يُنظَر إلى العلاج بالكتب (bibliotherapy)، بوصفه أحد أشكال العلاج بالفنون الإبداعية التي تستخدم الأدب لمساعدتك في تحسين حياتك من خلال تقديم المعلومات والدعم والتوجيه عبر قراءة الكتب والروايات. إذ يمكن للكتب والمواد المكتوبة الأخرى أن تؤثر على المشاعر الإنسانية وتوفر الحكمة والارتباط العاطفي والبصيرة والراحة. ويُعتبر العلاج بالكتب علاجاً يدعم مناحيَ نفسية أخرى، إذ يتناسب مع الأفراد والجماعات من جميع الأعمار.
واستطراداً، يتفرّع العلاج بالكتب إلى عدة أنواع يمكن استخدامها في البيئات السريرية والتعليمية والمنزلية. وتشمل تلك الأنواع الإبداعي والتنموي والعلاج بالكتب الطبية ونظيره المعتمد على مطالعة المراجع العلاجية.
وأظهرت دراسة بعنوان Bibliotherapy as a Non-pharmaceutical Intervention to Enhance Mental Health in Response to the COVID-19 Pandemic: A Mixed-Methods Systematic Review and Bioethical Meta-Analysis ، أنّ العلاج بالكتب حفَّز الكثير من المرضى على اكتساب عدد من القدرات، بما في ذلك إعادة تحديد معنى أنشطتهم الخاصة من خلال نظرة جديدة لأفقهم الأخلاقي. وبشكل وثيق، ارتبطت القيم المكتسبة، كالاستقلال والعدالة، مع الحصول على نتائج إيجابية للـ"بيبليوثيرابي". ويعني ذلك أنه علاج يستطيع إحداث تأثير إيجابي في بيئات مختلفة.
في علاقة القراءة مع الصحة النفسية
الدكتور ماريو عبود- معالج نفسي ومستشار لدى الهيئة الطبية الدولية ومنظمة "أطباء بلا حدود"
تُستخدم القراءة أحياناً في بعض العلاجات النفسية كعلاج مساعِد، كي يفهم الشخص ذاته أكثر ويفهم الاضطرابات التي يعاني منها. ويعني ذلك أنها أداة مساعِدة في بعض الحالات كالاكتئاب والقلق، إضافة إلى معاناة بعض المخاوف الوجودية كالشعور بالوحدة وعدم المعنى، إضافة إلى مشاكل العلاقات. وتُنتقى أنواع الكتب وفق الحالات المطلوب التعامل معها.
في الـ"بيبليوثيرابي"، يعتمد المعالِج على اللاوعي لدى الشخص الذي يمكن أن يتحمّس لدى قراءته رواية ما، وتحدث لديه عملية إسقاط نفسي على نفسه، وبالتالي، يفهم حالته الراهنة. إذاً، يجب أن يسير ذلك العلاج بإشراف معالِج نفسي عبر مشاركة الشخص الأفكار التي قرأها في هذه الكتب كي يتمكن من التعبير عن مكنوناته، ويستطيع هنا المعالِج التمييز بين ما قرأه الشخص وما يعيشه فعلاً.
في حالات معينة، وبحسب حاجة الشخص، يمكن أن ينصح عالم النفس بالعلاج بالكتب. هناك أشخاص يهتمون بالقراءة وآخرون لا تعني لهم شيئاً. قد يفهم البعض أشياء كثيرة عن أنفسهم حينما يقرأون الكتب، وقد تقودهم إلى التفكير ببعض الحلول، وربما يشعرون أنهم بحاجه لفهمها أكثر.
وقد تكون قراءة الكتب في العلاجات الموجَّهة في حالات الاكتئاب والقلق، تثقيفية أو فلسفية أو رومانسية أو فانتازية. في تلك الحالات،، يرسم الشخص صورة مثالية لنفسه وكيف يريد التعامل معها، ربما عبر تخيّل كما لو أنه في مكان أبطال الرواية مثلاً.
وفي علاقة القراءة مع الصحة النفسية، يلاحظ أن فعل المطالعة يحثّ الشخص على إعادة تركيزه في أمر واحد [القراءة]. ففي حالة الاكتئاب أو القلق، يعاني الشخص من أفكار مرضية. لكن، حينما يبدأ بالقراءة، يعيد تركيز أفكاره، وقد يتحوّل بعضها من السلبية المرضية إلى الإيجابية المفيدة.
كيف يجري العلاج بالقراءة؟
يحلّل المعالِج النفسي والفرد الذي يطلب المعونة الطبية، مجالات التوتر في حياة الأخير، ثم يرشده الأول إلى قراءة كتاب أو رواية ترتبط بشكل مباشر بصعوبات الفرد، كي يتماهى مع بطلها.
ويمرّ الفرد خلال القراءة بأربع مراحل:
- التعرّف. ويعني ذلك أن ينتسب الفرد إلى شخصية في النص ويتعرف على مشاكلها وأهدافها.
- التطهير Catharsis. يحمل ذلك معنى أن يختبر الفرد مشاعر الشخصية التي يقرأ وصراعاتها وآمالها من موقف ما. وحينما تُحلُّ الصراعات، يحس المُطالِعْ كأنه هو الذي خرج من ذلك الصراع، ووجد حلاً له.
- الرؤية. مع المطالعة، يدرك القارئ أوجه التشابه بين الشخصيات أو المواقف في النص، وبين ما يعيشه ويعانيه. وبالتالي، قد تتحصل لديه رؤية مختلفة عن حياته وذاته.
- التعميم. على غرار الحكمة الشائعة بأن البلاء إذا عمَّ يخفت تأثيره، تفيد قراءة الكتب في أن يدرك الفرد أنه ليس وحده الذي يُكابد ما يعاني منه، وأنّ آخرين واجهوا تحديات مماثلة ووجدوا طرقاً للتغلب عليها.
بعد إتمامه القراءة، يتحدّث الشخص مع المعالِج عن الطريقة التي تعامل بها بطل الرواية مع مشاكله ومدى إمكانية تطبيق الحل أو الحلول في الكتاب على موقف الشخص.