النهار

منازل خضراء مستوحاة من بيوت النمل وأصداف المحار
المصدر: النهار، مواقع علمية
حاضراً، تشجع التحديات في الطاقة والبيئة على استعمال مواد بناء جديدة، وتصميم المباني بطرق مبتكرة تراعي مبدأ احترام الطبيعة. ويستوحي بعض المنازل تصاميمه من بيوت النمل وأصداف البحار، فيما تتبنى مجموعة اخرى منها مفهوم الأسطح الخضراء.
منازل خضراء مستوحاة من بيوت النمل وأصداف المحار
مبانٍ مصممة بطرق مبتكرة تراعي مبدأ احترام الطبيعة (هابيتوس ليفنغ)
A+   A-

الأرجح أن التركيب الأساسي للبيوت والمباني التجارية في الغرب، لم يتغيّر منذ زمن طويل. وحاضراً، تشجع التحديات في الطاقة والبيئة على استعمال مواد بناء جديدة، وتصميم المباني بطرق مبتكرة تراعي مبدأ احترام الطبيعة. ويستوحي بعض المنازل تصاميمه من بيوت النمل وأصداف البحار، فيما تتبنى مجموعة اخرى منها مفهوم الأسطح الخضراء.


لنبنِ بالبلاستيك!

 

صممّت المادة المسماة "سمارت راب" Smart Wrap ("الدثار الذكي") لكي توفر ستاراً واقياً يساعد على التحكم بالمناخ داخل المبنى، بما في ذلك استهلاك الطاقة. وتوضح شركة "كيران تيمبرلايك أسوشييتس" المتخصصة في الهندسة المعمارية التي اخترعت "سمارت راب"، أن تلك المادة رقيقة جداً، وصُنعت من البوليستر المستخدم في صنع الزجاجات البلاستيكية للمشروبات الغازية.
وتتمتع الطبقة التحتية من ذلك "الدثار" بالمتانة إلى حدٍّ كاف للحماية من الرياح والأمطار، بل تصمد في مواجهة إعصار قوي.

وللتحكّم بمناخ المبنى، طُمِرتْ في تلك الطبقة كبسولات رقيقة من مواد تُغيّر عملها مع التقلّب في درجة الحرارة، بحيث تمتص السخونة في الطقس الحار وتطلقها شتاءً.

وكمصدر للإنارة، تستخدم مادة "سمارت راب" الإضاءة التي تولّدها تقنية الإضاءة المسماة "أوليد" (OLED) التي تعتمد على عمل ترانزستورات مكوَّنة من مواد عضوية توضع على غشاء بلاستيكي بطريقة تؤدي إلى انبعاث الضوء منها حينما توصل بالتيار الكهربائي. وقد يأتي الأخير من بطاريات كهروضوئية مطمورة في "سمارت راب" تعمل بواسطة أشعة الشمس.

وقد أصبحت المصابيح التي تعتمد على تقنية "ليد" (LED) التي يشبه عملها الرقاقات الالكترونية، شائعة في الإضاءة المنزلية والسيارات ومصابيح إنارة الشوارع وغيرها. وتتميّز بأنها تستهلك كمية ضئيلة جداً من الكهرباء.  

واستطاع "مركز أبحاث الإنارة" في "معهد بوليتكنيك رنسيلار" في نيويورك تركيب شبكة أسلاك منخفضة الفولتية في بعض الجدران بصورة تجريبية. ومن المستطاع ربط ألواح من مصابيح "ليد" في جدران الغرف بشبكة توزيع الطاقة، وقد يُصار إلى التحكُّم بها بواسطة الكومبيوتر بغية تعديل شدَّة إنارتها ولونها.
وتعكف الشركة الهندسية "كنيدي وفيوليتش آركيتكتشير" [مركزها بوسطن] على صنع خيوط تطمر فيها ترانزستورات ضوئية، ويمكن نسجها داخل أغطية الجدران أو حتى أثاث المنزل.

 استلهام تراكيب الكائنات الحيَّة


الأرجح أن الكائنات الحيّة ابتكرت تصاميم بارعة كثيرة خلال الحقب المديدة من تطوّرها. ومنذ فترة، شرع مهندسون معماريون في العودة إلى الطبيعة بهدف محاكاتها في تصاميم المباني.

وتضم مدينة "هراري" في زيمبابوي "مركز التسوق والمكاتب" الذي استوحِيَ     تصميمه من تلال النمل الأبيض الأفريقي. إذ تُحافظ الأخيرة على درجة حرارة ثابتة تبلغ 87 درجة فهرنهايت كي تحافظ على الفطر الذي يجمعه النمل كغذاء، وذلك من طريق منافذ يخرج عبرها الهواء الساخن.

وفي ذلك المبنى، تعمل مراوح كبيرة خلال الليل على شفط الهواء الخارجي البارد عبر فراغات مبنية بين أرضيات الطوابق. وخلال النهار، تقوم مراوح أصغر بدفع الهواء الساخن الخارجي عبر الفراغات نفسها. وكذلك تساعد الخرسانة الباردة على تحقيق اعتدال درجات الحرارة. وحينما يسخن الهواء يرتفع عبر 48 قمع قرميد مستدير الشكل إلى سطح المبنى. ويدور الهواء النقي في المبنى مرتين في كل ساعة خلال النهار، لكنه لا يستهلك سوى 10% من الطاقة التي تستهلكها تلك العملية في المباني التقليدية من الحجم نفسه.
وعلى النسق عينه، يدرس المهندسون حاضراً صدفة المحارة الصلبة، لصنع مواد بناء تُشبهها وتستعصي على التدمير.
تُنمي المحارة صدفتها الخارجية عبر تجميع جزيئات من كربونات الكالسيوم على شكل صفائح، وتراكم الجزء الجديد فوق نظيره المكتمل في زاوية قائمة. وبذا، يصبح من الصعب على أي تشقق أن يتمدد، إذ تتبدد قوة أي صدمة أثناء انتقالها من طبقة إلى أخرى.
وكذلك تُستلهم تصاميم كوز الصنوبر المرن في مجال التكيّف مع التغيّر في درجات الحرارة. ويشتهر الكوز بأنه أنه يقفل في الطقس البارد وينفتح عند ارتفاع الحرارة. ويفتش الباحثون عن مواد تغيّر شكلها بحسب مستوى الرطوبة في الهواء، فتنفتح لقذف الهواء الرطب الساخن إلى الخارج وتنغلق لمنع الهواء الرطب الساخن من الدخول.

أسطح خضراء

 

ليست فكرة الأسطح الخضراء للمباني بجديدة على الإطلاق. لقد زُرِعتْ أسطح حدائق بابل المعلقة، وقدَّمت سابقة تاريخية.
وفي العقود الأخيرة، شاع في أنحاء من أوروبا إنشاء أسطح خضراء وتغطيها بالنباتات. وثمة نظراء لها في بلدان كثيرة، من بينها لبنان.

وقد يؤدي انتشار الأسطح الخضراء إلى تخفيف بعض مشاكل المدن الحديثة. إذ تشتهر بأنها تقلل من جريان مياه الأمطار في الشوارع، وتصفّيها من الملوثات العالقة فيها.

كذلك تقلص الأسطح الخضراء استهلاك الطاقة لأنها تخفض حاجة المباني إلى التدفئة شتاءً والبرودة صيفاً، بالمقارنة مع نظيراتها التقليدية. ومع التوسع في الأسطح الخضراء، قد تتمكن من خفض سخونة الجو في مدن بأكملها.
وحاضراً، تشجع بعض المدن الأميركية على استخدام الأسطح الخضراء كجزء من سياستها العامة. ومثلاً، يغطي سقف أخضر مبنى بلدية شيكاغو.

وكذلك وضعت "الجمعية الأميركية للمهندسين المعماريين" سطحاً أخضر يعلو مقرها العام في واشنطن. وتُقدّر تلك الجمعية أنه "يمنع انسياب أكثر من مئة ألف ليتر من مياه الأمطار، أي 75% تقريباً مما هطل عليه. وكذلك يخفف درجة الحرارة بحوالي 32 درجة في الصيف".
وتتطلب أسطح المباني الخضراء دعماً إنشائياً قوياً لتصمد في مواجهة الحمل الثقيل الذي ينتج عن العواصف. ولذا، تستعمل في تلك الأسطح طبقات متراصة مؤلفة من أغشية مانعة لتسرب المياه، يضاف إليها حواجز من جذور النباتات.
واستكمالاً، تُبنى أسطح المباني الخضراء بارتفاعات مختلفة. فلا تتعدى  سنتيمترات قليلة من المواد اللازمة لنمو المزروعات، في أسطح المباني الخضراء الواسعة. وفي الغالب، يستعمل مزيج من الصلصال مع القليل من التراب العضوي. وتزرع فيها النباتات التي تنمو في منحدرات الجبال مثل عشبة "سيدوم". في المقابل، تستلزم الأسطح الخضراء الكثيفة استخدام تربة عميقة وأنظمة ريّ لنمو الأعشاب والشجيرات، وحتى... الأشجار!

اقرأ في النهار Premium