تتميز "سنة التنين" في التقويم الصيني بأنها رمز القوّة والشجاعة، ما يجعلها حدثاً يكتسب أهمية خاصة كل 12 عاماً.
وأخيراً، تزامنت "سنة التنين" مع اكتشاف العلماء حفرية كاملة لزاحف مائي يعود تاريخه إلى 240 مليون سنة، ويشبه التنين. ويسهم هذا الاكتشاف في تعزيز فهمنا لتاريخ الكائنات الحية، ويفتح آفاقاً جديدة لاستكشاف العلاقات بين الماضي والحاضر، وما يعنيه ذلك لواقعنا ومستقبلنا.
حكاية طريفة عن رقبة طويلة!
وبحسب التقرير الذي نشره موقع "برايتر سايد" The Brighter Side، عُثِر على هذه الحفرية في مقاطعة "قويتشو" جنوب الصين. وعلى الرغم من أن العلماء اكتشفوا هذا الزاحف في 2003، إلا أنها المرة الأولىى التي أتيح لهم فيها دراسة هذا النوع بشكل كامل. وكذلك يعتقدون أنه ينتمي إلى مجموعة مختلفة عمّا يشبهها من الزواحف. إذ يعتبر هذا الكائن نوعاً من الزواحف البحرية التي عاشت في الصين في العصر الترياسي Triassic Period التي استمرت أكثر من خمسين مليون سنة. وقد ابتدأت قبل 252 مليون سنة، وانتهت مع بداية عصر الديناصورات!
ويبلغ طول الزاحف المُكتشف ما يقارب 4.88 أمتار، كما يتميز بملامحه الشبيهة بثعبان طويل العنق.
اكتشف العلماء نوعاً واحداً من ذلك الزاحف الشبيه بالتنين. وقد أطلق عليه الباحث لي تشون إسم "أوريانتل سوروس" orientalosaurus [ديناصور الشرق، بترجمة شبه حرفية]، ثم صُنِّف ضمن عائلة "دينوسيفالوسوريد" في عام 2021. واللافت أن طول عنق ذلك الزاحف لم يتأتَ من تمدّد في فقرات رقبته، على غرار ما حصل لزواحف بحرية أخرى. بالأحرى، فقد حدثت استطالة العنق بواسطة إضافة المزيد من الفقرات إلى رقبته فصارت تتألّف من 32 فقرة منفصلة. والمفارقة أن طول رقبة هذا الزاحف تفوق طول بقية جسمه، بما في ذلك ذيله. وقد افترض الباحثون أنه استخدم رقبته الطويلة لالتقاط طعامه بأسنانه الحادة.
خلاف على الطعام ووفاق على السباحة
وبعد أن تفحَّص فريق البحث هذا الزاحف الغرائبي في "معهد علم الحفريات" ببكين، لاحظوا وجود أسماك محفوظة في معدته، ما يشير إلى تكيفه مع البيئات البحرية. ومع ذلك، اختلفت الآراء حول ما إذا كان هذا الزاحف يمتص طعامه. إذ طرح بعض الباحثين فرضيات جديدة حول أسلوب تغذيته، ما يفتح المجال أمام إجراء مزيد من الدراسات حول سلوكياته الغذائية وتفاعله مع بيئته.
في المقابل، جزم المكتشِفون بأن أطرافه التي تشبه المجاديف ساهمت في قضائه معظم وقته سابحاً في الماء، لأنه لم يكن يقدر على الحركة بسهولة فوق اليابسة.
وعقب هذا الاكتشاف، علّق رئيس قسم العلوم الطبيعية في المتحف الوطني في اسكتلندا نيك فريزر ، "يتيح لنا الاكتشاف رؤية هذا الحيوان الرائع طويل العنق بالكامل للمرة الأولى. إنه مثل آخر على العجائب الغريبة للعصر الترياسي التي لا تزال تحير علماء الحفريات.". وكذلك أشار البروفيسور لي إلى أهمية التعاون الدولي في هذا الاكتشاف، مؤكدًا أن الجهود المشتركة مع زملائه من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وأوروبا، أدَّت دوراً حاسماً في تحقيق تللك النتائج المبهرة.
علاوة على ذلك، أعرب ستيفان سبيكمان، باحث في متحف شتوتغارت، عن أمله في أن تلقي الأبحاث المقبلة الضوء على تطور هذه المجموعة من الحيوانات، خصوصاً في ما يتعلّق بوظائف رقبتها الطويلة.