القاهرة مرة أخرى.
وتابعت المصادر: "جاءت المكالمة الثالثة قبل زيارة مرسي لباكستان، والرابعة خلال الزيارة نفسها واستمرت 43 ثانية. وحملت المكالمتان الثالثة والرابعة مفاجآت، تمثلت في تقديم مرسي وعوداً للظواهري بعدم اعتقال جهادي، أو التضييق على الجماعات الجهادية، والسلفية الجهادية، والتواصل معهم من الرئاسة، ومنع ملاحقة الأمن للجماعات في سيناء، وأنه لن يسمح للجيش بالعمل هناك.
وطالب الظواهري من مرسي بفتح معسكرات في سيناء لدعم الجهاديين وتدريبهم. وهنا أكد مرسي أن تنظيم الإخوان ينوى تشكيل حرس ثوري للدفاع عن الرئيس ضد أي محاولة للانقلاب على الشرعية، وطلب من الظواهري دعم الجماعات وتدريبها، ووعد بعمل معسكرات للتدريب في سيناء مع توفير كل التسهيلات لهم في سيناء والمنطقة الغربية بالقرب من الحدود الليبية، وأنه جهز 4 معسكرات تدريب للجماعات الجهادية على الحدود مع ليبيا.
وأشار مرسي إلى أنه أوقف العمليات العسكرية في سيناء على الرغم من علمه بوجود عناصر من تنظيم القاعدة في سيناء، إذ عمل هناك على إنشاء جيش من "المجاهدين" للدفاع عن تنظيم الإخوان.
وشدد أحمد سلطان، الخبير في شؤون الحركات الراديكالية، على أن مرسي لم تتم محاكمته بتهمة التخابر مع تنظيم القاعدة، ما يؤكد أن هذه الرسالة مفبركة تماما.
- القاهرة وحماس-
وفي ما يتعلق بالعلاقات بين القاهرة وحركة حماس، أكد سلطان أن مصر لديها موقف واضح وثابت من القضية الفلسطينية، وهو دعم الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة في الحياة والوجود وأرضه المسلوبة. لذا كان من الطبيعي التعامل مع حماس وكل الفصائل الفلسطينية.
وأوضح أن هناك قنوات اتصال بين القاهرة وحماس طول الوقت، ليس اليوم فحسب، انما ايضا منذ سنوات. كذلك، لم تنقطع منذ ذروة الخلاف بعد الإطاحة بحكم تنظيم الإخوان في مصر.
ولفت إلى أنه كان هناك تنسيق بين حماس، باعتبارها حكام قطاع غزة ومصر، في ما يتعلق بضبط الحدود ومنع تهريب المسلحين من غزة إلى سيناء، وهم بالأساس لا ينتمون إلى حركة حماس، بل كانوا منشقين عن التنظيمات التي كانوا ينتمون إليها، والكثير منهم كان يتبنى فكر تنظيم داعش الإرهابي، الذي كان ولا يزال يكفر حركة حماس.
وللتأكيد على ما سبق، كشف سلطان توجيهات لأفراد تنظيم داعش في سيناء بضرورة استهداف حركة حماس في غزة. وهذه التوجيهات نقلها الخبير في شؤون الجماعات الراديكالية من محتوى رسالة سرية من شخص يدعى أبو مرام الجزائري، وهو كان عضوا في اللجنة المفوضة - أعلى هيئة تنظيمية في تنظيم داعش الإرهابي – لمسلحي التنظيم في سيناء عام 2017.
هذه الرسالة كانت تلوم مسلحي داعش في سيناء على عدم فتح جبهة قتال ضد حماس، وطالبتهم بتنفيذ هذا الأمر واستهداف قادة الحركة وكوادرها.
الخلاصة: المكالمة المتداولة مفبركة تماما، ولا أساس لها. كذلك لم تحدث بين مرسي وأيمن الظواهري كما ادعت حسابات أخرى.