يعود مصطلح المستشفيات الميدانية إلى الواجهة عند الحروب والنزاعات والأزمات. ويتسبب القصف المتواصل والهجوم العسكري على مناطق لبنانية في قطع الأوصال بين مدن وأخرى. وبشكل متفاقم، تعيق التحديات الصحية إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية لإنقاذ الجرحى والمصابين.
خاض لبنان تجربة مع المستشفيات الميدانية بعد انفجار 4 آب الذي تسبب بمقتل المئات وإصابة آلاف، بالإضافة إلى خروج 4 مستشفيات خاصة عن العمل نتيجة الأضرار الكبيرة التي لحقت بها. هذه الحاجة الصحية دفعت بدول عديدة إلى تقديم مساعدات طبية وتوفير التمويل اللازم لإنشاء مستشفيات ميدانية لتلبية الحاجات الجراحية والطبية اللازمة. ومع ذلك، يرى بعض المتابعين الصحيين أنها تجربة هذا النوع من المستشفيات فشلت في لبنان.
ما هو الخيار الأفضل؟
وبالرغم من القصف المتواصل بشكل مكثف على الجنوب والضاحية والبقاع، فإن المستشفيات على اختلافها ما زالت قادرة على استيعاب الحالات الصحية المختلفة، ولم تصل إلى مرحلة العجز أو عدم قدرتها على مواصلة العمل. هل نحن بحاجة إلى المستشفيات الميدانية أم يمكن للمستشفيات اللبنانية أن تقوم بالواجب في الحرب المتواصلة؟
"يعمل القطاع الصحي وفق الخطة الموضوعة من وزارة الصحة لمواجهة تداعيات الحرب"، هذا ما أكده نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون لـ"النهار". وبرأيه، "إن الوضع ما زال تحت السيطرة، لم تصل المستشفيات بعد إلى قدرتها الاستيعابية القصوى إلا في مناطق محدودة. تختلف العمليات الطبية بحسب نوع الإصابة وتشمل عمليات البطن والعظم والوجه. وتعتبر الإصابات الجسدية طبيعية في زمن الحروب، ولم نشهد على أنواع أخرى من الإصابات المفاجئة وغير المتوقعة إلا في حادثتيّ انفجار "بايجرز" وأجهزة اللاسلكي".
المشهد أمام مستشفى الـAUB (نبيل إسماعيل).
وعن سيناريو إنشاء مستشفيات بديلة، يعترف هارون بأن "التجارب السابقة علمتنا أن المستشفيات الميدانية ليست مفيدة كفاية، وعادة يقع الثقل الأكبر على المستشفيات الموجودة. ثمة عوائق كثيرة لمسناها في السابق وعلى رأسها تأمين بنى تحتية والصرف الصحي والنظافة والتعقيم. وبالتالي، لم تثبت التجارب نجاح المستشفيات الميدانية، ونحتاج إلى تقديم الدعم المادي للمستشفيات الموجودة فعلياً للصمود أمام هذه الأزمات".
تجارب سابقة غير مشجعة
لا يختلف موقف رئيس هيئة "الصحة حق وكرامة" الدكتور #اسماعيل سكرية، عن نقيب المستشفيات الخاصة. يعرف كلاهما عمل القطاع الصحي عن كثب واختبرا تجارب عدة كفيلة باستخلاص العبر.
ويوضح سكرية أن "المستشفيات الميدانية في لبنان هي باب كبير للسرقة والسمسرات والفساد،لأن كل شيء ميداني خارج إطار المؤسسات تصبح أسهل سرقة الأموال فيه للأسف. وتعتبر التجارب السابقة مع المستشفيات الميدانية خير دليل على ذلك. بالتالي، يمكن أن يُستثمر الدعم المادي في تعزيز قدرات المستشفيات الحكومية أولاً واعطاء تحفيزات مالية إلى الكوادر الطبية والتمريضية كي تواصل عملها".
ويشدد سكرية على "أننا لم نصل بعد إلى مرحلة الحرب الشاملة. ولم تنقطع الأوصال بين المناطق. وبالتالي، ما زال القطاع الصحي قادراً على النهوض بواجبه، ونعرف تماماً كيفية عمله والطواقم الموجودة فيه والبنى التحتية".
حتى الآن، يستمر المشهد الصحي في لبنان في الوقوف على شفير الهاوية، لكنه صامد. لكن، إلى متى يستمر ذلك في ظل الآفاق المفتوحة للحرب؟