كانت شيريل ميركار عاشقةً للمغامرات والإثارة. ولطالما استمتعت بعملها كمدربة غوص محترفة، وركوب دراجتها النارية من طراز "هارلي ديفيدسون سبورتستر 2003 " في نورث كارولينا، والدوران بها حول منزلها في مقاطعة داتشيس.
وكذلك أحبت خوض التجارب على اختلافها. وحصلت على الحزام الأسود من الدرجة الرابعة في الكاراتيه، وخاضت تجربة القفز بالمظلات والحبال.
لكن هذه المرة، نجحت شيريل في إضافة إنجاز جديد إلى سيرتها الذاتية الاستثنائية. وأصبحت أول شخص في العالم يتلقى عملية زراعة رئة مزدوجة بالكامل نهض بها روبوت جرّاح، وفق ما نشر في موقع "the new york post"
لم تخفِ ميركار (57 عاماً) في حديثها إلى صحيفة "ذا بوست" بعد خروجها مباشرة من المستشفى، مشاعرها حيال تجربتها. ووفق كلماتها، "كنتُ في حالة من الذهول، إنه أمر لا يصدق".
المعاناة من الانسداد الرئوي المزمن
في العام 2010، شُخصت ميركار بمرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD) الأمر الذي دفعها إلى الإقلاع عن التدخين. يشير مرض الانسداد الرئوي المزمن إلى مجموعة من التغييرات المرضية تشمل انتفاخ الرئة والالتهاب المزمن في القصيبات الهوائية وغيرها، ما يلحق الضرر بالرئتين ويعيق تدفق الهواء اليهما وخروجه منهما.
الدكتورة تشانغ تجري عملية زرع الرئة المزدوجة عبر تقنية الروبوت الجراح
لكن بعد سنوات، تبلغت ميركار بأنها تعاني من فرط نشاط الغدة الدرقية، ما تسبب لها بفقدان وزن كبير. ساءت حالتها كثيراً بعد أن أُصيبت بفيروس كورونا في العام 2022، حينما بدأ "كل شيء في الانهيار".
لم تكن حالتها جيدة واضطرت إلى وضع الأوكسجين في المنزل، لتبدأ رحلتها مع المستشفيات وحاجتها إلى الرعاية الصحية المستمرة.
في 22 تشرين الأول (أكتوبر) 2024، خضعت ميركار إلى عملية جراحية قادتها الدكتورة ستيفاني هـ. تشانغ، الأستاذة المساعدة في قسم جراحة الصدر والقلب بكلية الطب في "جامعة نيويورك غروسمان" NYU Grossman.
وفي التفاصيل، أحدثَت تشانغ شقوقاً صغيرة بين أضلاع ميركار قبل استخدام النظام الجراحي الروبوتي "دا فينشي كزي" ( Da Vinci Xi) لإزالة رئتيها المتضررتين، وتجهيز قلبها ومجرى الهواء لعملية الزرع، ثم تثبيت الرئتين المتبرع بهما في مكانهما.
توضح تشانغ، أن " الفوائد تتمثل في شقوق أصغر بكثير، ما يعني شفاءً أفضل للمريضة وألماً أقل بعد الجراحة".
نفذ "معهد زراعة الأعضاء" في "جامعة نيويورك غروسمان" 76 عملية زراعة رئة في عام 2023. قبل أشهر عدة، أُشيد بالدكتورة تشانغ لقيادتها أول عملية في أميركا لزراعة رئة بالكامل باستخدام الروبوت "دافنشي كزي". وآنذاك، زرعت رئة في الجانب الأيمن لرجل.
في المقابل، تصف تشانغ تلك العملية بأنها "إنجاز كبير"، لكنها تشدد على أن زارعة رئتين معاً في الوقت نفسه شكًّل تحديّاً مختلفاً لأنه فرض تحسين التقنية الجراحية الروبوتية كي تصبح أكثر سرعة وأشد فاعلية بما يكفي لتنفيذ زراعة مزدوجة لرئتين.
في سياق متصل، تعترف ميركار أن الدكتورة تشانغ أوضحت لها الأمور بصدق. وبحسب كلمات ميركار، فإن تشانغ أخبرتها بأنها تود إنجاز تلك العملية "باستخدام الروبوت لكلتا الرئتين. لم نفعل ذلك من قبل. ستكونين الأولى في العالم. لكن لا ترفعي آمالك كثيرًا. إذا لم نتمكن من ذلك، سنجري زراعة رئة واحدة باستخدام الروبوت والأخرى بأيدينا".
بعد إجراء العملية التي استمرت نحو سبع ساعات، دُهشت ميركار بقدرتها على أخذ "شهيق جيد"، مشيرة إلى أن "الأمور تتحسن ".
تعتبر جراحة ميركار تاريخية. وقد استعد الفريق الجراحي الذي أجراها بالاستعانة بنظام الروبوت "دا فينشي كزي"، على مدار ستة أشهر. وأجروا ثلاث عمليات زراعة رئة واحدة باستخدام ذلك الروبوت خلال الأسابيع الخمسة السابقة لتطوير التقنية وتحسين سير العمل.
تتذكر ميركار أنه قبل 15 عاماً، شعرت بضيق طفيف في التنفس أثناء حركات القفز والتمارين الرياضية مع طلابها في الكاراتيه.
وتعلق ميركار على ما جرى لها بحماسة. إذ تعتبر أن ما خضعت له يأتي بمثابة "تجربة إيجابية وصحية للغاية". لا تعتقد ميركار أنها ستعود للمغامرات التي اعتادتها قبل العملية، لكنها تأمل في العودة إلى النشاطات التي تحبها، بما في ذلك العمل كمسعفة طبية تطوعية مع قسم الإطفاء في مقاطعة داتشيس.