انتشرت في أواخر العام 2019 جائحة كورونا "كوفيد-19" وتسببت بكوارث عالمية. وأصيب بها نحو 23 مليون شخص، توفي قرابة 350 ألفاً منهم. وخلال تلك الفترة، برزت أهمية اختبارات الكشف عن الفيروسات ومسببات الأمراض. وقد خضع كثيرون منا لفحص "بي سي آر" PCR أو "إليزا" ELISA إبّان الجائحة وبعدها.
مع ذلك، لم يصل أي فحص إلى حد الكمال. إذ تتطلّب الفحوصات كميات كبيرة من العينات وتتضمّن إجراءات معقّدة، وقد تنقل الفيروس إلى من تُطَبّق عليه.
وأخيراً، صممت مجموعة من الباحثين نظاماً جديداً يسمى "إكسبرس بيو تشكير " Express Biochecker ، يوفر طريقة بسيطة وسريعة ورخيصة للكشف عن بروتين من نوع يسمّى "إن" N موجود في كورونا.
ويتضمن النظام الجديد تكنولوجيا كيمياوية متقدمة تفيد في الكشف على كورونا حاضراً، لكنه قد يستخدم مستقبلاً في تشخيص فيروسات الإنفلونزا الموسمية والتهاب الكبد.
وجهان لفحص واحد
وفي التقرير الذي نشره موقع "ساينس دايلي" Science Daily، قدّم هيروشي يابو الباحث الرئيسي والمتخصص في علوم المواد بـ"جامعة توهوكو" لمحة عن ذلك الاختبار. وبحسب رأيه، فإن الاختبار الجديد يعتمد على قياسات كمية تتعلق بجهاز المناعة. واعتمدت القياسات على "جزيئات يانوس"، وهي مكوّنات ذرية لها "وجهان" أو جانبان. وقد طلى الباحثون أحد الوجهين بصبغة فلوريسنت المشعة، والآخر بجزيئات مغناطيسية وأجسام مضادة. وصُمّمت تلك الجزيئات كي تُلصِق نفسها على بروتينات معينة موجودة على الفيروس. ولأن جهاز المناعة يفرز أجساماً مضادة حينما تصيبنا فيروسات أو ما يشبهها، استعمل الفريق الياباني أجهزة تقنية متطورة تسمّى "ميكروفلويديك" تستطيع تحديد الأجسام المضادة التي تُفرز خصيصاً ضد فيروس كورونا. وقد توصل ذلك الفريق العلمي إلى الجمع بين ميزة جزيئات "جانوس" في الالتصاق على الفيروسات، وبين دقة أجهزة "ميكروفلويديك" في تقصي الأجسام المناعية المضادة المتخصصة بكورونا. وأدى ذلك الجمع إلى صنع اختبار فائق الدقة والسرعة في اكتشاف فيروس كورونا.
وبالعودة إلى إسم "جانوس" فإنه مستوحى من أحد آلهة الرومان الذي تظهره تماثيله بوجهين متماثلين، لكن كل منهما ينظر إلى وجه معاكس للآخر.
استخدامات مستقبلية
وفي السياق عينه، أضاف إييتشي كوداما، أستاذ في المعهد الدولي لأبحاث علوم الكوارث في "جامعة توهوكو": "إن قوة هذا النظام تكمن في تعدد استخداماته التي تشمل الكشف عن فيروسات متنوعة، إضافة إلى القدرة على تكييفه لقياس مؤشرات بيولوجية اخرى متنوعة تتعلق بحالات طبية متعددة" .
ستتركز المرحلة التالية من البحث على توسيع تطبيقات النظام لتشمل الكشف عن علامات لأمراض أخرى.
تمثل جزيئات جانوس تقاطعًا مثيرًا بين الكيمياء والفيزياء والهندسة الطبية، وتفتح خصائصها الثنائية الفريدة الكثير من الإمكانيات للابتكار تشمل اختصصات عدة.