النهار

مأساة منتجات تسريح الشعر في تونس: هل يقتلنا هَوَس المظهر؟
تونس-كريمة دغراش
المصدر: النهار
مأساة منتجات تسريح الشعر في تونس: هل يقتلنا هَوَس المظهر؟
مستخضرات سحبت من الاسواق التونسية
A+   A-
رغم أن البعض يستهين بالعلاقة بين صبغات ومنتجات تسريح الشعر وخطر الإصابة ببعض الأمراض الخطيرة، فإن هذه الفرضية تؤكدها الدراسات والجهات المختصة. 

في تونس، وجد أطباء وجمعيات مختصة أن منتجات تسريح الشعر وفرده قد تسبب مشاكل صحية خطيرة لمستعمليها من الراغبين في الحصول على شعر أملس.

وفي بيان طارئ صدر في الأسبوع الماضي، طلبت وزارة الصحة في تونس وقف استعمال بعض من هذه المنتجات مؤكدةً أنها كانت وراء تسجيل عدد من الأمراض الخطيرة من بينها أمراض الكلى.

وأوضح بيان الوزارة أن هذه المنتجات قد تسبب تهيج الجهاز التنفسي والسعال وضيق التنفس، إلى جانب التهيج في الجلد والعينين عند التلامس. كما أشار إلى وجود مخاطر محتملة على المدى البعيد، تشمل سرطان الجهاز التنفسي والجلد نتيجة الاستخدام المتكرر.

وقالت وكالة تقييم المخاطر الحكومية إن بعض هذه المنتجات تحتوي على حمض "الجليكوليك'' الذي يتسبب في مخاطر على صحة مستعملها.

وكشفت عن رصد حالات من الفشل الكلوي الحاد والتسمم الكلوي نتيجة استخدام هذه المنتجات وقالت إن هذه المخاطر أكدتها الجمعية التونسية لأمراض الكلى ولغسيل الكلوي وزع الأعضاء والمركز الوطني لليقظة الدوائية.

منتجات خطيرة
وتحدثت الوزارة التونسية عن تسجيل العديد من الإصابات، فيما قالت الجمعية التونسية لأمراض الكلى إن العديد منها سُجل مؤخراً في فترة متزامنة.

وتؤكد الدكتورة ليليا بن فاطمة، عضو الجمعية التونسية لطب الكِلى وتصفية الدم وزراعة الكلى، لـ"النهار" أن منتجات تسريح الشعر وفرده البرازيلية تسببت في مضاعفات لعدة نساء في تونس.

تقول: "تم استقبال عدد من النساء في بعض المستشفيات يشتكين من قصور كلوي حاد"، موضحة أن هذه المرض يعني توقف الكلى عن القيام بدورها بشكل مفاجئ، من دون أن يكون صاحبها قد اشتكى سابقاً من أمراض لها علاقة بالقصور الكلوي.

وتوضح أن تعدد الإصابات في صفوف النساء دفع الأطباء للبحث عن السبب وراء إصابتهن بهذا المرض الخطير، ليتبين أن العامل المشترك بينهن كان استعمال منتج فرد الشعر.

وأكدت أنه تم بناء على ذلك وقع إشعار وزارة الصحة كي تقوم بدورها بإصدار تنبيه طارئ من أجل وقف استعمال هذه المنتجات.

وتقول الطبيبة التونسية إنه منذ اصدار هذا البيان، "أكد أطباء في مستشفيات ومصحات عديدة أنهم تعاملوا مع حالات مماثلة من دون أن يدركوا السبب وراءها"، مؤكدة أن عدة دول أوروبية أطلقت في الفترة الأخيرة تحذيرات مماثلة بخصوص منتجات فرد الشعر، وأن عدة أبحاث منشورة تطرقت للعلاقة بين هذه المنتجات وبعض الأمراض الخطيرة، كالسرطان والقصور الكلوي.

كيف حصل ما حصل؟
تقول بن فاطمة إن بعضاً من هذه المنتجات تحتوي على العديد من المواد الكيميائية مثل حمض "الجليكوليك''. وتضيف أنه قد يكون لبعضها القدرة على زيادة احتمال الإصابة بأمراض خطيرة، "مثل القصور الكلوي أو الأمراض الجلدية، كتساقط الشعر أو بعض أنواع السرطان مثل سرطان الثدي أو سرطان الرئة". 

وتوضح أن استعمال هذه المنتجات بشكل متكرر ومتواصل يجعل منها مواد قاتلةً بالنسبة إلى بعض الأشخاص، "فردة الفعل تختلف من شخص لآخر".

وتؤكد أن الذين يستعملون هذه المنتجات يتعرضون لتراكم المواد الكيميائية التي تحتوي عليها من خلال تسربها عبر الجلد، أو بصيلات الشعر أو من خلال استنشاق الأبخرة، وأن الاتحاد الأوروبي منع بيع بعض هذه المنتجات.

وتنصح الطبيبة التونسية الراغبين في الحصول على شعر أملس بتجنب القيام بعملية فرد الشعر بشكل متكرر، والحرص على أن يكون ذلك في فترت زمنية متباعدة.

تنبيه لا يكفي
لم يذكر البيان العاملين في مراكز التجميل، واكتفى بتنبيه مستعملي هذه المنتجات لكن هذا لا يمنع أن هؤلاء قد يكونون في صدارة الأشخاص المعرضين لمخاطر منتجات فرد الشعر.

وتقول الدكتورة بن فاطمة إن هؤلاء مجبرون على التعامل مع هذه المنتجات بشكل دائم، لذلك قد تشكل خطراً على صحتهم، وهو ما يجب التنبيه إليه من خلال توعيتهم بضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة لتقليل استنشاق أبخرة هذه المنتجات أو لمسها.

وتدعو في هذا السياق مصففي الشعر إلى وضع نظارات كبيرة لحماية أعينهم وارتداء كمامات لمنع استنشاق البخار المتصاعد من هذه المنتجات مع الحرص على تهوئة المكان باستمرار.

هل تقتلنا؟
تقول الدكتورة بن فاطمة إن هذا السؤال يبدو صادماً، لكنها تشير إلى أن كل منتجات التجميل، سواء تلك التي تستعمل لفرد الشعر أو صبغه أو حتى للزينة هي منتجات تحتوي على مواد كيمائية. وبالتالي، فإن الإكثار من استعمالها قد يسبب فعلاً مشاكل صحية تختلف من شخص إلى آخر بحسب قدرته على التحمل ومناعته.

وتشير إلى أن الدراسات العلمية، وإن لم تجزم بعد بأن هذه المواد هي السبب المباشر لبعض الأمراض الخطيرة، إلا أنها في الوقت ذاته لا تنفي ذلك. فالكثير من المنشورات الطبية والعلمية التي استندت لأبحاث ميدانية أكدت وجود صلة بين هذه المنتجات وبعض الأمراض في عديد الحالات "لذلك فإن منتجات التجميل قد تقتلنا من حيث لا ندري" وفق تعبيرها.

اقرأ في النهار Premium