سكّان يفرّون من حي رأس النبع في بيروت بعد استهداف مبنى 2024 بغارة إسرائيلية. (أ ف ب)
خلصت دراسة جديدة إلى أن الأطفال الذين يعيشون في بلدان تمزّقها الحروب لا يعانون فقط من مشكلات في الصحة النفسية بل من المحتمل أيضاً أن يتعرّضوا لتغيّرات بيولوجية في الحمض النووي (دي.أن.أيه) يمكن أن تستمر آثارها الصحّية مدى الحياة.
وأجرى الباحثون تحليلات للحمض النووي لعينات لعاب تم جمعها من 1507 لاجئين سوريين تتراوح أعمارهم بين ستة و19 عاماً يعيشون في تجمعات سكنية عشوائية في لبنان، وراجعوا أيضاً استبيانات أجريت للأطفال والقائمين على رعايتهم شملت أسئلة عن تعرّض الطفل لأحداث مرتبطة بالحرب.
وظهرت في عينات الأطفال الذين تعرّضوا لأحداث الحرب تغيّرات متعدّدة في مثيلة الحمض النووي، وهي عملية تفاعل كيميائي تؤدي إلى تشغيل جينات أو تعطيلها.
وذكر الباحثون أن بعض هذه التغيّرات ارتبطت بالجينات المشاركة في وظائف حيوية مثل التواصل بين الخلايا العصبية ونقل المواد داخل الخلايا.
ولفت الباحثون إلى أن هذه التغيّرات لم تُرصد لدى من تعرّضوا لصدمات أخرى، مثل الفقر أو التنمّر، ما يشير إلى أن الحرب قد تؤدي إلى رد فعل بيولوجي فريد من نوعه.
وعلى الرغم من تأثّر الأطفال من الذكور والإناث على حد سواء، ظهرت في عينات الإناث تأثيرات بيولوجية أكبر، ما يشير إلى أنّهن قد يكن أكثر عرضة لخطر التأثيرات طويلة الأمد للصدمة على مستوى الجزيئات.
وقال رئيس الفريق الذي أعد الدراسة في جامعة سري في المملكة المتحدة مايكل بلوس في بيان "من المعروف أن للحرب تأثيراً سلبياً على الصحة النفسية للأطفال، إلا أن دراستنا خلصت إلى أدلة على الآليات البيولوجية الكامنة وراء هذا التأثير".
وأشار بلوس أيضاً إلى أن التعبير الجيني، وهو عملية منظّمة تسمح للخلية بالاستجابة لبيئتها المتغيّرة، لدى الأطفال الذين تعرّضوا للحرب لا يتماشى مع ما هو متوقّع لفئاتهم العمرية، وقال "قد يعني هذا أن الحرب قد تؤثر على نموهم".
وعلى الرغم من محاولات الباحثين لرصد تأثيرات مدى شدّة التعرض للحرب، خلصوا في تقرير نُشر يوم الأربعاء في مجلة "غاما" للطب النفسي إلى أن "من المرجّح أن هذا النهج لا يقدر تماماً تعقيدات الحرب" أو تأثير أحداث الحرب المتكرّرة على الأطفال.
وتشير تقديرات منظّمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إلى أن نحو 400 مليون طفل على مستوى العالم يعيشون في مناطق صراع أو فرّوا منها.