في دراسة جديدة تضمنت اختبارات سريرية، تبيّن أن المصابين بآلزهايمر تفاعلوا إيجابيّاً مع تأثيرات حبوب تحتوي مادة "رباعي هيدرو كانابينول" tetrahydrocannabinol التي يشار إليها بإسمها المختصر "تي آتش سي" THC، المشتقة من القنب الهندي [حشيشة الكيف]. ولم يُظهر أولئك المرضى الآثار الجانبيّة التي كثيراً ما ترافق الأدوية المستخدمة حاضراً في علاج التوتر الفائض والهياج الحركي لدى مرضى آلزهايمر.
وفي التفاصيل يرد أن باحثين من جامعتي "جونز هوبكنز" و"تافتس" أنجزوا دراسة بيّنت من خلالها أنّ حبّة من دواء "درونابينول" dronabinol المعتمد من "إدارة الغذاء والدواء" الأميركيّة، نجحت في تخفيف النشاط الحركيّ الزائد عند مرضى آلزهايمر بـ30% تقريباً.
الماريجوانا في استعمال طبي
واستكمالاً، يعتبر "درونابينول" نسخة مُصنَّعة من THC وهو المكوّن الرئيسيّ في الماريجوانا. وفيي 1985، أجازت "إدارة الغذاء والدواء" استعمال تلك الحبوب بهدف إعادة الشهيّة للمرضى المصابين بالإيدز. ويصفه الأطبّاء حاليًّا لعلاج الغثيان والقيء عند مرضى السرطان ممن يخضعون للعلاج الكيمياوي.
وجاء في تقرير نشره موقع "سايتيك دايلي" Scitechdaily العلمي أنه بحسب "معاهد الصحّة الوطنيّة" الأميركية، يمثّل مرض آلزهايمر حالة من التدهور في الجهاز العصبي المركزي تترافق مع تراجع في قدرات المعرفة والإدراك والذاكرة إلى حد الخرف. ويعتبر آلزهايمر الشكل الأكثر شيوعاً للخرف في الولايات المتّحدة. وقد سجّل 6.7 مليون إصابة في صفوف من تفوق أعمارهم الـ65 عاماً. ومن المتوقع أن يشهد الرقم ارتفاعاً، فيصل إلى 13.8 مليون حالة مع حلول العام 2060. في الواقع، يعاني 40% من مرضى آلزهايمر من النشاط الحركيّ الزائد كالمشي أو الحركات المتكرّرة أو العدوان الجسديّ واللفظيّ.
وأكّد رئيس قسم الطبّ النفسي والمدير المشارك في الدراسة الدكتور برانت فوريستير إنّ النشاط الحركيّ الزائد يشكل السبب الرئيسي في إدخال مرضى آلزهايمر إلى المستشفى وليس المرض بحدّ ذاته. وبغية تفادي ذلك، يشير فوريستير إلى أهمّيّة مادّة "درونابينول" التي قد تخفّف من التكاليف الطبّيّة، إضافة إلى تأثيرها بصورة إيجابية على الحالتين الجسدية والنفسية لمقدمي الرعاية الطبية أيضاً.
وفي الدراسة الجديدة، دقّق الباحثون في أحوال 75 مصاباً وصلوا إلى مرحلة شديدة من إصابتهم بآلزهايمر، وتُِشرف عليهم خمس عيادات طبيّة مختلفة، ونُقل من بينهم 35 مريضاً إلى مستشفى "جامعة جونز هوبكينز" بين آذار (مارس) وأيّار (مايو) 2024. ومن أجل التأكّد من أهليّة المرضى لخوض الاختبار، جرى التثبت من أن مرضهم مُشخّص سريريّاً، وأنهم يعانون عارضاً أساسيّاً واحداً على الأقل يتعلق بالهياج الحركي منذ فترة لا تقلُّ عن الأسبوعين. وقبل بدء العلاج بدواء "درونابينول"، خضع المرضى إلى اختبارات معيارية لقياس مستوى النشاط الحركيّ الزائد والسلوك العدواني لديهم.
تحسّن الأعراض وتقبُّل الدواء
وفي خطوة تالية، وُزّعت حبوب درونابينول أو حبوب وهميّة عليهم بشكل عشوائي. وتناولوها مرتين يومياً على مدار ثلاثة أسابيع. وبعدها، أخضعوا للاختبارات ومن بعد مرور هذه الفترة، خضعوا إلى الاختبارات المعيارية مجدّداً.
وأشارت النتائج إلى أن "درونابينول" أحدث تأثيراً مهدئاً إيجابياً تزيد بثلاثين في المئة عن تأثيرات الحبوب الوهميّة. وقد تقبّل المرضى عقار "درونابينول" بطريقة أفضل من الأدوية التي يتناولونها عادة لمعالجة النشاط الحركيّ الزائد.
واستطراداً، أكّد الباحثون الذين أنجزوا ذلك البحث أنّهم يسعون إلى التعمّق بالدراسات العلميّة لاختبار فعاليّة دواء "درونابينول" بالنسبة لمرضى آلزهايمر ، على نطاق أوسع، وأعربوا أيضاً عن أملهم في تحقيق اكتشافات أخرى بشأن الإيجابيّات التي يقدّمها القنب الطبّي. وأشاروا إلى أنّ الدراسة التي أطلقوها لا تهدف إلى تشجيع استخدام أنواع أخرى من الماريجوانا الطبّيّة المنتشرة في 38 ولاية أميركية، بالإضافة إلى واشنطن.