تواصل إسرائيل خرقها لكل القوانين الدولية والإنسانية بإصرارها على استخدام الفوسفور الأبيض، الذي يُشكّل انتهاكاً صارخاً لحقوق المدنيين. صحيح أن الفوسفور الأبيض بشكل عام غير محرّم دولياً إلّا أنّ استخدامه بهذه الطريقة ضد المدنيين والمناطق الآهلة والزراعية تجعله غير قانونيّ، ويصبح بالتالي محرّم الاستخدام بهذه الطريقة، بل يصنّف هذا الاستخدام جريمة حرب.
ونتيجة للانتهاكات المتواصلة في لبنان وغزة، اعتبرت المنظمة الحقوقية الدولية "هيومن رايتس ووتش" استخدام إسرائيل الفوسفور الأبيض على نطاق واسع في جنوبي لبنان يُبرز الحاجة إلى قانون دوليّ أقوى بشأن الأسلحة الحارقة.
يحظّر القانون الدولي استخدام الفوسفور الأبيض ضدّ المدنيين في مناطق مكتظة وآهلة بالسكان. بالاستناد إلى قانون الحرب، يمكن استخدام الفوسفور الأبيض الحارق ضدّ الأهداف العسكرية المنفصلة عن المناطق السكنية أو لأغراض تكتيكية، إلّا أنّه وفق البروتوكول المعمول به منذ العام 1983 يُحرّم استخدامه ضدّ المدنيين.
ما هو الفوسفور الأبيض؟
هو مادة كيميائية ُمحّرم استعمالها دوليًا في الأعمال العسكّرية، وتشتعل عند تعرّضها للأوكسجين الموجود في الهواء. ينتج هذا التفاعل الكيميائي حرارة شديدة تصل إلى 800 درجة مئوية، مع ضوء ودخان أبيض كثيف ورائحة تشبه رائحة الثوم .
يسبّب الفوسفور الأبيض أضراراً مباشرة عند التعرّض له، وتصنّف وفق مستويات، أقرّتها وزارة الصحة:
- عند ملامسته جلد الإنسان: يسّبب حروقًاً شديدًة وعميقةً يكون لونها أصفر، وتتوهج تحت الأشعة ما فوق البنفسجية، وقد تبلغ العظام. يكون الشفاء من هذه الحروق بطئياً، وربما تتطوّر إلى التهابات خطيرة. أمّا إذا لم تتم إزالة جميع شظايا الفوسفور الأبيض، فيصبح في الإمكان أن تؤدي إلى تفاقم الجروح بعد العلاج، أو أن تشتعل مجدداً عند تعرضها للأوكسجين.
- عند تنشقه: يُسبّب نوبات ربو وسعال، وقد يؤدي إلى تلف في الجهاز التنفسي.
- عند تعرّض العينين إلى أبخرة الفوسفور الأبيض: يسبّب تهيجاً شديداً وإحساساً بوجود جسم غريب. فيهما. وقد يؤدّي أيضاً إلى إفراط في إنتاج الدموع، وتشنّج في الجفن، وزيادة في الحساسية تجاه الضوء، أو إلى رهاب الضوء. يمكن أن يسبّب كذلك ضرراً للقرنية أو ثقباً، أو التهاباً في داخل مقلة العين.
- فشل في الأعضاء: في بعض الأحيان قد يسبّبّ فشلًا في الأعضاء الحيوية للجسم.
وسائل التعرض للفوسفور الأبيض
يمكن للجسم امتصاص الفوسفور الأبيض عن طريق استنشاق هواء ملوث، أو ملامسة تربة ملوّثة، أو شرب مياه ملوّثة، أو السباحة في مياه ملوثة، أو تناول أسماك أو طيور من مواقع تحتوي على الفوسفور الأبيض.
ما هي الإسعافات الأولية عند التعرض للفوسفور الأبيض؟
ينبغي للمسعف، عند تقديم المساعدة، أن يرتدي الثياب الواقية لحماية نفسه، قبل إسعاف المصاب وإبعاده أولاً عن المكان. بعد ذلك، يقوم بنزع الثياب الملوثة بالفوسفور الأبيض، ويضع فوطة مبللة بالماء على الأنف والفم للتنفس عبرها. وعند الوصول إلى مكان آمن، يجب خلع الملابس أو الكمامات الملوثة ووضعها في أكياس مخصّصة مزدوجة محكمة الأغلاق.
يكون العلاج الأوليّ بعد التعرّض للفوسفور الأبيض علاجاً تخفيفياً في المقام الأول، إذ لا يوجد أيّ دواء عند التسمّم بالفوسفور الأبيض.
تختلف طريقة التعامل مع حالة الشخص المصاب بالفوسفور الأبيض بحسب طريقة التعرّض له. وتُقسم وزارة الصحة هذه الإرشادات وفق مكان الإصابة:
1- العين: يجب إبعاد المصاب فوراً عن مكان الإصابة، ثم غسل العينين بكمية كبيرة من الماء البارد لمدة 15 دقيقة على الأقل. كذلك يجب إبقاء العيون مغطاة بكمادات رطبة لمنع جزيئات الفوسفور الأبيض من الاشتعال مجدداً. ومن المهم تجنب وضع أيّ مرهم ذي تركيبة زيتية أو دهنية لأنه قد يزيد من امتصاص الفوسفور.
2- الأنف: يجب إبعاد المصاب فوراً عن مكان التعرّض، ثم مراقبة التنفس والنبض. من المهم التأكد من أن المجرى التنفسّي للمصاب غير مسدود. إذا كان هناك صعوبة في التنفس فالواجب إعطاء المصاب الأوكسجين أو القيام بالتنفس الاصطناعي
3- الجلد: يجب إبعاد المصاب فوراً عن مكان التعرّض، ثم غمر المناطق المصابة من الجلد بالماء أو إبقاؤها مغطاة بضمادات مبلّلة. كذلك، يجب إرواء الجلد بقوة بالماء لإزالة الفوسفور الأبيض المطمور في الجلد، بالإضافة إلى إزالة الجزيئات المرئية ووضعها في عاء من الماء لتقليل خطر تعرّض المسعف لها.
في موازاة ذلك، تُشكّل مادة الفوسفور الأبيض خطراً كبيراً على النظام البيئي، والتربة تحديداً، لأنها تساهم في قتل بيوض الحشرات والتخفيف من الزهور المحليّة، إضافة إلى تلويثها المياه والثروة السمكية والهواء.
ولمعرفة حقيقة الأضرار التي لحقت بالتربة والأراضي الزراعية، من المهم إجراء تحاليل لقياس ترسّبات المواد السّامة فيها. لذلك، يجب أخذ عينات بالآلاف لتقدير حجم الضرر بالتربة والزراعة في كلّ مكان قبل الحديث عن أيّ شيء آخر.
من الواضح توجّه إسرائيل لإحداث أضرار جسيمة وطويلة الأمد بهدف إخلال النظام البيئيّ بشكل كامل وجعل المناطق غير قابلة للحياة.