شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعاً في معدلات الإصابات العالمية بالإنفلونزا بسبب عوامل عدّة.
وفي لبنان، يتوقع أن يكون موسم الإنفلونزا كارثيّاً، في ظلّ ظروف الحرب المستمرة، وفق وصف طبيبة الأطفال الدكتورة منى علامة التي تشدّد على أهمية اللقاح في حماية معظم الناس.
كلّ سنة فيروس مختلف؟
يُعرف عن فيروسات الإنفلونزا أنها تتغير بنسبة 30 أو 35 في المئة من موسم إلى آخر. إذ تتغيَّر وتتحوّر باستمرار على غرار ما حصل مع فيروس كورونا الذي نشهد باستمرار ظهور متحوّرات جديدة منه. وبالتالي، هناك حاجة دائمة إلى إجراء تعديلات على اللقاح كي يكون فاعلاً في مواجهة المتحوّرات الجديدة، وإلّا يفقد تأثيره.
وتتوقع علامة أن يكون الموسم الانفلونزا المقبل كارثيّاً في ظلّ ظروف الحرب والنزوح. إذ أن فيروس الإنفلونزا شديد العدوى، ونظراً لاكتظاظ مراكز إيواء النازحين، يتوقّع ارتفاع معدّلات الإصابات به.
وبالتالي، هنالك حاجة للتركيز على التلقيح لحماية العدد الأكبر من الأشخاص، خصوصاً من يعتبرون أكثر عرضة لمضاعفات المرض.
درس السنة الماضية
في الموسم الماضي والمواسم التي تلت جائحة كورونا، ارتفعت معدّلات الإصابات بالإنفلونزا نتيجة انخفاض معدلات التلقيح الموسمية، بفعل عوامل عدّة، على غرار المعلومات الخاطئة عن اللقاحات بصورة عامةً. وربما زاد عدم الإقبال على اللقاح التشابه بين كورونا والإنفلونزا الموسمية العادية في أشياء كثيرة، بما في ذلك أعراضهما المرضية.
اللقاح ليس حماية كاملة
وتشدّد علامة على أنّ الاعتقاد بأنّ لقاح الإنفلونزا يحمي من الرشح خاطئ تماماً، لكنّه يخفّف مضاعفات المرض، فتكون الإصابة طفيفة، أو ربّما يمنع حدوثها.
ويحتوي اللقاح على 4 تراكيب فيروسية تكون منسجمة مع توصيات "منظمة الصحة العالمية" التي تملك مراكز في معظم دول العالم، يتضمّن عملها مراقبة السلالات الفيروسية الأكثر انتشاراً. واستناداً إلى تقارير تلك المراكز، توضع توصيات تتجدّد كلّ سنة عن اللقاح الموسمي الذي يجب اعتماده. ويجري تحديد التوصيات في اجتماعَين كلّ سنة، يخصّص أحدهما للّقاح الخاص بشمال الكرة الأرضية والآخر بجنوبها، لأنّ مواسم الإنفلونزا تختلف بينهما، ويجب تعديل اللقاحات بناء على ذلك.
تلقّح حتّى لو تأخّرت
يبدأ موسم الإنفلونزا في منطقتنا في أواخر شهر أكتوبر (تشرين أول) وينتهي في شهر مارس (آذار) تقريباً. لكن تبيّن في المواسم الأخيرة أنّ موسم الإنفلونزا قد يطول، وظهرت حالات في شهر ابريل (نيسان) أيضاً. وكان الموسم طويلاً بشكل خاص في العام الماضي. تنصح علامة بالحصول على اللقاح في أيّ وقت كان حتّى شهر مارس (آذار).
المضاعفات تصيب هذه الفئات...
فالكلّ معرّض لمضاعفات الإنفلونزا، حتّى الشباب ومن يتمتّع بصحّة جيّدة. في المقابل، هناك فئات أكثر عرضة من غيرها، وتشمل:
- الأطفال دون سنّ الخمس سنوات وخاصّة من هم دون السنتين.
- المسنّين الذين تخطّوا سنّ الـ65.
- من يعاني أمراضاً مزمنة أو ضعفاً في جهاز المناعة.
أعراض الإنفلونزا
- ارتفاع في الحرارة إلى حدود 39 حتّى 40 درجة مئوية.
- آلام في الحلق.
- آلام في الجسم.
- خروج سوائل مخاطية من الأنف.
- سعال.
- إسهال.
- تقيّؤ.
- التهاب في الجيوب الأنفية.
- التهاب في الأذنَين.
وقد تتفاقم تلك الأعراض، خصوصاً في حال عدم أخذ اللقاح.
وتشمل مضاعفات الإنفلونزا، حدوث التهاب في الجهاز التنفّسي قد تضرب الرئة أيضاً.
ولعلّ أخطر مضاعفات فيروس الإنفلونزا أنّها قد تؤدّي إلى التهاب في عضلة القلب، وتلك حالة تُحدث اضطرابات مرضية في الجهاز الدوري كلّه، وقد توصل إلى الوفاة.
وتزيد المشكلة سوءاً في حال انتشار العدوى في المدارس والحضانات.
وفي حال الإفراط في تناول المضادات الحيوية، خصوصاً من دون استشارة طبية، تظهر مشكلة أخرى تتمثّل في مقاومة البكتيريا لتلك المضادات.
تجدر الإشارة إلى أنّ 10 آلاف إلى 15 ألف حالة وفاة بين الأطفال تُسجّل في الولايات المتحدة بسبب مضاعفات فيروس الإنفلونزا، ما يؤكّد على مدى خطورته.
ويؤدّي تعميم تناول اللقاح إلى انتشار مناعة ضدّه في شرائح واسعة من السكان، ويُعرَف ذلك طبيّاً بمصطلح "مناعة القطيع" Herd Immunity.