تصدّرت لاوس عناوين ونشرات الأخبار في لاوس، خصوصاً عاصمتها فيانتيان، بعد تسجيل حادثة وفاة سادسة تُضاف إلى قائمة السيّاح الأجانب الذين توفوا بعد احتسائهم كحولاً ملوثاً بمادة الميثانول.
لم تصدّق عائلة هولي بولز، الشابة البالغة من العمر 19 عاماً، خبر وفاة ابنتها. وصُدِم الجميع بوفاتها. وبقلوب منكسرة، أكّدت العائلة الخبر بعد أكثر من أسبوع من إصابتها بالمرض في مدينة فانغ فينغ السياحية الشهيرة في ذلك البلد الآسيوي.
انضمّت هولي بولز إلى لائحة الضحايا الذين ارتبطت وفاتهم بالاشتباه في تناولهم مادة الميثانول. وضمت اللائحة بيانكا جونز (19 عاماً)، وهي من صديقات بولز ، والمحامية البريطانية سيمون وايت (28 عاماً).
اِبحث عن التهريب والغشّ
كذلك يُعتقد بأن رجلاً أميركياً مجهول الهوية وامرأتين دنماركيتين، تتراوح أعمارهم ما بين 19 و20 عاماً، من بين ضحايا التسمّم المشتبه فيه، والذي يُعتقد بأنه مرتبط بالكحول المهرّب.
تشير التقارير الإخبارية والشهادات إلى أن السياح قد يكونون شربوا كحولاً ملوثاً بالميثانول السامّ الذي يوجد أحياناً في الكحول المهرّب، وفق ما نشر موقع "بي بي سي".
من ضحايا احتساء الكحول المغشوش بالميثانول.
يؤكّد المتخصصون أن شرب 25 ملليلتراً من الميثانول قد يميت، بالرغم من أنها قد تُضاف أحياناً إلى المشروبات الروحية، لأنها أرخص من الكحول العادي المُكَوَّن أساساً من الإيثانول.
حالات سابقة وتحذيرات
وفي هذا السياق، يوضح كريستار هوغستراند، أستاذ علم السموم في "كلية كينغز" في لندن، بأن "الميثانول تُشبه الكحول العادي بأنها عديمة اللون والرائحة، لكنها قد تُميت البشر، لأن جزيئاتها تختلف عن نظيراتها في الإيثانول".
ولم تُحدّد السلطات مكان تناول المشروب الذي رُبطت الوفيات به، مع ملاحظة أن علامات المرض قد تستغرق 24 ساعة حتى تظهر على الضحايا.
في وقت سابق من هذا العام، توفي ما لا يقلّ عن 57 شخصاً في الهند بعد استهلاكهم كحولاً ملوثاً بالميثانول.
وفي سنوات سابقة، أُبلِغَ عن حالات مماثلة من التسمم الجماعي في جميع أنحاء العالم. وأدّى ذلك إلى دخول العشرات إلى المستشفيات، بل إلى وفاة البعض في إندونيسيا مثلاً. لكن هذه الأوضاع نادراً ما تؤثر على السياح. وقد انتشرت تحذيرات بين المسافرين إلى لاوس، إثر تسجيل 6 وفيات بالكحول المغشوش فيها.
وتوضيحاً، فإن الميثانول مادة كيمياوية صناعية توجد في سوائل منع التجمّد وتنظيف الزجاج. وتتسم بسميّة شديدة.
ما الذي يمكن أن تفعله هذه المادة؟
تبدو الميثانول شبيهة بالكحول، لا سيما في بداية تأثيراتها. وبالتالي، قد لا يدرك الشخص أن هناك شيئاً خاطئاً. لكن الأذى يحدث بعد ساعات حينما يحاول الجسم التخلص من الميثانول عن طريق تفكيكه في الكبد، إذ يؤدي ذلك إلى تكوُّن مركّبات سامّة، تُسمّى فورمالديهايد، فورمات، وحمض الفورميك. تتراكم هذه الموادّ السامّة، وتهاجم الأعصاب، وتضرب أعضاء عدة في الجسم. بالتالي، قد تؤدي إلى العمى، والغيبوبة، والموت.
يشرح الدكتور كريستوفر موريس، (محاضر كبير في "جامعة نيوكاسل") في حديث إلى "بي بي سي" بأن "مُركّب الفورمات يعمل بطريقة مشابهة لسمّ السيانيد ويوقف إنتاج الطاقة في الخلايا، فتذوي تدريجياً. ويبدو أن الدماغ هو الأكثر تعرّضاً لهذا التأثير". وتتعرض العين لتأثير مباشر من الميثانول، مما يفسّر حدوث العمى لدى كثيرين ممن تسمّموا بتلك المادة.
كذلك أورد الدكتور كنوت إريك هوفدا من منظمة "أطباء بلا حدود"، التي تتابع حالات التسمم بالميثانول، أن الوعي يختلف بشكل كبير بين السياح وفرق الرعاية الصحية في مختلف أنحاء العالم، الأمر الذي يؤدي إلى تأخير في تشخيص التسمم.
وأضاف أن "الأعراض غالباً ما تكون غير واضحة إلى أن تصبح الحالة خطيرة للغاية".
كيف يُعالج التسمّم بالميثانول؟
يشكِّل التسمم بالميثانول حالة طبية طارئة، تجب معالجتها في المستشفى. هناك علاجات دوائية يمكن إعطاؤها، بالإضافة إلى غسيل الكلى لتنقية الدم.
بعض الحالات تمكن معالجتها باستخدام بالكحول العادي (الإيثانول) بهدف وقف تفكيك الميثانول في الكبد. ويجب إتمام ذلك بسرعة.
يشرح خبير في السموم البيئية من "جامعة ليدز"، البروفيسور ألستير هاي، بأن "الإيثانول يتنافس مع الميثانول في الكبد، مما يؤخر تفكيك المركّب الأخير، ويعطي الجسم وقتاً للتخلص منه عبر إخراجه من الرئتين والكلى والعرق، بكميات متفاوتة".
وأشار البروفيسور ألستير هاي إلى أن من المستطاع "تخفيف جميع تأثيرات الميثانول إذا وصلت الحالة إلى المستشفى في وقت مبكر، وتوفَّر العلاج اللازم. لكنها قد تموت من كمية صغيرة جداً من الميثانول، وربما تتناول كمية كبيرة منها ثم تنجو إذا حصلت بسرعة على المساعدة".