سجّلت بالأمس أول حالة كوليرا في لبنان لدى سيدة في شمال لبنان، بعدما أوشك على إعلان نفسه خالياً من الكوليرا. وتذكيراً، سجّلت حالات كوليرا متفرقة في عام 2022، خصوصاً في المخيمات السورية. تلى ذلك تدخل سريع ومكثف لمكافحته، مع حملات تلقيح مركزة.
والآن، يبدو أن المرض يعاود الانتشار، ما حرك مكامن الخوف لدى كثيرين، خصوصاً أن "منظمة الصحة العالمية" حذرت من خطر الانتشار السريع للكوليرا في لبنان بين النازحين، في ظل الاكتظاظ الكبير في مراكز الإيواء. هل تدعو هذه المعطيات للهلع فعلاً وتنذر باحتمال الانتشار السريع لهذا الوباء الذي تتوافر له حالياً الظروف الملائمة؟
الوزارة تذكِّر وتنبِّه
في المؤتمر الذي عقده صباح اليوم وزير الصحة العامة الدكتور فراس الأبيض، استذكر انتشار وباء الكوليرا في عام 2022 مطمئناً بأنه كان مستطاعاً ضبط الوباء عبر حملة تلقيح منظمة وواسعة من خلال برنامج الترصد الوبائي للوزارة وبالتعاون مع الشركاء الدوليين والمحليين. ومنذ حوالي الشهرين، نظمت الوزارة حملة تلقيح في المناطق الأكثر انكشافاً أمام خطر المرض بعد ورود أنباء عن عودة الوباء إلى سوريا. وأُعطِيَ 360 ألف لقاح، وأُبلِغتْ المستشفيات بضرورة عزل أي حالة إسهال مشتبه فيها، بحسب ما أعلنه الوزير في المؤتمر.
وقد أسهمت تلك المقاربة في كشف الحالة الأولى التي أُعلِن عنها لسيدة مسنة ليست من النازحين وتعيش في منزلها في عكار، وباتت تتلقى العلاج الآن بعد عزلها. كذلك حرصت الفرق التابعة للوزارة على إجراء مسح شامل للبلدة والمخالطين للحالة المكتشفة ومياه الصرف الصحي مع أخذ عينات من المياه المستخدمة في المنطقة ومن مخيمات النازحين. ولم تظهر بعد نتائج إيجابية في العينات.
وعلى الرغم من ذلك، تتركز الجهود على تحديد مصدر الإصابة. وأكد وزير الصحة أن الوزارة في أعلى درجة من الجهوزية في حال حصول أي انتشار للوباء. في المقابل، لم تُجرِ الوزارة حملات تلقيح في الجنوب قبل عامين لأن تلك المنطقة لم تقع حينها في دائرة التهديد بانتشار الوباء.
وحاضراً، تتوجه الأنظار نحو النازحين بسبب الاكتظاظ في مراكز الإيواء، وعدم توفر الكمية اللازمة من المياه.
تجدد الوباء وحملات التلقيح
استناداً إلى ذلك، تُبذل مساعٍ لتنفيذ حملة تلقيح واسعة، على رغم وجود صعوبات في الحصول على اللقاح الذي يشهد انقطاعاً عالمياً فيه. إذ ينتشر وباء الكوليرا في ثلاثين بلداً. وثمة أمل بأن يكون لبنان من الدول التي تحصل على كميات كافية من اللقاح.
ما سبب عودة الكوليرا بعدما أوشك على الاختفاء؟
لا ترتبط حالة الكوليرا الأولى التي سجّلت في شمال لبنان بالنازحين، على عكس ما اعتقد به كثيرون. ويعيد الطبيب الاختصاصي في الأمراض الجرثومية الدكتور بيار ابي حنا ظهور الحالة إلى التلوث في المياه. إذ يحصل الانتشار بسبب وجود أشخاص مصابين ينقلون العدوى. ويبقى السبب الرئيسي متمثلاً في مشكلة الصرف الصحي التي تعانيها مناطق لبنانية عدة، خصوصاً في المخيمات، بسبب تخالط مياه الشفة مع مياه ملوثة آتية من مصادر عدة. وتبدو تلك الأمور مقلقة وتُنذر باحتمال انتشار مثل هذه الأمراض المرتبطة بتلوث المياه.
هل من إجراءات وقائية للحد من الانتشار؟
ما يبدو إيجابياً بحسب أبي حنا أن وزارة الصحة العامة نهضت بحملة تلقيح في مواجهة وباء الكوليرا في مناطق عدّة تهدَّدها الوباء، ومنها شمال لبنان، ما أمَّنَ الحماية لشريحة من اللبنانيين، وبالتالي، المطلوب توسيع دائرة التلقيح، إلى جانب مكافحة تلوث المياه.
من يعتبر الأكثر عرضة للخطر في حال الإصابة بالكوليرا؟
يعتبر الأطفال والمسنون والمصابون بأمراض مزمنة ومن يعانون ضعفاً في المناعة أكثر عرضة للخطر في حال الإصابة بالكوليرا. لذلك، يجري التركيز على هؤلاء في حملات التلقيح في المناطق المهددة بالوباء، بغية توفير الحماية القصوى لهم.
وبالتالي، يؤكد أبي حنا ضرورة البدء فوراً بحملات لتلقيح بين النازحين، مع ضرورة التشديد على أهمية تعقيم المياه بالكلور وتوفير مياه الشرب النظيفة.
لمحة عن أعراض الكوليرا
لا تظهر أي أعراض لدى معظم المصابين بالكوليرا. وفي20 في المئة من الحالات، يمكن أن يعاني المصاب إسهالاً حاداً. ويصل الأمر إلى إحداث جفاف في سوائل الجسم 5 في المئة من الحالات. وقد تصل الحالة إلى الوفاة خلال ساعات في حال عدم التدخل السريع. ويزيد هذا الخطر بشكل خاص لدى الفئات الأكثر عرضة لمضاعفات المرض.
ماذا عن سرعة الانتشار؟
تعتبر الكوليرا من الأمراض المعدية، لكن يجب أن يكون هناك عدد كبير من البكتيريا في المياه أو الغذاء حتى تنتقل العدوى. والأرجح أن الكوليرا لا تنتقل بشكل مبسط، وفق ما يوضح أبي حنا ، ولا تنتقل بالنفس أبداً.