للمرة الأولى، صنع باحثون لصقة جلدية تستخدم تيارات كهربائية غير محسوسة كي تواجه الجراثيم التي تسبب التهابات على الجلد من دون الحاجة إلى تناول الأدوية. وقد نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة Cell Press.
وفق بوزهي تيان من جامعة شيكاغو، أحد المؤلفين المشاركين الرئيسيين في الدراسة، "يفتح هذا البحث آفاقاً مثيرة للعلاجات الخالية من الأدوية، خصوصاً التهابات الجلد وشفاء الجروح، مع التذكير بأن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية تمثل تحدياً خطيراً".
بدأ العلماء بالفعل في استخدام الكهرباء للتأثير على الخلايا في الحيوانات الثديية، بما في ذلك البشر، وعلاج الأمراض دون استخدام الأدوية، بحسب ما نشر موقع Science Daily.
وبالتالي، ليست التقنية بحد ذاتها بجديدة. ومن المستطاع تذكر أن أجهزة تحسين نبضات القلب تستخدم الكهرباء الخفيفة لتلك الغاية. وكذلك الحال بالنسبة إلى مساعدة شبكية العين على تحسين الرؤية حينما تتدهور، وقد سمّاها البعض "العين الاصطناعية".
تساءل تيان وفريقه عن إمكانية التحكم في البكتيريا باستخدام الكهرباء بدلاً من المضادات الحيوية. وتذكيراً، أدى الإفراط في استخدام الأخيرة في البشر والمواشي إلى بروز ظاهرة "الجراثيم الخارقة" Super Bugs التي تقاوم تلك الأدوية. وبالتالي، صارت معضلة طبية عالمية شبه مستعصية. ، وأشارت دراسات سابقة إلى أن "الجراثيم الخارقة" ربما أسهمت في وفاة نحو 1.27 مليون حالة حول العالم في العام 2019.
الجراثيم الخارقة أمام اختبار الكهرباء
سعى الفريق لاختبار ما إذا كانت بكتيريا "ستافيلوكوكس إيبيديرمس" Staphylococcus epidermidis وهي شائعة على جلد الإنسان، ستستجيب للتحفيزات الكهربائية. عادةً ما تكون تلك الجرثومة غير ضارة، وتسهم أحياناَ في حماية الجلد من بعض مسببات الأمراض. ولكن حينما تدخل الجسم عبر جرح أو إجراء طبي ، فإنها قد تسبب التهابات خطيرة.
وكذلك تجدر الإشارة إلى أن ثلاث سلالات من تلك البكتيريا نفسها، قد تبيّن أخيراً أنها مقاومة لمعظم المضادات الحيوية.
في السياق نفسه، يوضح غورول سيل، المؤلف المشارك الآخر في الدراسة من "جامعة كاليفورنيا في سان دييغو" أنه "نظراً لأن تلك الجرثومة تعيش طبيعياً على الجلد، فمن المفضل "عدم القضاء عليه بالكامل، كي لا نستثير مشكلات أخرى".
بيئة حمضية
وانطلاقاً من ذلك، اكتشف الفريق أن التيارات الكهربائية الصغيرة يمكن أن تثير استجابات من تلك البكتيريا الجلدية شرط أن تكون في بيئة حمضية. ويصف الباحثون هذه الخاصية بأنها "الاستثارة الانتقائية". إذ يتميز الجلد البشري الصحي بأنه حمضي قليلًا، بينما تميل الجروح المزمنة إلى أن تكون متعادلة أو قاعدية.
ويشير سايهيون كيم المشارك في الدراسة إلى أنه "لم تُستكشَف استجابة البكتيريا للكهرباء بشكلٍ كافٍ، جزئيًا لأننا لا نعرف الشروط المحددة التي ستستجيب فيها البكتيريا للتحفيز الكهربائي." ويضيف "من شأن اكتشاف خاصية الاستثارة الانتقائية أن سيساعدنا في معرفة كيفية التحكم في أنواع أخرى من البكتيريا".
كذلك أظهرت تحليلات إضافية أنه بعد التحفيز الكهربائي، سجلت البكتيريا موضع البحث، انخفاضاً في فاعليتها بسبب تأثّر جيناتها بالكهرباء، بما في ذلك قدرتها على مقاومة المضادات الحيوية.
آمال جديدة
وبغية تعزيز شفاء جروح الجلد بواسطة التقنية المبتكرة، صمم الفريق لصقة جلدية تُدعى "علاج التحفيز المضاد للميكروبات المحلي الإلكتروني" أو BLAST. وتحتوي اللصقة على أقطاب كهربائية وهيدروجيل لتوفير بيئة حمضية.
وبهدف التأكد من فاعلية اللصقة، اختبرها الفريق العلمي على جلد خنزير ملوث بجرثومة "ستافيلوكوكس إيبيديرمس" بعد دورة علاجية استمرت 18 ساعة. ولاحظوا حدوث انخفاض كبير في قدرة الخلايا على الدفاع عن نفسها. وبلغ الانخفاض نحو عشر مرات مقارنةً بالعينة غير المعالجة بالكهرباء.